أيهما أفضل أمّنا عائشة أم أمّنا خديجة علما بأن كل أمهات المسلمين - رضوان الله عليهن أجمعين- فُضليات طاهرات عفيفات .
اولا:
التعريف بأمنا خديجة رضوان الله عليها:
خديجة أم المؤمنين زوجة رسول الله -
صلى الله عليه وسلم - هي:
خديجة أم القاسم ابنة خويلد بن أسد بن عبد العزى بن قصي بن كلاب القرشية الأسدية ،
وأمها هي
فاطمة بنت
زائدة قرشية من بني عامر بن لؤي (العامرية)،
ولدت قبل عام الفيل بخمس عشرة سنة، وكانت من أوسط قريش نسباً، وأعظمهم شرفاً، عُرفت بالطاهرة لتركها ما كانت تفعله نساء الجاهلية، وكانت تاجرة ذات شرف ومال، وقد تزوجها النبي - صلى الله عليه وسلم - وعمره
خمس وعشرون سنة وعمرها أربعون سنة، وكانت خديجة قد تزوجت سابقا بـ أبي هالة بن زرارة التميمي ، ثم خلف عليها بعده عتيق بن عابد بن عبد الله بن عمر بن مخزوم ، ثم بعده سيدنا النبي -صلى الله عليه وسلم-، ولم يتزوج عليها غيرها حتى ماتت ، لفضلها ومكانتها عنده فإنها كانت نعم القرين، وقد ولدت له القاسم وبه كان يُكنى ثم زينب، ورقية، وأم كلثوم، وفاطمة، وعبد الله، وكان يُلقب بالطيب والطاهر، ومات بنوه كلهم في صغرهم، أما البنات فأدركن الإسلام فأسلمن وهاجرن، إلا أن الوفاة أدركتهن في حياته سوى فاطمة، فقد ماتت بعده بأشهر، وهي أول من آمن به وصدقه قبل كل أحد، وثبَّتت جأشه، ومضت به إلى ابن عمها ورقة بن نوفل ، وقد أمر الله نبينا أن يبشرها ببيت في الجنة من قصب لا صخب فيه ولا نصب.فأم المؤمنين خديجة بنت خويلد بن أسد القرشية الأسدية، وهي من أفضل نساء الأمة.
قال
الذهبي- رحمه الله -:
"
كانت عاقلة جليلة دينة مصونة كريمة من أهل الجنة، وكان النبي - صلى الله عليه وسلم - يُثني عليها ويفضلها على سائر أمهات المؤمنين، ويبالغ في تعظيمها، حتى إن عائشة كانت تقول: "
ما غرت من امرأة ما غرت من خديجة من كثرة ذكر النبي - صلى الله عليه وسلم - لها".
روى
البخاري و
مسلم في صحيحيهما من حديث
أبي هريرة - رضي الله عنه - قال:"
أَتَى جِبرِيلُ النَّبِيَّ - صلى الله عليه وسلم -
فَقَالَ:
"
يَا رَسُول الله: هَذِهِ خَدِيجَةُ قَدْ أَتَتْ، مَعَهَا إِنَاءٌ فِيهِ إِدَامٌ أَوْ طَعَامٌ أَوْ شَرَابٌ، فَإِذَا هِيَ أَتَتْكَ فَاقْرَأْ عَلَيْهَا السَّلَامَ مِنْ رَبِّهَا، وَمِنِّي، وَبَشِّرْهَا بِبَيْتٍ فِي الْجَنَّةِ مِنْ قَصَبٍ لَا صَخَبَ فِيهِ وَلَا نَصَبَ"
و
القصب: لؤلؤ مجوف واسع كالقصر المنيف.
و
الصخب: اختلاط الأصوات.
و
النصب: التعب.
قال
السهيلي:
"
وإنما بشرها ببيت في الجنة من قصب - يعني قصب اللؤلؤ - لأنها حازت قصب السبق إلى الإيمان، لا صخب فيه ولا نصب؛ لأنها لم ترفع صوتها على النبي - صلى الله عليه وسلم - ولم تتعبه يوماً من الدهر، فلم تصخب عليه يوماً ولا آذته أبداً" [
البداية والنهاية لابن كثير (4/317)].
قال
ابن إسحاق:
"
تتابعت على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - المصائب بهلاك أبي طالب وخديجة، وكانت خديجة وزيرة صدق، أبوها يجتمع مع النبي - صلى الله عليه وسلم - في جده الرابع قُصي بن كلاب، وأمها تجتمع مع النبي - صلى الله عليه وسلم - في جده الثامن لؤي بن غالب، وكانت ذات مال، فعرضت على النبي - صلى الله عليه وسلم - أن يخرج في مالها إلى الشام، فخرج مع مولاها ميسرة، فلما قدم باعت خديجة ما جاء به فأضعف، فرغبت فيه، فعرضت نفسها عليه، فتزوجها وأصدقها عشرين بكرة".
قال
ابن إسحاق :"
تتابعت على رسول الله صلى الله عليه وسلم المصائب بهلاك أبي طالب وخديجة . وكانت خديجة وزيرة صدق . وهي أقرب إلى قصي من النبي صلى الله عليه وسلم برجل . وكانت متمولة ، فعرضت على النبي صلى الله عليه وسلم أن يخرج في مالها إلى الشام ، فخرج مع مولاها ميسرة . فلما قدم باعت خديجة ما جاء به ، فأضعف ، فرغبت فيه ، فعرضت نفسها عليه ، فتزوجها ، وأصدقها عشرين بكرة ".
سير اعلام النبلاء:15 توفيت أمنا خديجة رضي الله عنها ، كما صح من حديث أمنا عن
عائشة رضي الله عنها : "
إن خديجة توفيت قبل أن تفرض الصلاة".
وصح من حديث
عبدالله بن عباس رضي الله عنهما عن النبي عليه الصلاة والسلام قوله :
"
سيدةُ نساءِ أهلِ الجنةِ بعد مريمَ بنتِ عِمرانَ ، فاطمةُ [ بنتُ محمدٍ ] وخديجةُ ، وآسِيةُ امرأةُ فرعونَ".
ابن عبدالبر في الاستيعاب: 4/383.حديث صحيح وقيل :
توفيت رضوان الله عليها في رمضان ، ودفنت بالحجون عن خمس وستين سنة.
مقبرة الحجون، معروفة في مكة ، وتعرف بمقبرة (المعلا)، وقبلها (الشرشورة) وهي الجهة التي يغسلون فيها الموتى، ويجهزونهم للصلاة عليهم. وتعرف الجهة الأخرى التي فيها قبر السيدة خديجة بـ (جنة المعلا)، وللفيروزآبادي رسالة صغيرة باسم "إثارة الحجون بمعرفة من دفن من الصحابة بالحجون". وهي على يسار النازل من الحجون المتجه إلى الحرم. قال
الواقدي : "
خرجوا من شعب بني هاشم قبل الهجرة بثلاث سنين فتوفي أبو طالب وقبله خديجة بشهر وخمسة أيام".
وقال
الحاكم:"
ماتت بعد أبي طالب بثلاثة أيام ".
وروى
عروة عن
عائشة قالت:
"
توفيت خديجة قبل أن تفرض الصلاة".
وقال
قتادة و عروة: "
ماتت قبل الهجرة بثلاث سنين".
من مواقفها العظيمة -
رضي الله عنهما -:
ما رواه
البخاري في صحيحه من حديث
عائشة- رضي الله عنهما - قالت:
"
أَوَّلُ مَا بُدِئَ بِهِ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - مِنَ الْوَحْيِ الرُّؤْيَا الصَّالِحَةُ فِي النَّوْمِ، فَكَانَ لَا يَرَى رُؤْيَا إِلَّا جَاءَتْ مِثْلَ فَلَقِ الصُّبْحِ،.... ثم قال في آخر الحديث:
" فَرَجَعَ بِهَا رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - يَرْجُفُ فُؤَادُهُ، فَدَخَلَ عَلَى خَدِيجَةَ بِنْتِ خُوَيْلِدٍ فَقَالَ:
"زَمِّلُونِي زَمِّلُونِي"،
فَزَمَّلُوهُ حَتَّى ذَهَبَ عَنْهُ الرَّوْعُ، فَقَالَ لِخَدِيجَةَ وَأَخْبَرَهَا الْخَبَرَ: "لَقَدْ خَشِيتُ عَلَى نَفْسِي" فَقَالَتْ:
( كَلَّا وَاللَّهِ مَا يُخْزِيكَ اللهُ أَبَدًا، إِنَّكَ لَتَصِلُ الرَّحِمَ، وَتَحْمِلُ الْكَلَّ، وَتَكْسِبُ الْمَعْدُومَ، وَتَقْرِي الضَّيْفَ، وَتُعِينُ عَلَى نَوَائِبِ الْحَقِّ)،
فَانْطَلَقَتْ بِهِ خَدِيجَةُ حَتَّى أَتَتْ بِهِ وَرَقَةَ بْنَ نَوْفَلِ بْنِ أَسَدِ بْنِ عَبْدِ الْعُزَّى ابْنَ عَمِّ خَدِيجَةَ، وَكَانَ امْرَأً قَدْ تَنَصَّرَ فِي الْجَاهِلِيَّةِ، وَكَانَ يَكْتُبُ الْكِتَابَ الْعِبْرَانِيَّ فَيَكْتُبُ مِنَ الْإِنْجِيلِ بِالْعِبْرَانِيَّةِ مَا شَاءَ اللَّهُ أَنْ يَكْتُبَ، وَكَانَ شَيْخًا كَبِيرًا قَدْ عَمِيَ، فَقَالَتْ لَهُ خَدِيجَةُ يَا ابْنَ عَمِّ، اسْمَعْ مِنَ ابْنِ أَخِيكَ )، فَقَالَ لَهُ وَرَقَةُ:" يَا ابْنَ أَخِي مَاذَا تَرَى؟" فَأَخْبَرَهُ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - خَبَرَ مَا رَأَى، فَقَالَ لَهُ وَرَقَةُ: " هَذَا النَّامُوسُ الَّذِي نَزَّلَ اللهُ عَلَى مُوسَى، يَا لَيْتَنِي فِيهَا جَذَعًا لَيْتَنِي أَكُونُ حَيًّا إِذْ يُخْرِجُكَ قَوْمُكَ "، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم -:
"أَوَ مُخْرِجِيَّ هُمْ؟"، قَالَ:" نَعَمْ لَمْ يَأْتِ رَجُلٌ قَطُّ بِمِثْلِ مَا جِئْتَ بِهِ إِلَّا عُودِيَ، وَإِنْ يُدْرِكْنِي يَوْمُكَ أَنْصُرْكَ نَصْرًا مُؤَزَّرًا"، ثُمَّ لَمْ يَنْشَبْ وَرَقَةُ أَنْ تُوُفِّيَ وَفَتَرَ الْوَحْيُ".
البخاري في كتاب بدء الوحي:(4)، وأخرجه مسلم في كتاب الإيمان: (160). و
من مواقفها العظيمة:
أنها شاركت النبي -
صلى الله عليه وسلم -
في السراء والضراء، ودخلت معه في حصار الشِّعب الذين اشتد عليهم فيه الجوع والعطش . وفي السنة التي خرجوا فيها من الشِّعب توفيت خديجة.
و
كانت-
رضي الله عنهما -
من أفضل نساء الأمة، روى البخاري : 3432 ، ومسلم :2430 ، من حديث عبدالله بن جعفر- رضي الله عنه - قال:"
سمعت علياً بالكوفة وهو يقول:
سمعت رسول الله -
صلى الله عليه وسلم -
يقول:
"
خَيْرُ نِسَائِهَا مَرْيَمُ ابْنَةُ عِمْرَانَ وَخَيْرُ نِسَائِهَا خَدِيجَةُ"
وفي هذا الحديثِ بَيانُ فَضيلَةِ مَريمَ ابنةِ عِمرانَ عليها السَّلامُ وفَضيلَةِ أُمِّ المؤمنينَ خَديجَةَ بِنتِ خُوَيْلِدٍ رضي اللهُ عنها؛ فإنَّه صلَّى اللهُ عليه وسلَّم أثبَتَ الخَيْرِيَّةَ والأَفضليَّةَ لكُلٍّ مِنهُمَا في زَمانِها، فقال: «خَيْرُ نِسائِها مَريمُ ابنةُ عِمرانَ، وخَيرُ نِسائِها خَديجَةُ»، أي: مَريمُ خَيرُ النِّساءِ في زَمانِها، وخَديجةُ خَيرُ النِّساءِ في زَمانِها.
وقيل: المرادُ به أنَّ مَريمَ عليها السَّلامُ وخَديجَةَ رضي اللهُ عنها خَيرٌ مِن جَميعِ نِساءِ الأرضِ.
ومن حب النبي - صلى الله عليه وسلم -
لخديجة ووفائه لها، ما رواه
البخاري : 3818 ، و
مسلم :2435 ، من حديث
عائشة- رضي الله عنهما - قالت:
"
ما غِرتُ على أحدٍ من نساءِ النبي صلَّى اللهُ عليه وسلَّم ما غِرتُ على خديجةَ، وما رأيْتُها، ولكن كان النبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم يُكثرُ ذِكرَها، وربما ذبح الشاةَ، ثم يُقَطِّعُها أعْضاءً، ثُمَّ يَبْعَثُها في صَدائِقِ خديجَةَ، فربما قُلْت له : كأنهُ لم يكُن في الدنيا امرأةٌ إلا خديجةُ، فيقول :
(
إِنَّهَا كَانَتْ وَكَانَتْ وَكَانَ لِي مِنْهَا وَلَدٌ ) ".
وفي رواية
مسلم:2435 : "
ما غرتُ على نساءِ النبيِّ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ إلا على خديجةَ . وإني لم أُدركها . قالت : وكان رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ إذا ذبح الشاةَ فيقول " أرسلوا بها إلى أصدقاءِ خديجةَ " قالت ، فأغضبتُه يومًا فقلتُ : خديجةُ ؟ فقال رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ "
إني قد رُزِقْتُ حُبَّها ".
وفي الصحيحين :
البخاري: 3821 ، و
مسلم : 2437 ، من حديث
عائشة- رضي الله عنهما - قالت:
اسْتَأْذَنَتْ هَالَةُ بِنْتُ خُوَيْلِدٍ أُخْتُ خَدِيجَةَ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم -
فَعَرَفَ اسْتِئْذَانَ خَدِيجَةَ فَارْتَاعَ، فَقَالَ:"
اللَّهُمَّ هَالَةَ بِنْتُ خُوَيْلِدٍ"،
فَغِرْتُ فَقُلْتُ:
مَا تَذْكُرُ مِنْ عَجُوزٍ مِنْ عَجَائِزِ قُرَيْشٍ حَمْرَاءَ الشِّدْقَيْنِ ، هَلَكَتْ فِي الدَّهْرِ، فأَبْدَلَكَ اللَّهُ خَيْرًا مِنْهَا.
وفي رواية
الهيثمي في
مجمع الزوائد :9/227 -ب‘سناد حسن- ، من حديث
عائشة أم المؤمنين:
" كان رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم إذا ذكَر خديجةَ أثنى فأحسَن الثَّناءَ قالت فغِرْتُ يومًا فقلْتُ ما أكثرَ ما تذكُرُ حمراءَ الشِّدْقَين قد أبدلَك اللهُ خيرًا منها قال :" (
ما)
أبدَلَني اللهُ خيرًا منها ! قد آمنَتْ بي إذ كفَر بي النَّاسُ ، وصدَّقَتْني إذ كذَّبَني النَّاسُ ، وواسَتْني بمالِها إذ حرَمَني النَّاسُ ، ورزَقَني اللهُ أولادَها وحرَّمَني أولادَ النَّاسِ".
وكانت وفات خديجة رضي الله عن أم المؤمنين ، بعد بعثة النبي - صلى الله عليه وسلم - بعشر سنين في شهر رمضان.وقيل: بثمان. وقيل: بسبع، فأقامت مع سيدنا النبي - عليه الصلاة والسلام - خمساً وعشرين سنة، ودُفنت بالحجون، ويعرف سنة وفاتها بـ عام الحزن، لشدة حزن النبي - صلى الله عليه وسلم - على فراقها رضوان الله عليها .
ثانيا:
أمنا عائشة بنت الصديق أبي بكر رضي الله عنها و عن أبيها:
عائشة الصديقة بنت الصديق أبي بكر، عبد الله بن أبي قحافة ، القرشية، التيمية، المكية.
وأمها هي أم رومان الكنانية بنت عامر بن عويمر، بن عبد شمس، بن عتاب، بن أذينة بن سبيع، بن دهمان بن الحارث، بن غنم بن مالك بن كنانة ولدت أم المؤمنين عائشة -رضي الله عنها -
في مكة المكرمة قبل الهجرة بسبع سنين تقريباً.
وقد تربت - رضي الله عنها -
في بيت الصديق (
تسع سنين)،
وفي بيت النبوة (
تسع سنين أيضًاً).
زواج النبي -
عليه الصلاة والسلام منها:
بعد وفاة خديجة - رضي الله عنها - لبث رسول الله - صلى الله عليه وسلم -
قريبا من سنتين دون زوجة، ثم جاءته خولة بنت حكيم - رضي الله عنها -
فعرضت عليه خطبة عائشة بنت أبي بكر الصديق ،
فعقد عليها النبي - صلى الله عليه وسلم -
بمكة، وهي بنت ست سنين ودخل بها في المدينة المنورة، وهي بنت تسع سنين.
فقد صح عند
البخاري:3894 ، من حديث
أم المؤمنين عائشة - رضي الله عنها -
وصفها زواجها من رسول الله - صلى الله عليه وسلم -
فقالت:
"
تزوجني النبي صلَّى اللهُ عليه وسلَّم وأنا بنت ست سنين، فقدمنا المدينة، فنزلنا في بني الحارث بن خزرج، فوعكت فتمزق شعري فوفى جميمة، فأتتني أمي أم رومان، وإني لفي أرجوحة، ومعي صواحب لي، فصرخت بي فأتيتها، لا أدري ما تريد بي فأخذت بيدي حتى أوقفتني على باب الدار، وإني لأنهج حتى سكن بعض نفسي، ثم أخذت شيئا من ماء فمسحت به وجهي ورأسي، ثم أدخلتني الدار، فإذا نسوة من الأنصار في البيت، فقُلْن :" على الخير والبركة، وعلى خير طائر" ، فأسلمتني إليهن، فأصلحن من شأني، فلم يرعني إلا رسول الله صلَّى اللهُ عليه وسلَّم ضحى، فأسلمتني إليه، وأنا يومَئذ بنت تسع سنين".
لقبت أمنا عائشة - رضي الله عنها
بألقاب منها:
1
-
عائش: ففي الصحيحين ،
البخاري:3768، و
مسلم:2447 ، من حديث أمنا
عائشة قالت:"
" قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يا عائش!) هذا جبريل يقرئك السلام". قلت : "وعليك السلام ورحمة الله وبركاته".
ورواية
مسلم:
"
(يا عائشُ ! ) هذا جبريلُ يقرأُ عليك السلامَ ". قالت فقلت : " وعليه السلامُ ورحمةُ اللهِ ". قالت : "وهو يرى ما لا أرى".
صحيح مسلم: 2447 2-
حميراء: صح بسند صحيح ، كما عند
ابن حجر العسقلاني في فتح الباري : 2/515، من حديث أمنا
عائشة قالت:
"
دخل الحبشةُ يلعبونَ ، فقال لي النبيُّ صلَّى اللهُ عليْهِ وسلَّمَ يا حميراءُ أتُحبِّينَ أن تنظرينَ إليهم ؟) فقلتُ : نعم ولفظ حميراء معناه البيضاء، لأن أم المؤمنين كانت بيضاء رضي الله عنها. والعرب تطلق على الأبيض أحمر لغلبة السمرة على لون العرب.
[size=16]]القاموس المحيط للفيروز آبادي، مجلس دائرة المعارف العثمانية، حيدر آبادر - الهند عام 1972 م، ط2 ص 3487]. والعرب تقول:
امرأة حمراء أي بيضاء.
وسئل
ثعلب: لم خص الأحمر دون الأبيض؟ فقال: (
لأن العرب لا تقول رجل أبيض من بياض اللون، إنما الأبيض عندهم الطاهر النقي من العيوب، فإذا أرادوا الأبيض من اللون قالوا أحمر)
لسان العرب المحيط، لابن منظور ، إعداد يوسف خياط و نديم مرعشلي، دار لسان العرب المحيط، مج1/ 7143-
ابنة الصديق ،
ابنة أبي بكر : كما صح عند ابن ماجه بسند صحيح: 3403 ، من حديث أمنا عائشة - أم المؤمنين رضي الله عنها - قالت:"
قلت يا رسول الله ﴿
وَالَّذِينَ يُؤْتُونَ مَا آَتَوْا وَقُلُوبُهُمْ وَجِلَةٌ ﴾
[المؤمنون: 60] هوالذي يزني ويشرب الخمر ويسرق؟ قال:
(
لا يا ابنة الصديق)،
ولكنه الرجل يصوم ويصلي ويتصدق، ويخاف أن لا يقبل منه".
"
يا رَسولَ اللَّهِ (
وَالَّذِينَ يُؤْتُونَ مَا آتَوْا وَقُلُوبُهُمْ وَجِلَةٌ )
أَهوَ الَّذي يَزني ويَسرِقُ، ويَشرَبُ الخمرَ ؟
قالَ:
(
لا، يا بِنتَ أبي بَكْرٍ أو يا بِنتَ الصِّدِّيقِ )
ولَكِنَّهُ الرَّجلُ يَصومُ، ويتَصدَّقُ، ويُصلِّي، وَهوَ يَخافُ أن لا يُتقبَّلَ منهُ".
وصح عند
مسلم : 2442 ، من حديث أمنا
عائشة :"
...قالت فقال رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ وتبسم "
إنها ابنةُ أبي بكرٍ ".
وتمام الحديث للفائدة:
" أرسل أزواجُ النبيِّ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ فاطمةَ ، بنتِ رسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ ، إلى رسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ . فاستأذنت عليه وهو مضطجعٌ معي في مِرْطي . فأذنَ لها . فقالت : يا رسولَ اللهِ ! إنَّ أزواجك أرسلْنَني إليك يسألْنَكَ العدلَ في ابنةِ أبي قحافةَ . وأنا ساكتةٌ . قالت فقال لها رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ " أي بنيةِ ! ألستِ تُحبين ما أحبُّ ؟ " فقالت : بلى . قال " فأحبِّي هذه " قالت ، فقامت فاطمةُ حين سمعت ذلك من رسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ . فرجعت إلى أزواجِ النبيِّ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ فأخبرتهُنَ بالذي قالت . وبالذي قال لها رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ . فقلن لها : ما نراكِ أغنيْتِ عنا من شيٍء . فارجعي إلى رسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ فقولي له : إنَّ أزواجكَ ينشدْنُكَ العدلَ في ابنةِ أبي قحافةَ . فقالت فاطمةُ : واللهِ ! لا أُكلِّمُه فيها أبدًا . قالت عائشةُ : فأرسل أزواجُ النبيِّ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ زينبَ بنتَ جحشٍ ، زوجُ النبيِّ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ ، وهي التي كانت تُساميني منهن في المنزلةِ عند رسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ . ولم أرَ امرأةً قط خيرًا في الدِّينِ من زينبَ . وأتْقَى للهِ . وأصدقَ حديثًا . وأوصلَ للرحمِ . وأعظمَ صدقةً . وأشدَّ ابتذالًا لنفسها في العملِ الذي تصدق به ، وتقرب به إلى اللهِ تعالى . ما عدا سَوْرَةً من حِدَّةٍ كانت فيها . تسرعُ منها الفيئةَ . قالت ، فاستأذنتْ على رسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ . ورسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ مع عائشةَ في مِرْطها . على الحالةِ التي دخلت فاطمةُ عليها وهو بها . فأذن لها رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ . فقالت : يا رسولَ اللهِ ! إنَّ أزواجك أرسلنني إليك يسألْنَكَ العدلَ في ابنةِ أبي قحافةَ . قالت ثم وقعت بي . فاستطالت عليَّ . وأنا أرقبُ رسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ ، وأرقب طرفَه ، هل يأذنُ لي فيها . قالت فلم تبرح زينبُ حتى عرفتُ أنَّ رسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ لا يكرَه أن أنتصرَ . قالت فلما وقعتُ بها لم أنشُبْها حين أنحيتُ عليها . قالت فقال رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ وتبسم " إنها ابنةُ أبي بكرٍ " .4-
الموفقة:
كما صح في المسند ، بسند صحيح عند
أحمد شاكر:5/39، من حديث
عبدالله بن عباس أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم قال:
"
من كان له فرطانِ من أمَّتي دخل الجنةَ " فقالت عائشةُ :" بأبي فمن كان له فرطٌ ؟ " ، فقال : " ومن كان له فرطٌ يا مُوفَّقةُ "، قالت :" فمن لم يكنْ له فرطٌ من أمتِك؟" ، قال :" فأنا فرطُ أمتي لم يصابوا بمِثلي".
5-
أم عبد الله:
كما صح عند
أبي داود بسند صحيح :4970 ، من حديث أمنا
عائشة - رضي الله عنها ، قولها لرسول الله - صلى الله عليه وسلم -:
"
يا رسولَ اللهِ، كلُّ صواحبي لهن كُنى"، قال : " فاكتني بابنك عبدِ اللهِ"– يعني ابنَ أختِها،
عبدَ اللهِ بنِ الزبيرِ – فكانت تكنى ب :
أمَّ عبدِ اللهِ كما صح عند
ابن حبان بسند صحيح :7117 ، من حديث أمنا
عائشة - رضي الله عنها ، قالت :"
لَمَّا وُلِد عبدُ اللهِ بنُ الزُّبيرِ أتَيْتُ به النَّبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم ،
فتفَل في فيه فكان أوَّلَ شيءٍ دخَل جوفَه ، وقال :
(
هو عبدُ اللهِ وأنتِ أمُّ عبدِ اللهِ )
فما زِلْتُ أُكْنى بها وما ولَدْتُ قطُّ".
6-
أم المؤمنين:
لقبت أمنا عائشة رضي الله عنها كغيرها من أمهات المؤمنين كما قال الحق سبحانه وتعالى:
﴿
النَّبِيُّ أَولَى بِالْمُؤْمِنِينَ مِنْ أَنْفُسِهِمْ وأَزْواجُهُ أُمَّهَاتُهُمْ وأُولُوالْأَرْحَامِ بَعْضُهُمْ أَولَى بِبَعْضٍ فِي كِتَابِ اللَّهِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ والْمُهَاجِرِينَ إِلَّا أَنْ تَفْعَلُوا إِلَى أَولِيَائِكُمْ مَعْرُوفًا كَانَ ذَلِكَ فِي الْكِتَابِ مَسْطُورًا ﴾.
سورة الأحزاب: 6. في فضلها و مفاضلتها على غيرها من أزواج سيدنا النبي -
عليه الصلاة والسلام - :
قال
ابن القيم في (
بدائع الفوائد ج: 3 ص: 684)
سئل عن
خديجة و
عائشة أمّي المؤمنين
أيهما أفضل فأجاب:
"
بأن سبق خديجة وتأثيرها في أول الإسلام ونصرها وقيامها في الدين ، لم تشركها فيه عائشة ولا غيرها من أمهات المؤمنين.
وتأثير عائشة في آخر الإسلام وحمل الدين وتبليغه إلى الأمة وإدراكها من العلم ، ما لم تشركها فيه خديجة ولا غيرها مما تميزت به غيرها". وجاء في (
زاد المعاد ج: 1 ص: 104)
لـابن القيم :
"
وفاطمة أفضل بناته على الإطلاق، وقيل إنها أفضل نساء العالمين، وقيل بل أمها خديجة ، وقيل بل عائشة ، وقيل بل بالوقف في ذلك ".
وقول ابن القيم: "
قيل بأن فاطمة ، سيدة نساء أهل الجنة "،
صحت من حديث أمنا، أم سلمة بنت أبي أمية - هند بنت أبي أمية بن المغيرة بن عبد الله [ -رضي الله عنها ، كما في سنن الترمذي :3873 ، بسند صحيح قالت:
"
أنَّ رسولَ اللَّهِ صلَّى اللَّهُ عليهِ وسلَّمَ دعا فاطِمةَ يوم الفتحِ ، فَناجاها فبَكَت ثمَّ حدَّثَها فضحِكَت . قالت : فلمَّا توُفِّيَ رسولُ اللَّهِ صلَّى اللَّهُ عليهِ وسلَّمَ سألتُها عن بُكائِها وضحِكِها . قالت : (أخبرَني رسولُ اللَّهِ صلَّى اللَّهُ عليهِ وسلَّمَ أنَّهُ يَموتُ فبَكَيتُ ، ثمَّ أخبرَني أنِّي سيِّدةُ نساءِ أَهْلِ الجنَّةِ إلاَّ مريمَ ابنةَ عمرانَ فضَحِكْتُ".
وجاء في (
جلاء الأفهام ج: 1 ص: 234)،
لـابن القيم:
"
ومنها أنها خير نساء الأمة واختلف في تفضيلها على عائشة رضي الله عنها على ثلاثة أقوال: ثالثها (الوقف)".
وقال
عز الدين بن الأثيرفي
أسد الغابة :(7/78): "
خديجة أول خلق الله أسلم لإجماع المسلمين".
وسئل
ابن تيمية رحمه اللّه فقال:
'
اختص كل واحدة منها بخاصة (فخديجة) كان تأثيرها في أول الإسلام وكانت تسلي رسول الله وتثبته وتسكنه وتبذل دونه مالها فأدركت عزة الإسلام واحتملت الأذى في الله وفي رسوله وكانت نصرتها للرسول في أعظم أوقات الحاجة فلها من النصرة والبذل ما ليس لغيرها ، وعائشة رضي الله عنها تأثيرها في آخر الإسلام فلها من التفقه في الدين وتبليغه إلى الأمة وانتفاع نبيها بما أدت إليهم من العلم ما ليس لغيرها '...
خلاصة معنى كلامه وجاء في (
منهاج السنة النبوية ج: 4 ص: 301)، ل
ابن تيمية:
"
والجواب أولا أن يقال إن أهل السنة ليسوا مجمعين على أن عائشة أفضل نسائه ، بل قد ذهب إلى ذلك كثير من أهل السنة "،
واحتجوا بما في الصحيحين عن أبي موسى وعن أنس رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم قال :
" ...
وإن فضلَ عائشةَ على النساءِ كفضلِ الثريدِ على سائرِ الطعامِ ".
و
الثريد هو أفضل الأطعمه لأنه خبز ولحم،
كما قال الشاعر:
إذا ما الخبز تأدمه بلحم... فذاك أمانة الله الثريد .
وذلك أن البُر أفضل الأقوات، واللحم أفضل الادام ، كما في الحديث الذي رواه
ابن قتيبة وغيره عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال :"
سيد إدام أهل الدنيا والاخرة اللحم"،
فإذا كان اللحم سيد الادام والبُر سيد الأثوات ومجموعهما الثريد كان الثريد أفضل الطعام.
وقد صح من غير وجه عن الصادق المصدوق أنه قال :
"
فضل عائشة على النساء كفضل الثريد على سائر الطعام"
وفي الصحيح عن
عمرو بن العاص رضي الله عنه قال قلت يا رسول الله أي الناس أحب إليك: قال :"
عائشة "، قلت من الرجال؟ قال:"
أبوها "، قلت ثم من قال :"
عمر ".
صح عند
البخاري:4358، من حديث
عبدالرحمن بن مل النهدي أبو عثمان "
أنَّ رسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم بعَث عمرَو بنَ العاصِ على جيشِ ذاتِ السلاسلِ ، قال : فأتَيتُه فقلتُ : أيُّ الناسِ أحَبُّ إليك ؟ قال : ( عائشةُ ) . قلتُ : منَ الرجالِ ؟ قال : ( أبوها ) . قلتُ : ثم مَن ؟ قال : ( عُمَرُ ) . فعَدَّ رجالًا ، فسكَتُّ مَخافَةَ أن يجعَلَني في آخِرِهم".
واحتج البعض بأن أمّنا خديجة رضي اللّه عنها نفعت سيدنا النّبي -عليه الصلاة والسلام- في أول الإسلام نفعا لم يقم غيرها فيه مقامها، فكانت خيرًا له من هذا الوجه.
لكن أمّنا عائشة رضي اللّه عنها ، صحبت سيدنا النّبي -عليه الصلاة والسلام- ، في آخر النبوة وكمال الدين ، فحصل لها من العلم والإيمان ما لم يحصل لمن لم يدرك إلا أول زمن النبوة فكانت أفضل بهذه الزيادة ، فإن الأمة انتفعت بها أكثر مما انتفعت يغيرها وبلغت من العلم والسنة ما لم يبلغه غيرها.
فأمّنا خديجة رضي اللّه عنها ، كان خيرها مقصورا على نفس النبي -صلى الله عليه وسلم- لم تبغ عنه شيئا ، ولم تنتفع بها الأمة ، كما انتفعوا بأمّنا عائشة رضي اللّه عنها ، ولا كان الدّين قد كمُل حتى تعلمه ويحصل لها من كمال الإيمان به ما حصل لمن علمه وآمن به بعد كماله. ومعلوم أن من اجتمع همه على شيء واحد كان أبلغ فيه ممن تفرق همّه في أعمال متنوعة فخديجة رضي الله تعالى عنها كانت في هذا خيرًا لسيدنا النّبي -عليه الصلاة والسلام-.
ولكن أنواع البِرّ لم تنحصر في ذلك، فانه من الصحابة أعظم إيمانا وأكثر جهادًا بنفسه وماله كحمزة وعلي وسعد بن معاذ وأسيد بن حضير -رضي اللّه عنهم- .
وغيرهم هم أفضل ممن كان يخدم النبي صلى الله عليه وسلم وينفعه في نفسه أكثر منهم كأبي رافع وأنس بن مالك وغيرهما.
وفي تفضيل أمهاتنا عائشة وخديجة -رضي اللّه عنهنّ أجمعين-، يصعب الفصل بقول واحد متفق عليه ، فكل له أدلته وما يؤيد قوله و ترجيحه.
قال الحَافِظ
ابْن حَجَرٍ -رحمهُ اللهُ- في (
تقريب التّقريب)(2/651). : عندما ذكرَ ترجمة أمّنا
عائشة -رضيَ اللهُ عنها
"
وهيَ أفضل نساء النَّبيّ... "
ثُمّ عرّج قائلاً:
"
إلا خَديجة ؛ ففيها خلاف شهير"
قال
الذهبي:
"
هي أول من آمن به وصدقه قبل كل أحد، وثبتت جأشه ومضت به إلى ابن عمها ورقة بن نوفل عندما جاءه جبريل أول مرة في غار حراء، ومناقبها جمة، وهي ممن كمل من النساء، كانت عاقلة، جليلة، دينة، مصونة من أهل الجنة، وكان النبي صلى الله عليه وسلم يثني عليها ويفضلها على سائر أمهات المؤمنين، ويبالغ في تعظيمها حتى قالت عائشة رضي الله عنها: " ما غرت من امرأة ما غرت من خديجه من كثرة ذكر النبي صلى الله عليه وسلم لها، وما تزوجني إلا بعد موتها بثلاث سنين"." اهـ.
وصحّ عند البخاري: 3411 ، من حديث
أبوي موسى الأشعري عبدالله بن قيس، عن النّبي - عليه الصلاة والسلام- قوله: '
كمُل من الرّجالِ كثيرٌ ،ولم يكمُلْ من النساءِ إلا (آسيةُ امرأةُ فرعونَ )، و(مريم بنتُ عمرانَ )، وإن فضلَ (عائشةَ ) على النساءِ كفضلِ الثريدِ على سائرِ الطعامِ'.
فبعضُ أهل العِلم :
لا يعدلون بأمّنا خديجة رضي الله عنها وعن جميع أمهاتنا أجمعين ، لا يعدلها أحدٌ من النّساء، لأسباب منها:
سلامُ المولى سُبحانه وتعالى عليها - رضوان اللّه عليهنّ أجمعين -.
جميعُ أولاد سيدنا النبي -صلى الله عليه وسلم - من أمّنا خديجة ، إلا (إبراهيم) ابن مارية القبطية رضي اللّه عنها.
لم يتزوج سيدنا النّبيّ -عليه الصلاة والسلام- على أمّنا خديجة رضوان اللّه عليها ، حتى تُوفّيت إكراماً لها.
أمّنا خديجة كانت السبّاقة للإسلام، فهي أوّل من آمَن مِن النساء .
وهي من الصّديقات الطاهرات.
لها مقام صِدق في أول البعثة.
بذلت نفسها ومالها وكلّ ما مَلكت لسيّدنا النّبي - صلى الله عليه وسلم -.
وصح من حديث أمّنا
عائشة ، قالت:
"
كانَ رسولُ اللَّهِ صلَّى اللَّهُ عليهِ وسلَّمَ إذا ذَكرَ خديجةَ أثنى فأحسَنَ الثَّناء'َ قالت: 'فغِرتُ يومًا فقلتُ : ما أكثرَ ما تذكرُها حَمراءَ الشِّدقينِ قد أبدلَكَ اللَّهُ خيرًا منها'.
قالَمَا أبدلني اللَّهُ خيرًا مِنها ، قد آمنَتْ بي إذ كَفرَ بيَ النَّاسُ ، وصدَّقتني إذ كذَّبني النَّاسُ ، وواسَتْني بمالِها إذ حرَمَنِيَ النَّاسُ ، ورزقنيَ اللَّهُ أولادَها إذ حَرمني أولادَ النَّساءِ)".
الشوكاني في دُرّ السّحابة : 249.
و الهيثمي في مجمع الزوائد : 9/227. الحديث إسناده حسن. وصح من حديث
أبي هريرة و
أنس بن مالك ، قوله -صلى الله عليه وسلم-:
'
خيرُ نساءِ العالَمينَ : (مَريمُ بنتُ عِمرانَ) و(خديجةُ بنتُ خُوَيلد)ٍ و(فاطمةُ بنتُ مُحمَّدٍ) -صلَّى اللهُ عليه وسلَّم - ، و(آسيةُ امرأةُ فِرعونَ).'
أنس بن مالك . صحيح ابن حبان: 6951. وصح من حديث
عبداللّه بن عباس رضي الله عنهما:
'
أنَّ رسولَ اللَّهِ - صلَّى اللَّه عليهِ وعلى آلِهِ وصحبه سلَّمَ - خطَّ أربعةَ خطوطٍ ، ثمَّ قالَ : " أتَدرونَ لمَ خططتُ هذِهِ الخطوطَ ؟" قالوا : لا . قالَ : " أفضَلُ نساءِ الجنَّةِ أربعٌ :
( مريمُ بنتُ عمرانَ ) ، و(خديجةُ بنتُ خوَيْلدٍ) ، و(فاطمةُ بنتُ محمَّدٍ ) ، و(آسيةُ ابنةُ مُزاحمٍ )".
الوادعي في الصحيح المسند: 590. وصح من حديث
أنس بن مالك رضي اللّه عنه قال: "
حُسْبُكَ من نساءِ العالمينَ :
( مَرْيَمُ ابنةُ عِمْرانَ ) و(خديجةُ بنتُ خُوَيْلِدٍ ) و (فاطمةُ بنتُ مُحَمَّدٍ ) و (آسِيَةُ امرأةُ فِرْعَوْنَ )".
سنن الترمذي: 3878. وصح ايضًا من حديث
أبي هريرة رضي اللّه عنه، قال: '
أتى جبريلُ النبيَّ صلى اللّه عليه وسلّم
فقال:
(
يا رسولَ اللّهِ ، هذه خديجةُ قد أَتَتْ ، مَعها إناءٌ فيه إِدامٌ أو طعامٌ أو شرابٌ ، فإذا هي أَتَتْكَ فاقَرِأْ عليها السّلام َمِن ربِّها و مِنِّي ، وبِشِّرْهَا ببيتٍ في الجنّة مِن قَصَبٍ ، لا صَخَبٌ فيه ولا نصبٌ )".
صَحيح البخاري: 3820 [/size]