الدير
يعتبر الدير أكبر الآثار في البتراء والوصول إليه شاق وحفرت واجهته في صخر رمادي أصفر. وفيه غرفة صغيرة حفرت في الصخر سكنها النسّاك، وعلى واجهتيه رسم لأسدين نُقشا عليها؛ لهذا سمّى "قبر الأسد".
ثماني مائة درجة منحوتة تصعدك إلى هذا البناء الضخم الذي يبلغ عرض واجهته 47 مترًا تقريبًا وارتفاعه 40 مترًا تقريبًا. ومن الواضح أن هذا المعبد أو الضريح كان موقعًا هامًا للحج. ومن القرن الرابع فصاعدًا استعمل كدير إبّان الحقبة البيزنطية المسيحية التي رسمت خلالها الصلبان على جداره الخلفي.
صهاريج الجن
صهاريج الجن الغامضة بعض الشيء تقع بعد عدة أمتار من المدخل. وهي ثلاثة صروح حجرية اختلفت الآراء في غرض استعمالها الأصلي، فالبعض يعتقد أنها أضرحة، بينما يظن آخرون أنها كانت مكرسة للإله النبطي "دوشارا".
ضريح المسلة
سُمي ضريح المسلة بهذا الاسم بسبب المسلات الأربعة الموجودة في الطابق العلوي من الصرح. وكانت المسلة رمزًا جنائزيًا نبطيًا. ويظن أن الغرف المنحوتة كانت قاعات لتكريم الموتى.
لعل الأضرحة الملكية هي الأكثر تأثيرًا في النفس من بين الـ 500 ضريح الموجودة في البتراء.
إن أكبرها، وهو ضريح الجرة، ينافس بسهولة الخزنة والدير في الحجم، ويعتقد أنه نُحت حوالي سنة 70م، وقد تم تحويل الغرفة الرئيسية فيه، البالغ حجمها 17م × 18.9م في أواسط القرن الخامس، واستُعملت ككنيسة بيزنطية.
هذا الضريح الأصغر حجمًا، والذي أتلفته العوامل الطبيعية كثيرًا، جدير بالملاحظة بسبب ألوانه المتألقة. فالألوان الحمراء والصفراء والرمادية تنساب خلال الحجر والواجهة لها كورنيش مزدوج.
ضريح سكستيوس فلورنتينوس
وهو الضريح الواقع على مسافة بعيدة من الأضرحة الملكية، وهو الضريح الوحيد في البتراء الذي يحمل تاريخًا. فقد نُحت حوالي سنة 130م للحاكم الروماني"سكستيوس فلورنتينوس" الذي حكم الولاية العربية. ويسرد نقش موجود فوق مدخله حياة الحاكم وأعماله.
ويقع هذا الضريح بين خزنة فرعون والمدرج الروماني، وله ساحة واسعة طولها 64 مترًا وعرضها 20 مترًا، وفي هذه الساحة حفر الأنباط بئرًا لتنظيف المذبح. ويقع الهيكل إلى الغرب من المذبح.
والمذبح مكان لا يصله المرء إلا بعد رحلة قصيرة شاقة عبر ممرات وأدراج جبلية، فهو على قمة جبل ترتفع 1037 مترًا فوق سطح البحر، ولكنه يكافأ بعد هذه المشقة بمشاهدة مناظر البتراء الجميلة. ستجد فوق القمة مسلتين ارتفاعهما سبعة أمتار، ويعتقد أنهما تمثالان لإلهين نبطيين، هما "دوشارا"، و"العزى".
والبنت هي أميرة ذُكرت في قصة خرافية كانت تسكن ذلك القصر وتتألم من عدم وجود مياه جارية فيه، ومن ثم وعدت أن تتزوج من يحضر المياه للقصر وتزوجت شخصًا كان طامعًا بها. والقصر كان هيكلاً بناه الأنباط في القرن الأول قبل الميلاد تكريمًا للإله "ذو الشرى".
ضريح الجندي الروماني
يستطيع الزوار النزول من العلية (المكان المرتفع) حيث المذبح عبر طريق مختلفة إلى وادي فراسة حيث يقع ضريح الجندي الروماني. لقد كان هذا الضريح ذات يوم متصلاً بالتريكلينيوم المواجهة بواسطة فناء معمد، ويوحي أسلوب البناء هناك والتماثيل المنحوتة وعليها دروع رومانية بأن الضريح بُني بعد ضم الرومان للمنطقة في سنة 106م.
يتكون المدرج من 33 صفًا منحوتا في صخر رملي رمادي، ويتسع لأكثر من ثلاثة آلاف متفرج.
ومقابل هذا المدرج توجد مجموعة من القبور المنحوتة في الصخر، وقد عثر في هذا الموقع على وعاء للخمر وعلى زجاجة وعلى تمثال لأحد الآلهة من الرخام، وقد أصابه التلف، وعُثر على قطعة نقدية فضية للملك عبيدة الثاني (30-9 ق م ) وعلى حلقتين من الذهب للأنف وعلى صحون فخارية جميلة يعود تاريخها للقرن الأول قبل الميلاد.
وعلى مقربة من القبور بلّط الرومان الشارع الرئيسي، ورفعوا الأعمدة على طرفي الشارع.
ما هي "البتراء"؟!
هي المستترة بين الوديان الضيقة القديمة في الجنوب، أكثر كنوز الأردن الوطنية غموضًا ومجداً. إن البتراء تقدير أبدي لحضارة مفقودة.
ترتبط المدينة الفريدة بالأنباط الذين جعلوها عاصمة لهم، والأنباط قبيلة عربية بدوية كانت ترعى الماشية وتتنقل من مكان إلى آخر بحثاً عن الكلأ، ووصل قسم منها في ترحاله إلى البتراء التي كان يعيش فيها الآدوميون وأقاموا بينهم في مدنهم وقراهم. ونظرًا لموقع تلك المنطقة الجغرافي بين مصر وفلسطين وشبه الجزيرة العربية والعراق وسوريا؛ ما لبثت الحياة فيها أن أغرت الأنباط بترك البداوة إلى التجارة. وباتوا يقطعون الصحراء حاملين الذهب والفضة والحجارة الكريمة والبهارات والأخشاب الثمينة من بلاد فارس وجنوب الجزيرة العربية والبخور والمر من حضرموت. لكن الروم أغرتهم ثروات الأنباط فانقضوا على المدينة ونهبوها ذات مرة، لكن الأنباط سرعان ما لحقوا بهم وقضوا عليهم واستعادوا ما نُهب منهم. وامتد نفوذ الأنباط في عام 90 قبل الميلاد بعد أن وقعت معركة دامية بينهم وبين الروم إلى المنطقة الجنوبية من سوريا (الأردن وجبل الدروز حاليًا). ولم يتمكن الروم من التغلب على أنباط البتراء على الرغم من حملاتهم.
واتسعت مملكة الأنباط حتى وصلت وادي سرحان شرقًا إلى نهر الأردن غربًا، والبحر الأحمر جنوبًا إلى بلاد الشام شمالاً.
وتأثرت بحكم موقعها الجغرافي بالحضارة اليونانية وأصبحت عاصمة الأنباط تفوق المدن العشر جمالاً، وقد حاول الرومان غزوها والقضاء على استقلالها لكن الأنباط اشتروا استقلالهم بالمال. غير أنه عثر على عملة سُكّت في روما ويعود تاريخها إلى سنة 58 قبل الميلاد نُقِش على أحد وجهيها الملك الحارث ممسكا جملاً بيده وجاثيًا على إحدى ركبتيه ومادًّا سعف النخل، وهو ما يبين أن النفوذ الهيليني السياسي والعسكري قد زال وحلَّ محله الوجود الروماني. ولم يلبث الرومان أن قضوا على مملكة الأنباط سنة 105 وأسموها المقاطعة العربية. وفي سنة 636 أصبحت البتراء خاضعة للحكم العربي، وعاش من تبقى من سكانها على الزراعة، لكن زلزالاً أصابها سنة 746/748 أعقبته زلازل أخرى أفرغتها من أهلها.
ودخلت البتراء في سبات عميق استمر قرونًا طويلة، واستسلمت لأشعة الشمس الحارقة وللرياح العاصفة. فتوارت عن الأنظار حتى اكتشفها جوهان بوركهارت عام 1812، وبدأ علماء الآثار بها إلى أن زارها عام 1896 "لويس موصل"، وكتب عنها كتابًا أسماه "Arabia Petraea"، وهو ما لفت أنظار العالم إلى هذا الموقع الأثري الفريد