الوتر: ما صح فيه من الاحاديث وفتاوى وارآء اهل العلم فيه وما يخصه أحاديث صحيحة في صلاة الوتر:
عن عليٍّ قال :"
الوِتْرُ ليس بِحَتْمٍ كصلاتِكم المكتوبةِ ولكنْ سَنَّ رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ وقالَ إنَّ اللهَ وِتْرٌ يُحِبُّ الوِتْرَ ، فأَوْتِرُوا يا أهلَ القُرآن "
الراوي : علي بن أبي طالب المحدث : الترمذي .المصدر : سنن الترمذي الصفحة أو الرقم: 453 خلاصة حكم المحدث : حسن "
يا أهل القرآن أوتروا فإن الله وتر يحب الوتر"
الراوي : علي بن أبي طالب المحدث : أبو داود .المصدر : سنن أبي داود الصفحة أو الرقم: 1416 خلاصة حكم المحدث : سكت عنه [وقد قال في رسالته لأهل مكة كل ما سكت عنه فهو صالح] " إنَّ اللهَ ، عزَّ وجلَّ ، زادكم صلاةً فصلوها فيما بين صلاةِ العشاءِ إلى صلاةِ الصبحِ الوترُ ، ألا وإنه أبو بصرةَ الغفاريُّ ، قال أبو تَميمٍ : فكنتُ قاعدًا فأخذ أبو ذرٍّ بيدي ، فانطَلَق إلى أبي بصرةَ ، فوجَدْناه عندَ البابِ الذي عندَ دارِ عمرِو بنِ العاصِ ، قال : فقال أبو ذرٍّ : يا أبا بصرةَ أنتَ سمِعتَ رسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم يقولُ :" إنَّ اللهَ ، عزَّ وجلَّ ، زادكم صلاةً فصلُّوها فيما بين صلاةِ العشاءِ إلى الصبحِ الوتر الوتر ؟" قال : نعَم قال : أنتَ سمِعتَه ؟ قال : نعَم"الراوي : رجل من الصحابة المحدث : البوصيري .المصدر : إتحاف الخيرة المهرة الصفحة أو الرقم: 2/387 خلاصة حكم المحدث : سنده رجاله رجال الصحيح "
الوَتْرُ حقٌّ فمَنْ لمْ يُوتِرْ فليسَ مِنَّا الوَتْرُ حقٌّ فمَنْ لمْ يُوتِرْ فليسَ مِنَّا الوَتْرُ حقٌّ فمَنْ لمْ يُوتِرْ فليسَ مِنَّا "
الراوي : بريدة بن الحصيب الأسلمي المحدث : العيني .المصدر : عمدة القاري الصفحة أو الرقم: 7/16 خلاصة حكم المحدث : صحيح "
علَّمني رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ كلماتٍ أقولُهنَّ في الوترِ .قال ابنُ جوَّاسٍ:" في قنوتِ الوترِ"،" اللهمَّ اهدِني فيمن هديتَ وعافِني فيمن عافيتَ وتولَّني فيمن تولَّيتَ وبارِكْ لي فيما أعطيتَ وقِني شرَّ ما قضيتَ إنك تَقضي ولا يُقضى عليك وإنه لا يَذِلُّ من واليتَ ولا يعِزُّ من عاديتَ تباركتَ ربَّنا وتعاليتَ "
الراوي : الحسن بن علي بن أبي طالب المحدث : أبو داود .المصدر : سنن أبي داود الصفحة أو الرقم: 1425 خلاصة حكم المحدث : سكت عنه [وقد قال في رسالته لأهل مكة كل ما سكت عنه فهو صالح] عن عليٍّ قال :"
الوِتْرُ ليس بِحَتْمٍ كصلاتِكم المكتوبةِ ولكنْ سَنَّ رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ وقالَ إنَّ اللهَ وِتْرٌ يُحِبُّ الوِتْرَ ، فأَوْتِرُوا يا أهلَ القُرآنِ "
الراوي : علي بن أبي طالب المحدث : الترمذي .المصدر : سنن الترمذي الصفحة أو الرقم: 453 خلاصة حكم المحدث : حسن فتاوى واراء في صلاة الوتر: كيف تصلى صلاة الوتر:الإجابــة: الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد: فصلاة الوتر وردت بعدة صور، منها:
أن تصلي ركعة واحدة في نهاية صلاة الليل ، التي هي مثنى مثنى ، فتكون صليت مثلا ثنتين وواحدة ، أو أربعا وواحدة .. وهكذا حتى تبلغ عشرا وواحدة .
أن تقتصرعلى ركعة واحدة بتكبير وركوع وسجود ، وتشهدٍ وتسليم . بعد أن تصلي العشاء الآخرة ولا تصلي قبلها شيئا من صلاة الليل ، وهذه أقل صورة مجزئة.
أن تصلي ثلاثا كصلاة المغرب. وهي طريقة الأحناف ، وبقية المذاهب يصلونها على الطريقة الأولى .
أن تصلي ثلاث ركعات متصلات ، أو خمسا ، أو سبعا أو تسعا أو إحدى عشرة ركعة متصلة، لا تتشهد إلا في آخرها تشهدا واحدا ، ولك أن تصليها كذلك ، لكن بتشهدين في الركعة الأخيرة والتي قبلها .
وأكثر الوتر إحدى عشرة ركعة وأقله ركعة واحدة ، وأدنى الكمال ثلاث ركعات . والله أعلم
...........................
هل الوتر ركعة واحدة ؟ ام مجموع ما يصليه من أشفاع مختومة بهذه الركعة ؟اختلف العلماء في مسمى
الوتر هل هو ا
لركعة الواحدة التي تكون في آخر صلاته، أو هو
مجموع ما يصليه من أشفاع مختومة بهذه الركعة.
وبناء على معرفة هذا الخلاف يظهر ما ينبغي على المصلي أن ينويه بالركعات التي يتطوع بها قبل الوتر، هل ينوي بها الوتر أو ينوي بها التطوع المطلق أو ينوي غير ذلك، وقد فصل
الحافظ ابن رجب رحمه الله في شرحه على البخاري هذه المسألة وبين مذاهب العلماء فيها، ونحن نسوق طرفا من كلامه لما فيه من التحرير النفيس، قال عليه الرحمة:
"
وقول النبي في حديث ابن عمر: "
صلاة الليل مثنى مثنى ، فإذا خشي أحدكم الصبح صلى ركعة واحدة ، توتر له ما قد صلى "
يدل على أن هذه الركعة الواحدة جعلت مجموع ما صلى قبلها وتراً، فيكون الوتر هو مجموع صلاة الليل الذي يختم بوتر."
وهذا قول
إسحاق بن راهويه واستدل بقول النبي
أوتروا يا أهل القرآن)، وإنما أراد صلاة الليل.
وقالت طائفة:
الوتر هو الركعة الأخيرة، وما قبله فليس منه. وهو قول طائفة من أصحابنا، منهم:
الخرقي وأبو بكر وابن أبي موسى . وفي كلام أحمد ما يدلُّ عليه.
ومن اهل العلم من قال :
الجميع وتر. كما عن
المالكية ،
أن ما قبل الوتر هو شفع له. وقاله بعض أصحابنا - أيضا. وقد ذكر
أبو عمرو بن الصلاح: أن أصحاب الشافعي اختلفوا في ذلك على أوجه:
أحدها:
أن من أوتر بثلاث ينوي بالركعتين مقدمة الوتر، وبالأخيرة الوتر - : قاله أبو محمد الجويني.
والثاني :
أنه ينوي بالركعتين سنة الوتر وبالثالثة الوتر- : حكاه الروياني .
قال : وفي هذين الوجهين تخصيص للوتر بالركعة الأخيرة ، والثاني يشعر بأن للوتر سنة ، ولا عهد لنا بسنة لها سنة هي صلاة.
وفي الوجهين أن الركعتين قبل الوتر لهما تعلق بالوتر.
والثالث:
أن ينوي بما قبل الركعة الأخيرة التهجد أو قيام الليل، وفي هذا قطع لذلك عن الوتر.
قال: وما اتفقت عليه هذه الوجوه من تخصيص الوتر بالركعة المفردة على وفق قول الشافعي في رواية البويطي - : الوتر ركعة واحدة . وقال الماوردي: لا يختلف قول الشافعي : أن الوتر ركعة واحدة .
ويشهد للوجه الثالث حديث ابن عمر: "
صلاة الليل مثنى مثنى ، فإذا خشيت الصبح ، فأوتر بواحدة "
. والرابع :
أنه ينوي بالجميع الوتر - : قاله القاضي أبو الطيب الطبري ، واختاره الروياني .
ويشهد له : قول الشيخ أبي إسحاق وغيره :
أقل الوتر ركعة ، وأكثره إحدى عشرة ركعة . وفي بعض كلام الشافعي إيماء إليه .
قال : وهو المختار ؛ لأن فيهِ جمعا بين الأحاديث كلها؛ إذ الواحدة الأصل في الإيتار، وبها يصير ما قبلها وتراً. انتهى.
وينبغي أن تعلم أنه
لا تعارض بين نية قيام الليل ونية الوتر، أو بين
نية التهجد ونية الوتر، فإن
الوتر من قيام الليل بلا شك، فلو ظهرت لك قوة القول بأن الوتر هو مجموع هذه الركعات فنويت بهذه الركعات الوتر لم يكن ذلك منافيا لكونه قيام ليل أو تهجدا، قال ابن رجب: وفي (شرح المهذب ): الصحيح المنصوص - يعني : عن الشافعي في ( الأم ) و( المختصر ) - :
أن الوتر يسمى تهجداً. انتهى
وظاهر كلام
ابن القيم رحمه الله أن
الوتر هو
اسم للركعة الواحدة أو للثلاث الموصولة أو الخمس أو السبع الموصولة، وأما
ما قبلها من أشفاع فلا يسمى وترا،
وعليه فإن المصلي لا ينوي بهذه الركعات الأشفاع التي يفعلها قبل الوتر أنها وتر، وإنما ينوي بها قيام الليل أو التهجد قال
ابن القيم في إعلام الموقعين: "
والوتر اسم للواحدة المنفصلة مما قبلها وللخمس والسبع والتسع والتسع المتصلة كالمغرب اسم للثلاث المتصلة فإن انفصلت الخمس والسبع بسلامين كالإحدى عشرة كان الوتر اسما للركعة المفصولة وحدها كما قال النبي صلى الله عليه وسلم:" صلاة الليل مثنى مثنى فإذا خشى الصبح أوتر بواحدة توتر له ما صلى" . انتهى
وفي د"ليل الفالحين"
لابن علان الشافعي: وعن ابن عمر رضي اللّه عنهما عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:"
اجعلوا آخر صلاتكم بالليل وتراً."
فيسن جعله الأقل منه والأكمل بعد صلاة الليل التي يريد فعلها فيه من راتبة أو تراويح أو تهجد أو نفل مطلق، وكأن حكمة ذلك أن الوتر أفضل من هذه الصلوات الليلية، فندب وقوعه عقبها ليختم عمله بالأفضل فتعود عليه بركته ويحوز نفعه. انتهى.
.....................
الوتر وصلاة التراويح:
تسن صلاة التراويح وهي عشرون ركعة أو ست وثلاثون أو ثمان على خلاف بين العلماء في عددها، ويسن الإيتار بعدها، و
الوتر يكون
بركعة أو ثلاث أو خمس أو أكثر من ذلك كما بان لنا في صفة الوتر، ويسن صلاة الوتر في جماعة تبعا للتراويح، قال في
كشاف القناع:"
الجماعة شرعت للتراويح مطلقا بخلاف الوتر فإنه إنما تشرع له الجماعة تبعا للتراويح." انتهى.
ويشرع الإيتار بعد التراويح بثلاث ركعات، سواء صلاها موصولة أو فصل بينها بالتسليم، وينوي بها الوتر،
قال في
كشاف القناع: "
ويوتر بعدها " أي التراويح (في الجماعة بثلاث ركعات) لما تقدم عن مالك عن يزيد بن رومان (فإن كان له تهجد جعل الوتر بعده) استحبابا لقوله ـ صلى الله عليه وسلم ـ «
اجعلوا آخر صلاتكم بالليل وترا» متفق عليه. انتهى
وبه
تعلم أن تلك الركعات الثلاث التي تصلى بعد التراويح هي الوتر، ينوي بها المصلي الوتر إن صليت متصلة، وإن فصل بينها بالتسليم نوى بالركعتين الأوليين الوتر كذلك، وقيل ينوي به قيام الليل، وقيل ينوي به مقدمة الوتر، أو سنته ، وإن أوتر بواحدة حصلت السنة وبأكثر من الثلاث جاز.
..........................
ما هي حالات وكيفيات الشفع والوتر:
فإن لكيفية الشفع والوتر بثلاث ركعات ، " حالتان " كل منهما واردة:فالأولى منهما وهي :
صلاة ركعتين وسلام وصلاة ركعة واحدة بعدهما، دليلها ما رواه البخاري عن عبد الله بن عمر قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم:"
صلاة الليل مثنى مثنى، فإذا أردت أن تنصرف فاركع ركعة توتر لك ما صليت."
وذكر البخاري عن القاسم ـ يعني القاسم بن محمد ـ قال: رأينا أناسا منذ أدركنا يوترون بثلاث، وإن كلا لواسع، وأرجو أن لا يكون بشيء منه بأس.
أما
الصورة الثانية:
وهي
الوصل بين الركعات الثلاث وتسليمة بعد الثالثة، فقد قال ابن القيم ـ رحمه الله ـ في زاد المعاد وهو يعدد صور وتره صلى الله عليه وسلم: السابع:
أنه كان يصلي مثنى مثنى ثم يوتر بثلاث لا فصل فيهن، فهذا رواه الإمام أحمد عن عائشة أنه كان يوتر بثلاث لا فصل فيهن. انتهى.
فالمهم أن كلا من الفصل والوصل في الوتر صحيح، والوصل هو المتعين في المذهب الحنفي الذي قد يكون الإمام المذكور يتبعه ويأخذ به في كيفية صلاة الوتر عندهم، ومنها التكبير بعد انتهاء القراءة والإتيان بالقنوت قبل الركوع.
وعلى من اقتدى بإمام يَصِلُ في الوتر أن يَصِلَ معه، لئلا يخالفه مع أن الفصل فيما نرى هو الأولى.
.....................
صلاة الوتر على المذهب الحنفي:
فإن كيفية
صلاة الوتر عند الحنفية هي:
أن يصلي المصلي ثلاث ركعات يجلس بعد الثانية منهن، ويتشهد ولا يسلم إلا في آخرهن، يقرأ في الأولى الفاتحة والأعلى، وفي الثانية الفاتحة والكافرون، وفي الثالثة الفاتحة والإخلاص، ثم عندما ينتهي من القراءة في الثالثة يكبر وهو قائم، ويدعو بدعاء القنوت:"
اللهم إنا نستعينك ونستغفرك ونثني عليك الخير كله ولا نكفرنك، ونخلع ونترك من يفجرك، اللهم إياك نعبد، ولك نصلي ونسجد وإليك نسعى ونحفد، نرجو رحمتك ونخشى عذابك، إن عذابك بالكفار ملحق" ثم يركع ويتم صلاته، وهذه الصورة متعينة عندهم في صلاة الوتر. "
واستدلوا لذلك بما أخرجه الحاكم في المستدرك عن عائشة رضي الله تعالى عنها قالت:"
كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يوتر بثلاثٍ، لا يسلم إلا في آخرهن. "
واستدلوا أيضاً بما أخرجه الطحاوي عن أبي العالية قال:"
علمنا أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم أن الوتر مثل صلاة المغرب، غير أن نقرأ في الثالثة، فهذا وتر الليل، وهذا وتر النهار. "
ولا يجوز عندهم الإيتار بركعة واحدة ويسمونها البتراء، ويروون في النهي عنها حديثاً لم يثبت عند أهل العلم.
والوتر عندهم واجب، وهو ع
ند الجمهور سنة مؤكدة، و
لكونه واجباً عند الأحناف ألزم المرء أن يصليه قائماً، وأن
يقضيه إذا فاته، سواء كان سبب الفوات النسيان أم العمد، وسواء طالت المدة أم قصرت.
فهذا مجمل كيفية صلاة الوتر في المذهب الحنفي، ولكن عليك أن تعلم أن الواجب على المسلم هو العمل بكتاب الله تعالى وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم، وعدم التعصب لمذهب معين، أو قول مهما كانت جلالة قائله إذا كان الراجح من حيث الدليل خلافه.
لذلك، فالذي تقتضي الأدلة رجحانه هو أن الوتر سنة مؤكدة، وليس بواجب وجوب الصلوات الخمس، وأنه يجوز الإيتار بواحدة، وإن كان الأكمل أن يوتر المرء بثلاثٍ أو خمس أو سبع، وفي حالة الإيتار بثلاث ينبغي أن لا تكون مثل المغرب، وإنما يفصل بين الركعتين والركعة بتسليم، أو يوصل الجميع من غير جلوس بعد الثانية، وأن الوتر مثل غيره من النوافل يجوز أن يصليه المرء جالساً، وأن يصليه على الراحلة. أما
أدلة عدم الوجوب، فهي كثيرة منها: حديث الأعرابي الذي جاء إلى النبي صلى الله عليه وسلم يسأله عن الإسلام، فقال: يا رسول الله، أخبرني ماذا فرض الله علي من الصلاة، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "
الصلوات الخمس إلا أن تطوع" إلى آخر الحديث، وفيه أن الأعرابي قال:
والله لا أزيد على هذا، ولا أنقص منه، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: "
أفلح إن صدق".
وفي رواية أن النبي صلى الله عليه وسلم قال له: "
خمس صلوات في اليوم والليلة"، فقال الأعرابي:
هل علي غيرها؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "
لا، إلا أن تطوع" والحديث في الصحيحين وغيرهما.
فالنبي صلى الله عليه وسلم في هذا الحديث نفى فرضية أي صلاة ما سوى الصلوات الخمس، وأخبر بفلاح من التزم بهن، ولم يزد عليهن شيئاً. ومنها بعض الآثار عن الصحابة، منها ما ثبت عن
علي رضي الله عنه أنه قال:
الوتر ليس بحتم، كصلاتكم المكتوبة، ولكن سنة سنها رسول الله صلى الله عليه وسلم، وقال: "
إن الله وتر يحب الوتر، فأوتروا يا أهل القرآن".
أخرجه ابن حبان في صحيحه، والحاكم في مستدركه، والترمذي والنسائي، وابن ماجه في سننهم، والإمام أحمد في المسند.ومنها ما ثبت أن
عبادة بن الصامت سئل عن الوتر؟ فقال: "
أمر حسن عمل به النبي صلى الله عليه وسلم، والمسلمون من بعده، وليس بواجب".
وأما دليل جواز الإيتار بواحدة فمنه ما ثبت في الصحيحين وغيرهما أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "
صلاة الليل مثنى مثنى، فإذا خفت الصبح، فأوتروا بواحدة".
وزاد مسلم في روايته: فقيل لابن عمر ما مثنى مثنى؟ قال: أن تسلم في كل ركعتين.
وورد تفسير ابن عمر هذا مرفوعاً في بعض روايات المسند لهذا الحديث.
ومنه ما في صحيح مسلم وغيره أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:"
الوتر ركعة من آخر الليل. "
ومنه ما في السنن وصحيح ابن حبان أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "
الوتر حق، فمن أحب أن يوتر بخمس فليوتر، ومن أحب أن يوتر بثلاثٍ فليوتر، ومن أحب أن يوتر بواحدة فليوتر بها، ومن شق عليه ذلك، فليومئ إيماءً".
فهذه الأحاديث وأمثالها تدل على جواز الإيتار بركعة واحدة. وظاهرها يدل على أنه سواء تقدم على تلك الركعة شفع قبلها أو لا، وما استدل به القائلون على عدم جواز ذلك مما هو ثابت صالح الاحتجاج ليس دليلاً في محل النزاع، وغاية ما فيه إثبات أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يفعل ذلك، أو أنه الأولى، وهذا محل اتفاق.
وأما الدليل على أن من
أوتر بثلاث عليه أن لا يصليها على هيئة صلاة المغرب، فهو ما أخرجه الحاكم في المستدرك وقال هذا حديث صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه وقال الذهبي في التلخيص على شرطهما وأخرجه ابن حبان في صحيحه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "
لا توتروا بثلاثٍ تشبهوا بصلاة المغرب، ولكن أوتروا بخمس أو سبع، أو بإحدى عشرة ركعة، أو أكثر من ذلك". وهذا لفظ الحاكم.
وحديث عائشة المتقدم الذي استدل به المخالفون ليس فيه تصريح بأن النبي صلى الله عليه وسلم
كان يصلي الثلاث بتشهدين مثل صلاة المغرب، وغاية ما فيه أنه
كان لا يسلم إلا في آخرها، فيحمل فعله ذلك على أنه كان يصليها متصلة يجلس في آخرها فقط، ويسلم، جمعاً بين الأحاديث، كما قال الحافظ ابن حجر وغيره.
وأما دليل
عدم اشتراط القيام في صلاة الوتر، فهو ما أخرجه الشيخان وغيرهما من أن النبي صلى الله عليه وسلم: "
كان يوتر على بعيره". والله أعلم.
.....................
ما حكم الصلاة خلف الإمام الذي يصلي الوتر بتشهدين في صلاة التراويح؟ وهل أكمل الصلاة معه؟ أم أصلي التراويح معه وأصلي الوتر في البيت؟.
الإجابــة:
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فخلاف العلماء في صفة الوتر مشهور منتشر، ومذهب الحنفية في المسألة معروف وهو أنه لا يجوز الإيتار بواحدة منفصلة، بل يوتر بثلاث يجلس بينهن، قال ابن قدامة: الذي يختاره أبو عبد الله:
أن يفصل ركعة الوتر بما قبلها، وقال: إن أوتر بثلاث لم يسلم فيهن لم يضيق عليه عندي، وقال:
يعجبني أن يسلم في الركعتين، وممن كان يسلم بين الركعتين والركعة
ابن عمر حتى يأمر ببعض حاجته، وهو مذهب معاذ القارئ ومالك والشافعي وإسحاق، وقال أبو حنيفة:
لا يفصل بسلام، وقال الأوزاعي: إن فصل فحسن وإن لم يفصل فحسن. انتهى.
ثم ساق ابن قدامة أدلة ما ذكر من المذاهب.
وجاء في الموسوعة الفقهية في بيان صور الإيتار بثلاث:
الصورة الثالثة:
الوصل بين الركعات الثلاث، بأن يجلس بعد الثانية فيتشهد ولا يسلم، بل يقوم للثالثة ويسلم بعدها، فتكون في الهيئة كصلاة المغرب، إلا أنه يقرأ في الثالثة سورة بعد الفاتحة خلافا للمغرب.
وهذه الصورة هي المتعينة عند
الحنفية، قالوا:
فلو نسي فقام للثالثة دون تشهد، فإنه لا يعود، وكذا لو كان عامدا عند أبي حنيفة، وهذا استحسان، والقياس أن يعود، واحتجوا لتعينها بقول أبي العالية: علمنا أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم: أن الوتر مثل صلاة المغرب، فهذا وتر الليل، وهذا وتر النهار.
وقال
الشافعية: هي
جائزة مع الكراهة، لأن تشبيه الوتر بالمغرب مكروه. وقال
الحنابلة:
لا كراهة إلا أن القاضي أبا يعلى منع هذه الصورة.
وخير ابن تيمية بين الفصل والوصل. انتهى.
فإذا علمت هذا، فالذي ينبغي للمأموم هو أن يتابع إمامه فلا ينصرف حتى ينصرف، ليحصل ثواب من قام مع الإمام حتى ينصرف وأنه يكتب له قيام ليلة كاملة، ولئلا يكون ذلك مثارا للفتنة والنزاع وفساد القلوب، فإن الخلاف شر، كما قال ابن مسعود ـ رضي الله عنهما.
قال
الموفق في المغني:
إذا ثبت هذا، فإنه إذا صلى خلف إمام يصلي الثلاث بتسليم واحد تابعه، لئلا يخالف إمامه، وبه قال
مالك، وقد قال
أحمد في رواية
أبي داود فيمن يوتر فيسلم من الثنتين فيكرهونه يعني أهل المسجد قال: فلو صار إلى ما يريدون - يعني أن ذلك سهل لا تضر موافقته إياهم فيه. انتهى.
وقال
شيخ الإسلام ـ رحمه الله: ويسوغ ـ أيضًا ـ
أن يترك الإنسان الأفضل لتأليف القلوب، واجتماع الكلمة خوفًا من التنفير، عما يصلح كما ترك النبي صلى الله عليه وسلم بناء البيت على قواعد إبراهيم، لكون قريش كانوا حديثي عهد بالجاهلية، وخشي تنفيرهم بذلك. ورأى أن مصلحة الاجتماع والائتلاف، مقدمة على مصلحة البناء على قواعد إبراهيم.
وقال
ابن مسعود لما أكمل الصلاة خلف عثمان، وأنكر عليه فقيل له، في ذلك، فقال:
الخلاف شر.
ولهذا نص الأئمة ـ كأحمد وغيره ـ على ذلك بالبسملة، وفي وصل الوتر، وغير ذلك مما فيه العدول عن الأفضل إلى الجائز المفضول، مراعاة ائتلاف المأمومين، أو لتعريفهم السنة، وأمثال ذلك. انتهى.
فهذه المسائل السهلة التي هي محل اجتهاد بين العلماء لا ينبغي أن تكون مثارا للنزاع والفرقة. والله أعلم.
..........................
حكم صلاة ركعتين بعد الوتر:
سمعت أنه صلى الله عليه وسلم كان يصلي الليل دون جلوس بين الركعات، ثم يصلي ركعتين جالسا، فلم أفهم كيف ذلك؟ فهل من تفصيل؟.الإجابــة:
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلعلك تقصد الحديث الذي جاء في بعض الروايات عن عائشة ـ رضي الله عنها ـ في صفة وتر رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقد جاء في شرح صحيح مسلم للنووي: قولها:"
يصلي من الليل ثلاث عشرة ركعة يوتر من ذلك بخمس لا يجلس في شيء إلا في آخرها" ـ وفي رواية أخرى:"
يسلم من كل ركعتين "ـ وفي رواية: "ي
صلي أربعا، ثم أربعا، ثم ثلاثا ـ" وفي رواية: "
ثمان ركعات، ثم يوتر بركعة ـ" وفي رواية: "
عشر ركعات ويوتر بسجدة...." إلى أن قال: قولها: "
كان يصلي ثلاث عشرة ركعة يصلي ثمان ركعات، ثم يوتر، ثم يصلي ركعتين وهو جالس، فإذا أراد أن يركع قام فركع، ثم يصلي ركعتين بين النداء والإقامة من صلاة الصبح "ـ
هذا الحديث أخذ بظاهره
الأوزاعي وأحمد فيما حكاه القاضي عنهما فأباحا ركعتين بعد الوتر جالسا.
وقال
أحمد: لا أفعله ولا أمنع من فعله، قال: وأنكره
مالك قلت:
الصواب أن هاتين الركعتين فعلهما صلى الله عليه وسلم بعد الوتر جالسا لبيان جواز الصلاة بعد الوتر وبيان جواز النفل جالسا ولم يواظب على ذلك، بل فعله مرة أو مرتين أو مرات قليلة. انتهى.
وقد تحدث الإمام
ابن القيم عن هاتين الركعتين قائلا:
وقد أشكل هذا على كثير من الناس، فظنوه معارضا، لقوله صلى الله عليه وسلم:"
اجعلوا آخر صلاتكم بالليل وترا "ـ وأنكر
مالك ـ رحمه الله ـ هاتين الركعتين، وقال
أحمد:
لا أفعله ولا أمنع من فعله، قال: وأنكره
مالك.
وقالت طائفة:
إنما فعل هاتين الركعتين، ليبين جواز الصلاة بعد الوتر، وأن فعله لا يقطع التنفل، وحملوا قوله:"
اجعلوا آخر صلاتكم بالليل وترا "ـ
على الاستحباب، و
صلاة الركعتين بعده على الجواز،
والصواب: أن يقال:
إن هاتين الركعتين تجريان مجرى السنة، وتكميل الوتر، فإن الوتر عبادة مستقلة، ولا سيما إن قيل بوجوبه فتجري الركعتان بعده مجرى سنة المغرب من المغرب، فإنها وتر النهار، والركعتان بعدها تكميل لها، فكذلك الركعتان بعد وتر الليل، والله أعلم. انتهى.
وبناء على ما سبق، فالركعتان بعد الوتر ثبتتا عن النبي صلى الله عليه وسلم، لكن بعض أهل العلم حملوهما على جواز النفل بعد الوتر، وقالوا إن الأفضل هو ختم قيام الليل بالوتر امتثالا لأمره صلى الله عليه وسلم، كما جاء في الحديث الصحيح. والله أعلم.