فتح سمرقند:
ونقد قصة:
" أعظم وأعجب محاكمة سمعت بها أذن في التاريخ" اولاً:
التعريف بسمرقند:
[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة] تقع مدينة "
سمرقند" فى
آسيا الوسطى، فى بلاد ما وراء النهر. وأصل الاسم "
شمرأبوكرب"، ثم حُرِّف الاسم إلى "
شمركنت" ثم عُرِبت إلى "
سمرقند"، ومعناها
وجه الأرض.
وقد وصفها "
ابن بطوطة" بقوله:
"
إنها من أكبر المدن وأحسنها وأتمها جمالا، مبنية على شاطىء وادٍ يعرف بوادي القصَّارين، وكانت تضم قصورًا عظيمة، وعمارة تُنْبِئ عن هِمَم أهلها ".
وصفها بعض الرحالة العرب
بالياقوتة الراقدة على الضفة الجنوبية لنهر زرافشان.
ثانياً:
فتح سمرقند :
فتحها
سعيد بن عثمان بن عفان صلحا عام
55هـ- 675م، ثم فتحها
سالم بن زياد عام
61هـ- 681م بعد مقاومة عنيفة. ثم فى سنة (
87هـ ـ 705 م) تم الفتح الإسلامى لمدينة "
سمرقند" على يد القائد المسلم"
قتيبة بن مسلم الباهلي" ثم أعاد فتحها مرة أخرى سنة (
92هـ ـ 710م). وبعد الفتح الإسلامى قام المسلمون بتحويل عدد من المعابد إلى مساجد لتأدية الصلاة، وتعليم الدين الإسلامى لأهل البلاد.
وفى
بداية الغزو المغولى للمدينة؛ قام "
المغول" بتدمير معظم العمائر الإسلامية، وبعد ذلك اتجه "المغول" أنفسهم بعد اعتناق الإسلام إلى تشييد العديد من العمائر الإسلامية، خاصة فى
العهد التيمورى، وذلك على مدى (150) عامًا هى فترة حكمهم لبلاد ما وراء النهر من (
617هـ ـ 1220م) إلى عام (
772هـ ـ 1670 م). وقد اتخذ "
تيمورلنك" "سمرقند" عاصمة لملكه، ونقل إليها الصُنَّاع وأرباب الحرف لينهضوا بها فنيًا وعمرانيًا، فكان عصر "تيمورلنك" بحق
عصر التشييد والعمران.
وفى القرن (
19م) استولى
الجيش الروسى على بلاد ما وراء النهر ومنها مدينة "سمرقند". وفى سنة
1918 م بعد قيام الثورة الشيوعية فى "روسيا"
استولى الثوار على مدينة "سمرقند" وظلت تحت سيطرتهم إلى أن سقطت الشيوعية فى عام (
1992 م).
نالت
أوزبكستان الاستقلال بعد سقوط الاتحاد السوفيتى.
ثالثاً:
أهم آثار ومعالم سمرقند:
اشتهرت "سمرقند" بكثرة القصور التى شيدها "
تيمورلنك" ومنها:
قصر
دلكشا (
القصر الصيفى) ؛ وقد تميَّز بمدخله المرتفع المزدان بالآجر الأزرق والمُذَّهب، وكان يشتمل على ثلاث ساحات بكل ساحة فسقيه.
قصر
باغ بهشت (
روضة الجنة) ، شُيِّد بأكمله من الرخام الأبيض المجلوب من "تبريز" فوق ربوة عالية، وكان يحيط به خندق عميق ملىء بالماء، وعليه قناطر تصل بينه وبين المنتزه.
قصر
باغ جناران (
روضة الحور)، عرف هذا القصر بهذا الاسم لأنه كانت تحوطه طرق جميلة يقوم شجر الحور على جوانبها، وكان ذا تخطيط متقاطع متعامد.
مدرسة بيبى خانيم ؛ تميز تخطيط هذا الأثر بأنه اعتمد على صحن أوسط مكشوف، وأربعة إيوانات.
مدرسة وخانقاه وضريح الأمير تيمورلنك: شيد هذا المجمع الدينى قبل عام (807هـ ـ 1405 م) المهندس الأصفهانى "
محمد بن محمود البنا".
ميدان راجستان ؛ بدأ تكوين هذا الميدان فى عهد "تيمورلنك" وكان يقوم بعرض فتوحاته فى هذا الميدان.
مسجد رجستنان.
[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة] رابعاً:
من أعلام سمرقند:
محمد بن عدي بن الفضل أبو صالح السمرقندي توفى سنة (444هـ).
أحمد بن عمر الأشعث أبوبكر السمرقندي كان يكتب المصاحف من حفظه، وتوفى سنة (489هـ).
أبو منصور محمد ابن أحمد السمرقندي، فقيه حنفى له كتاب "
تحفة الفقهاء".
محمد بن محمود الماتريدي، ويعرف بأبي منصور الماتريدي، وهو فقيه ومتكلم مشهور، ولد في ماتريد إحدى مدن سمرقند وتوفي عام 333هـ- 944م، وله الكثير من التصنيفات من أهمها
كتابه الأحكام السلطانية، كما ينسب إليه
شرح كتاب الفقه الأكبر لأبي حنيفة النعمان.
نصر بن محمد بن إبراهيم السمرقندي المفسر، والمعروف
بأبي الليث السمرقندي، صاحب كتاب
تنبيه الغافلين و
كتاب الفتاوى، وتوفي عام 375هـ- 985م.
علاء الدين السمرقندي الفقيه مؤلف كتاب
تحفة الفقهاء، وتوفي عام 539هـ- 1144م.
خامساً :
ترجمة قتيبة بن مسلم :
قتيبة بن مسلم بن عمرو بن حصين بن ربيعة ،الأمير أبو حفص الباهلي الأمير أبو حفص أحد الأبطال والشجعان ومن ذوي الحزم والدهاء والرأي والغناء وهو الذي فتح
خوارزم و
بخارى و
سمرقند وكانوا قد نقضوا وارتدوا ثم إنه افتتح
فرغانة و
بلاد الترك في سنة
خمس وتسعين.
أبوه مسلم بن عمرو من أصحاب
مصعب بن الزبير والي
العراق من قِبَل أخيه أمير المؤمنين
عبد الله بن الزبير، وقاتل معه في حربه ضد
عبد الملك بن مروان سنة (72هـ = 692م).
أمه ا
لغراء بنت ضرار بن القعقاع بن معبد بن سعد بن زرارة.
وُلِدَ
قتيبة بن مسلم في بيت إمارة وقيادة سنة (
49هـ = 669م) بـ
نجد، ولمَّا ترعرع تعلَّم العلم والفقه والقرآن، ثم تعلَّم الفروسية وفنون الحرب وقد نشأ قتيبة بن مسلم –رضي الله عنه- على ظهور الخيل رفيقًا للسيف والرمح، محبًّا للفروسية، وكانت منطقة العراق مشهورة بكثرة الفتن والثورات؛ لذلك عمل كلُّ ولاة العراق على شغل أهلها بالغزوات لاستغلال طاقاتهم الثورية في خدمة الإسلام ونشر الدعوة؛ لذلك كانت أرض العراق هي قاعدة الانطلاق للحملات الحربية على الجبهة الشرقية للدولة الإسلامية، وقد اشترك قتيبة في هذه الحملات منذ شبابه المبكِّر، وأبدى شجاعة فائقة وموهبة قيادية فذَّة، لفتت إليه الأنظار خاصة من القائد العظيم
المهلب بن أبي صفرة، وكان المهلب خبيرًا في معرفة الأبطال ومعادن الرجال؛ فتفرَّس فيه أنه سيكون من أعظم أبطال الإسلام، فأوصى به لوالي العراق الشهير
الحجاج بن يوسف الثقفي، الذي كان يحبُّ الأبطال والشجعان، فانتدبه لبعض المهامِّ ليختبره بها ويعلم مدى صحَّة ترشيح المهلب له.
ثم ولَّاه
عبد الملك بن مروان مدينة
الرَّيِّ، وولَّاه -أيضًا-
خراسان، وقد كانت حينها من أعمال العراق يوم ذاك، وهي تحت إمرة
الحجاج، فلم يعبأ بشيء سوى الجهاد، فلمَّا وصل خراسان سنة (86هـ = 705م) علا بهمَّته إلى حرب بلاد ما وراء النهر،
وأقام بخراسان ثلاث عشرة سنة.
ولي
خراسان عشر سنين وله رواية عن
عمران بن حصين وأبي
سعيد الخدري رضي الله عنهما.
وقد قتل أبوه الأمير
أبو صالح مع
مصعب بن الزبير .
و
باهلة قبيلة منحطة بين العرب قال الشاعر :
ولو قيل للكلب يا باهلي
عوى الكلب من لؤم هذا النسب .
لم ينل قتيبة أعلى الرتب بالنسب ، بل بكمال الحزم والعزم والإقدام ، والسعد ، وكثرة الفتوحات ، ووفور الهيبة ، ومن أحفاده الأمير
سعيد بن مسلم بن قتيبة الذي ولي
إرمينية ، و
الموصل ، و
السند ، و
سجستان ، وكان فارسا جوادا ، له أخبار ومناقب ، مات زمن المأمون سنة سبع عشرة ومائتين .
قتل
قتيبة بن مسلم - رضي الله عنه ورِحمَه رحمَة واسعة-
؟! سنة
96 هـ ، و
عمره 48 سنة، لما بلغه موت
الوليد بن عبد الملك نزع الطاعة فاختلف عليه جيشه وقام عليه رئيس تميم
وكيع بن حسان وألب عليه ثم شد عليه في عشرة من فرسان
تميم فقتلوا
قتيبة وعبد الرحمن وعبد الله وعبيد الله وصالح ويسار، وهؤلاء أبناء مسلم، وأربعة من أبنائهم ،في ذي الحجة سنة ست وتسعين وعاش ثمانيا وأربعين سنة
بفرغانه من
أقصى بلاد خراسان.
رثاه
عبد الرحمن بن جمانة الباهلي فقال:
كان أبا حفص قتيبة لم يسرُ * بجيش إلى جيش ولم يعل منبرا
ولم تخفق الرايات والقوم حوله * وقوفٌ ولم يشهد له الناس عسكرا
دعته المنايا فاستجاب لربه * وراح إلى الجنات عفا مطهرا
فما رزئ الإسلام بعد محمد * بمثل أبي حفص فبكّيه عبهرا
ولقد بالغ هذا الشاعر في بيته الأخير. وعبهر ولد له.
وقال الطرماح في هذه الوقعة التي قتل فيها على يد وكيع بن سود:
لولا فوارس مذحج ابنه مذحج * والأزد زعزع واستبيح العسكر
وتقطعت بهم البلاد ولم يؤب * منهم إلى أهل العراق مخبر
واستضلعت عقد الجماعة وازدرى * أمر الخليفة واستحل المنكر
قوم همو قتلوا قتيبة عنوة * والخيل جامحة عليها العثير
بالمرج مرج الصين حيث تبينت * مضر العراق من الأعز الأكبر
إذ حالفت جزعا ربيعة كلها * وتفرقت مضر ومن يتمضر
وتقدمت ازد العراق ومذحج * للموت يجمعها أبوها الأكبر
قحطان تضرب رأس كل مدجج * تحمي بصائرهن إذ لا تبصر
والأزد تعلم أن تحت لوائها * ملكا قراسيةً وموت أحمر
فبعزنا نصر النبي محمد * وبنا تثبت في دمشق المنبر(
سِيَر أعلام النّبلاء - محمد بن أحمد بن عثمان الذهبي - طبعة 2001)
(
البداية والنهاية ، لابن كثير: الجزء التاسع )
سادساً:
ترجمة عمر بن عبدالعزيز :
نسبه :
هو :
أبو حفص عمر بن عبد العزيز بن مروان بن الحكم بن أبي العاص بن أمية بن عبد شمس بن عبد مناف بن قصي بن كلاب بن مرة بن كعب بن لؤي بن غالب بن فهر بن مالك بن النضر بن كنانة بن خزيمة بن مدركة بن إلياس بن مضر بن نزار بن معد بن عدنان الأموي القرشي المدني ثم المصري.
وأمه
أم عاصم ليلى بنت
عاصم بن عمر بن الخطاب رضي الله عنهما ، ويقال له "
أشج بني مروان ".
ولد سنة
62 هجرية وأمه أم عاصم بنت عاصم بن عمر بن الخطاب.وقيل:61هـ.
وَليَ الخلافة بعد
سليمان بن عبد الملك باستخلافه إياه.
من
مناقب عمر بن عبد العزيز وفضائله :
ثامن الخلفاء الأمويين. ولد سنة 61هـ / 62 هـ في
المدينة المنورة، ونشأ فيها عند أخواله من آل
عمر بن الخطاب، فتأثر بهم وبمجتمع الصحابة في المدينة، وكان شديد الإقبال على طلب العلم.
وفي سنة
87هـ، ولّاه الخليفة
الوليد بن عبد الملك على إمارة
المدينة المنورة، ثم ضم إليه ولاية
الطائف سنة
91هـ، فصار والياً على
الحجاز كلها، ثم عُزل عنها وانتقل إلى
دمشق.
فلما تولى سليمان بن عبد الملك الخلافة قرّبه وجعله وزيراً ومستشاراً له، ثم جعله ولي عهده،
فلما مات سليمان سنة
99هـ تولى عمر الخلافة.
تميزت خلافة
عمر بن عبد العزيز بعدد من المميزات، منها:
العدلُ والمساواة، وردُّ المظالم التي كان أسلافه من بني أمية قد ارتكبوها، و
عزلُ جميع الولاة الظالمين ومعاقبتُهم، كما
أعاد العمل بالشورى، ولذلك عدّه كثير من العلماء خامس الخلفاء الراشدين، كما
اهتم بالعلوم الشرعية، و
أمر بتدوين الحديث النبوي الشريف. استمرت خلافة عمر سنتين وخمسة أشهر وأربعة أيام، حتى قُتل مسموماً سنة 101هـ، فتولى
يزيد بن عبد الملك الخلافة من بعده.
كان
عمر بن عبد العزيز بعيداً عن كبرياء الملوك وجبروتهم فأعاد إلى الناس سيرة الخلفاء الراشدين الذين كانوا ينظرون إلى أمتهم نظر الأب البار ويعدلون بينهم في الحقوق ويعفون عن أموال الرعية والدنيا عندهم أهون من أن يهتم بجمعها كذلك كان عمر بن عبد العزيز.
في أول خلافته أرسل كتاباً عاماً إلى جميع العمال بالأمصار هذه نسخته :
"
أما بعد فإن سليمان بن عبد الملك كان عبداً من عبيد اللَّه أنعم اللَّه عليه ثم قبضه واستخلفني ويزيد بن عبد الملك من بعدي إن كان، وإن الذي ولاني اللَّه من ذلك وقدر لي ليس على بهين ولو كانت رغبتي في اتخاذ أزواج واعتقال أموال كان في الذي أعطاني من ذلك ما قد بلغ بي أفضل ما بلغ بأحد من خلقه وأنا أخاف فيما ابتليت به حساباً شديداً ومسألة غليظة إلا ما عافى اللَّه ورحم وقد بايع من قبلنا فبايع من قبلك."
وهذا الكتاب ينبىء عن حقيقة الرجل وتواضعه وبعده عن الزهو والكبرياء وشعوره بعظيم ما ألقي عليه من أمر المسلمين.
ومن أعماله العظيمة
تركه لسب علي بن أبي طالب على المنابر وكان بنو أمية يفعلونه فتركه وكتب إلى الأمصار بتركه. وكان الذي وقر ذلك في قلبه أنه لما ولي المدينة كان من خاصته
عبيد اللَّه بن عتبة بن مسعود من فقهاء المدينة فبلغه عن عمر شيء مما يقول بنو أمية فقال عبيد اللَّه متى علمت أن اللَّه غضب على أهل بدر وبيعة الرضوان بعد أن رضي عنهم فقال لم أسمع ذلك قال فما الذي بلغني عنك في علي فقال عمر معذرة إلى اللَّه وإليك وترك ما كان عليه فلما استخلف وضع مكان ذلك {
إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالْإِحْسَانِ وَإِيتَاءِ ذِي الْقُرْبَى وَيَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَالْبَغْيِ يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ } [النحل :90] فأي شر رفع وأي خير وضع قال في ذلك
كثير عزة:
وليت فلم تشتم عليا ولم تخف
تكلمت بالحق المبين وإنما
وصدقت معروف الذي قلت بالذي
ألا إنما يكفي الفتى بعد زيغه
بريا ولم تتبع مقالة مجرم
تبين آيات الهدى بالتكلم
فعلت فأضحى راضياً كل مسلم
من الأود البادي ثقات المقوم ومن إصلاحه أمره بعمل الخانات في البلدان القاصية فقد كتب إلى
سليمان بن أبي السرح أن اعمل خانات فمن مر بك من المسلمين فأقروه يوماً وليلة وتعهدوا دوابهم ومن كانت به علة فأقروه يومين وليلتين وإن كان منقطعاً فأبلغه بلده.
ومما يذكر له أن أبطل مغارم كثيرة كانت قد استحدثت في عهد
الحجاج بن يوسف فقد كتب إلى أمير العراق أما بعد:
"
فإن أهل الكوفة قد أصابهم بلاء وشدة وجور في أحكام اللَّه وسنة خبيثة سنها عليهم عمال السوء وإن قوام الدين العدل والإحسان فلا يكون شيء أهم إليك من نفسك فلا تحملها إلا قليلاً من الإثم ولا تحمل خراباً على عامر وخذ منه ما طاق وأصلحه حتى يعمر ولا يؤخذن من العامر إلا وظيفة الخراج في رفق وتسكين لأهل الأرض ولا تأخذ أجور البيوت ولا درهم النكاح ولا خراج على من أسلم من أهل الذمة فاتبع في ذلك أمري فإني قد وليتك من ذلك ما ولاني اللَّه."
ومما فعله أنه نهى عن تنفيذ حكم أو قطع إلا بعد أن يراجع فيه بعد أن كانت الدماء قبله تراق من غير حساب بل على حسب هوى الأمير.
ومن الحكمة أن لا يتساهل في مثل هذه الحدود وضم رأي الخليفة إلى رأي القاضي الذي حكم ضمان كبير لأن يكون الحكم قد وقع موقعه.
رده المظالم لأهلها لما ولى الخلافة أحضر قريشاً ووجوه الناس فقال لهم:
"
إن فدك كانت بيد رسول اللَّه صلي الله عليه وسلم ، فكان يضعها حيث أراد اللَّه ثم وليها أبو بكر وعمر كذلك ثم أقطعها مروان ثم إنها قد صارت إلي ولم تكن من مالي أعود منها علي وإني أشهدكم قد رددتها على ما كانت عليه في عهد رسول اللَّه صلي الله عليه وسلم "، وقال لمولاه مزاحم :" أن أهلي أقطعوني ما لم يكن لي أن آخذ ولا لهم أن يعطونيه وإني قد هممت برده على أربابه."
كان رحمه الله غير مترف فكان مصرفه كل يوم درهمين وكان يتقشف في ملبسه كجده عمر بن الخطاب ولم يتزوج كعمر غير
فاطمة بنت عبد الملك بن مروان وكان أولاده يعينونه على الخير وكان أشدهم معونة له ابنه عبد الملك.
وعلى الجملة فإن عمر بن عبد العزيز من أفراد الخلفاء الذين لا يسمح بهم القدر كثيراً ويرى المسلمون أن عمر هو الذي بعث على رأس المائة الثانية ليجدد للأمة أمر دينها كما جاء في حديث أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي عليه الصلاة والسلام انه قال :
"
إنَّ اللهَ يبعثُ لهذه الأمَّةِ على رأسِ كلِّ مائةِ سنةٍ من يُجدِّدُ لها دينَها "
الراوي : أبو هريرة المحدث : الألباني المصدر : السلسلة الصحيحة.الصفحة أو الرقم: 599 خلاصة حكم المحدث : إسناده صحيح لم يحدث في عهد
عمر بن عبدالعزيز رضي الله عنه ، شيء من الحوادث الداخلية المهمة إلا ما كان من القبض على
يزيد بن المهلب واحضاره إلى عمر فسأله عن الأموال التي كتب بها إلى
سليمان بن عبد الملك فقال كنت من سليمان بالمكان الذي قد رأيت وإنما كتبت إلى سليمان لأسمع الناس وقد علمت أن سليمان لم يكن ليأخذني به فقال لا أحد في أمرك إلا حبسك فاتق اللَّه وأد ما قبلك فإنها حقوق المسلمين ولا يسعني تركها وحبس بحصن حلب.
ومن الحوادث الخارجية في عهده أنه كتب إلى ملوك السند يدعوهم إلى الإسلام وقد كانت سيرته بلغتهم فأسلم ملوك السند وتسموا بأسماء العرب.
واستقدم
مسلمة بن عبد الملك من حصار القسطنيطينية وأمر أهل طرندة بالقفول عنها إلى
ملطية و
طرندة داخلة في البلاد الرومية من ملطية ثلاث مراحل وكان
عبد اللَّه بن عبد اللَّه قد أسكنها المسلمين بعد أن غزاها سنة 83 وملطية يومئذ خراب وكان يأتيهم جند من الجزيرة يقيمون عندهم إلى أن ينزل الثلج ويعودون إلى بلادهم فلم يزالوا إلى أن ولي عمر فأمرهم بالعودة إلى ملطية وأخلى طرندة خوفاً على المسلمين من العدو وأخرب طرندة.
سابعاً:
وفاة عمر بن عبد العزيز:
في
25 رجب سنة 101 توفي عمر بن عبد العزيز بـ (
دير سمعان ) وكانت مدة حكمه
سنتين وخمسة أشهر وأربعة أيام .
.............
[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة].............
الحادثة سابقة الذكر حدثت في عهد الخليفة
الوليد بن عبد الملك وليس في عهد الخليفة
عمر بن عبد العزيز كما هو معروف عنها للأسباب التالية :
قتيبة بن مسلم :
ولد : سنة 49 هـ ، وقتل : سنة 96 هـ
بدأ أعماله الحربية سنة: 86 هـ بعدما ولاه الحجاج بن يوسف الثقفي على " خراسان " سنة : 93 هـ
وكان المهلب بن أبى صفرة والياً على خراسان من عام 78 حتى 86 هجرية.
كان موالياً لـ " الوليد بن عبد الملك "
كان قتيبة بن مسلم كما ذكر من قادة الحجاج بن يوسف الثقفي فقد كان يعلم مقدار كراهية سليمان بن عبد الملك للحجاج، فلما ولي الخلافة خشي قتيبة من انتقامه؛ لأنه وقف إلى جانب الوليد بن عبد الملك حين أراد أن يخلع أخاه سليمان من ولاية العهد ويجعلها لابنه؛ ولذلك عزم قتيبة على الخروج على سليمان فأرسل إليه 3 كتب الأول كتب فيه يهنئه بالخلافة و يذكر بلائه و طاعته لعبد الملك و الوليد و أنه على مثل ذلك إن لم يعزله عن خرسان و الكتاب الثاني يعلمه فيه بفتوحه و نكايته و عظم قدره عند ملوك العجم و هيبته في صدورهم و يذم أهل المهلب و يحلف بالله لئن استعمل يزيد بن المهلب على خرسان ليخلعنه. والكتاب الثالث كتب فيه خلعه. وأرسل الكتب مع رجل يثق به و قال له إدفع الكتاب الأول إلى سليما فإن كان يزيد حاضر فقرأه و ألقاه إليه فادفع إليه الثاني فإن قرأه و ألقاه إليه فادفع إليه الثالث و إن قرأ الكتاب الأول و لم يدفعه إليه فاحبس الكتابين الآخرين. فقدم رسول قتيبة على سليمان بن عبد الملك دفع إليه الكتاب اليه فقرأه وألقاه إلى يزيد فدفع إليه الثاني فقرأه وألقاه إلى يزيد فدفع إليه الثالث فلما قرأه فتغير لونه و ختمه و أمسكه بيده فأمر سليمان برسول قتيبة فأنزل و أحضره ليلا و أعطاه عهد قتيبة بخرسان و لكن قتيبة تسرع في خلع سليمان وجمع جموعًا لذلك عن رجاله وأهل بيته، لكن حركته فشلت وانتهت بقتله سنة (96 هـ = 715م) بسهم طائش من عملاء سليمان بن عبدالملك وبعد وفاة هذا القائد العظيم مكرم العلماء وهازم الفرس المجوس جاء التميمي وكيع وقطع راسه وارسله إلى سليمان.
عمر بن عبد العزيز :
ولد : سنة 61 هـ ، توفي مسموماً : 101 هـ ولد سنة
61هـ في
المدينة المنورة، ونشأ فيها عند أخواله من آل عمر بن الخطاب، فتأثر بهم وبمجتمع الصحابة في المدينة، وكان شديد الإقبال على طلب العلم. وفي سنة
87هـ، ولّاه الخليفة
الوليد بن عبد الملك على إمارة المدينة المنورة، ثم ضم إليه ولاية
الطائف سنة
91هـ، فصار والياً على الحجاز كلها، ثم عُزل عنها وانتقل إلى
دمشق. فلما تولى
سليمان بن عبد الملك الخلافة قرّبه وجعله وزيراً ومستشاراً له، ثم جعله ولي عهده، فلما مات سليمان سنة
99هـ تولى عمر الخلافة.
متى ولى عمر بن عبد العزيز قتيبة بن مسلم على خراسان ؟ ومتى فتحت سمرقند؟.............
ثامناً:
قـصة قتيبة بن مسلم وفتح سمرقند :ـ( كما رواها المؤرخون )!
أعظم وأعجب محاكمة سمعت بها أذن في التاريخ !!!
المدعي : كبير كهنة سمرقند ..!!!
المدعى عليه : القائد العسكري لجيوش المسلمين قتيبة ابن مسلم
القاضي : القاضي العادل " جُميْع "
بدأت المحاكمة؟
نادى الغلام: ياقتيبة (هكذا بلا لقب)
فجاء قتيبة وجلس هو وكبير الكهنة أمام القاضي جُميْع
ثم قال القاضي:ما دعواك يا سمرقندي؟
قال:إجتاحنا قتيبة بجيشه ولم يدعنا إلى الإسلام ويمهلنا حتى ننظر في أمرنا..
إلتفت القاضي جُميْع إلى قتيبة وقال:وما تقول في هذا يا قتيبة؟
قال قتيبة:الحرب خدعة وهذا بلد عظيم وكل البلدان من حوله كانوا يقاومون ولم يدخلوا الإسلام ولم يقبلوا بالجزية...
قال القاضي : يا قتيبة هل دعوتهم للإسلام أو الجزية أو الحرب؟
قال قتيبة:لا إنما باغتناهم لما ذكرت لك...
قال القاضي جُميْع : أراك قد أقررت ، وإذا أقر المدعي عليه انتهت المحاكمة ، يا قتيبة ما نصر الله هذه الأمة إلا بالدين واجتناب الغدر وإقامة العدل.
ثم قال جُميْع : قضينا بإخراج جميع المسلمين من أرض سمرقند
من حكام وجيوش ورجال وأطفال ونساء وأن تترك الدكاكين والدور،
وأنْ لا يبق في سمرقند أحد ، على أنْ ينذرهم المسلمون بعد ذلك!!
لم يصدق الكهنة ما شاهدوه وسمعوه،فلا شهود ولا أدلة ولم تدم المحاكمة إلا دقائق معدودة،
ولم يشعروا إلا والقاضي جُميْع والغلام وقتيبة ينصرفون أمامهم،
وبعد ساعات قليلة سمع أهل سمرقند بجلبة تعلو وأصوات ترتفع وغبار يعم الجنبات،
ورايات تلوح خلال الغبار،فسألوا فقيل لهم إنَّ الحكم قد نُفِذَ وأنَّ الجيش قد انسحب،
في مشهدٍ تقشعر منه جلود الذين شاهدوه أو سمعوا به..
وما إنْ غرُبت شمس ذلك اليوم إلا والكلاب تتجول بطرق سمرقند الخالية،
وصوت بكاءٍ يُسمع في كل بيتٍ على خروج تلك الأمة العادلة الرحيمة من بلدهم،
ولم يتمالك الكهنة وأهل سمرقند أنفسهم لساعات أكثر،
حتى خرجوا أفواجاً وكبير الكهنة أمامهم باتجاه معسكر المسلمين
وهم يرددون شهادة أن لا إله إلا الله محمد رسول الله...
فيا لله ما أعظمها من قصة،وما أنصعها من صفحة من صفحات تاريخنا المشرق،أريتم جيشاً يفتح مدينة ثم يشتكي أهل المدينة للدولة المنتصرة،فيحكم قضاؤها على الجيش الظافر بالخروج؟
والله لا نعلم شبه لهذا الموقف لأمة من الأمم. بقي أن تعرف أن هل هذه الحادثة كانت في عهد الخليفة الصالح
عمر بن عبدالعزيز رحمه الله ام في عهد الخليفة "
الوليد بن عبد الملك "؟
حيث أرسل أهل سمرقند رسولهم إليه بعد دخول الجيش الإسلامي لأراضيهم دون إنذار أو دعوة ، فكتب مع رسولهم للقاضي أن احكم بينهم فكانت هذه القصة ألتي تعتبر من الأساطير!!
وأصلها التاريخي في الصفحة 411 من(فتوح البلدان)للبلاذري بطبعة مصر سنة 1932م . "
........................
حرصا على المصداقية والأمانة العلمية التي تعلمتها أيضا بحثت عن الكتاب لكي أتأكد من وجود القصة في كتاب فتوح البلدان لـ (
أحمد بن يحيى بن جابر البلاذري) فقد احتلت هذه القصة مكانة وشهرة كبيرة جدا لدرجة أنها عرفت بـ (
أعظم وأعجب محاكمة سمعت بها أذن في التاريخ !!!).
ـ
ــ نبدأ بنقد القصة والتعليق عليها وتحليلها بشفافية وموضوعية وتجرد لكي
نثبت أن معظم المسلمين فشلوا في قراءة تاريخهم القراءة الصحيحة ، وساهم معظم علماء المسلمين في هذا بقصد أو بدون قصد لأهداف شخصية و سياسية حتى يعيش المسلمون في أوهام يقدسون صفحات التاريخ ويلعنون كل من يحاول نقدها أو مناقشتها بموضوعية أو حتى محاولة عرضها على حقائق وتشريعات القرآن الكريم حدث هذا ولا زال يحدث لاستبداد واستعباد الشعوب باسم الدين.
نقـــد الـقــصــــة :ـــ
أبطال القصة : رغم أنها أعظم محاكمة في التاريخ كما يصفها معظم المسلمين إلا أن الأبطال الذين ذكرت أسماؤهم فيها ثلاثة فقط (
قتيبة ـ و
جُمَـيْع ـ و
عمر بن عبد العزيز) ، وذكر الغلام (
الحاجب)وكبير كهنة سمرقند بدون أسماء ،
وهنا تحيز واضح جدا من المؤرخين لأنهم تجاهلوا حتى اسم كبير الكهنة لأنه غير مسلم ، رغم دوره المؤثر في الأحداث ، وكذلك تجاهلوا اسم الغلام (حاجب المحكمة) لأنه من عامة الشعب وهذه دائما عادة معظم المؤرخين يتابعون ويحصون ـ عن كثب ـ أنفاس كبار القوم مهما كانوا ظالمين أو مخطئين ويتجاهلون الفقراء والبسطاء في المجتمع الذي يؤرخون له ، ولا يتذكرونهم إلا قليلا بين سطور التاريخ مهما كان تأثيرهم في العصر أو الحدث الذي يؤرخون له.
ــ
تفاصيل المحاكمة:ــ
فيها إدانة واضحة لقائد المسلمين ومخالفة صريحة لتشريعات الحرب والقتال في القرآن الكريم ، وهذا الأمر يحتاج إلى توضيح وتفصيل:ـ
يقول المُـدعي كبير كهنة سمرقند في دعواه "(
إجتاحنا قتيبة بجيشه ولم يدعنا إلى الإسلام ويمهلنا حتى ننظر في أمرنا)" ، ولم ينكر قتيبة قائد جيش المسلمين الدعوى بل أكدها وأدان نفسه بصورة أكثر وضوحا فقال حين سأله القاضي عن رأيه في الدعوى "(
الحرب خدعة وهذا بلد عظيم وكل البلدان من حوله كانوا يقاومون ولم يدخلوا الإسلام ولم يقبلوا بالجزية)" من خلال دعوى كبير الكهنة وإقرار قتيبة يتبين أن ما فعله جيش المسلمين كان حربا واضحة ، ولا علاقة لها بنشر الاسلام إطلاقا وهذا ما اعترف به قتيبة حين قال (
الحرب خدعة) ، وحين وصف سمرقند بأنها (بلد عظيم) إذن الأمر لا علاقة له بالفتح أو نشر الدعوة إطلاقا ، ولكنها كانت حربا واضحة وصريحة ، ولكي لا نتجنى على أحد سوف استشهد بآيات بينات من القرآن الكريم تبين وتوضح أنه ليس من حق أي مسلم أن يُعلن الحرب على أي دولة لأي سبب من الأسباب دون أن تبدأ هذه الدولة بالاعتداء علينا في بلادنا فيكون الرد بالمثل دون اعتداء يقول ربنا جل وعلا(
وَقَاتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ الَّذِينَ يُقَاتِلُونَكُمْ وَلا تَعْتَدُوا إِنَّ اللَّهَ لا يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ)البقرة: 190،
ومن يظن في نفسه أن من حقه فتح البلاد لنشر الاسلام فليفكر قليلا هل يجرؤ أو يستطيع المسلمون اليوم إعلان الحرب على أي دولة أوروبية أو أي دولة غير مسلمة اقتداء بمنهج قتيبة (السلف الصالح) بهدف نشر الدعوة هناك .؟ أعتقد لا لأننا نعيش ضعفاء في هذا العصر ولغة القوة دائما هي المتحكم الأول والأخير ، هذا على مستوى المسلم العادي ، فهل يجرؤ الاخوان والسلفيون أن يشنوا حربا ويجتاحوا دولة غير مسلمة بغتة كما فعل قتيبة ، ولأنهم أكثر حرصا على تطبيق الشريعة.؟ اسألوهم إن كانوا ينطقون..!!!
ويزيد
قتيبة في إدانة نفسه أكثر حين سأله القاضي "(
يا قتيبة هل دعوتهم للإسلام أو الجزية أو الحرب؟)" فأجاب:"(
لا إنما باغتناهم لما ذكرت لك)"
إذن هو اعتراف واضح أن الهدف الأول كان الحرب ويكفي ما قاله قتيبة أن الحرب خدعة ، وأنه باغتهم وفاجأهم ، وهذا المنهج يتناقض تماما مع منهج الدعوة في القرآن الكريم يقول ربنا جل وعلا (
ادْعُ إِلَى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجَادِلْهُمْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ بِمَنْ ضَلَّ عَنْ سَبِيلِهِ وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ)النحل:125 ،
وعن علاقة المجتمعات والشعوب يقول ربنا جل وعلا (
يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوباً وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ)الحجرات:13
قضى
جُـمَيع بإخراج جميع المسلمين من سمرقند على أن ينذرهم المسلمون بعد ذلك ،
وهنا تجاهل صارخ وواضح لتفاصيل الحرب التي اجتاحت سمرقند وما أقره قتيبة أن الحرب خدعة وأنه باغتهم ، إذن هناك ضحايا وقتلى لقوا حتفهم بلا ذنب ، أين حقوقهم ولماذا لم يتحدث عنهم المؤرخ.؟ طبعا الاجابة معلومة مقدما لكي لا يدين قادة المسلمين العظماء دائما ، وكان يجب على القاضي أن يسأل كبير كهنة سمرقند عن أحوال الناس وهل هناك ضحايا أو متضررين لكي يطالب بحقوقهم إذا كان فعلا حاكما عادلا.
الشيء المدهش في الأمر عبارة قالها
جُـمَيْع في حكمه و هي(
على أن ينذرهم المسلمون بعد ذلك)
ينذرهم المسلمون من ماذا.؟ ومن الذي أوحى لهؤلاء ومنحهم الحق في الاعتداء على المجتمعات الآمنة وإعلان الحرب بغتة عليهم واجتياحهم.؟ وما تعليق القاضي جُـمَيْع على قول قتيبة "(
وهذا بلد عظيم وكل البلدان من حوله كانوا يقاومون ولم يدخلوا الإسلام ولم يقبلوا بالجزية)"
وهنا اعتراف اخر واضح أن سبب الحرب كان في المقام الأول أن هذا البلد عظيم يستحق الغزو ، وكذلك اعتراف بمقاومة الشعوب ورفضهم الدخول في الاسلام ورفضهم الجزية ، ورغم ذلك لم يعلق القاضي العادل على هذه الاعترافات ، ولم يلفت نظر أحد أن قتيبة رغم رفض البلدان الدخول في الإسلام ورفضهم الجزية إلا انه استمر في حربه على البلاد حتى وصل سمرقند.
السؤال الطبيعي هنا :
كيف انسحب الجيش بعد ساعات.؟ ، وهل من السهل أن ينسحب جيش بجنوده وعتاده في ساعات بعد انتهاء المحاكمة.؟ أعتقد أن ابلاغ جميع قادة الجيش أمرا يحتاج لساعات وتنفيذ الانسحاب الكامل كما صوره الراوي وعبّر عن هذا الانسحاب السريع الذي يحتاج لأيام بأن الكلاب تتجول بطرق سمرقند الخالية ، وصوت البكاء في كل بيت على خروج تلك الأمة العادلة من بلدهم ، وهنا لابد من تعليق وتحليل:
كيف اشتكى كهنة سمرقند من اجتياح جيس المسلمين لبلدهم بغتة بدون سابق إنذار ، وكيف يبكون في نفس اليوم على فراق هذه الأمة العادلة التي جاءت تحاربهم وتفرض عليهم الجزية..؟ ، اعتقد لو أن هذا الجيش وقياداته يعرفون العدل والرحمة ما فكروا أصلا في الاعتداء على الناس في حرب واضحة عبّر عنها كبير الكهنة بأنها عملية اجتياح بدون إذن.
كلمة أخيرةيجب على كل مسلم أن يعلم أن الحروب والاعتداء على البلاد وعلى الناس الآمنين جريمة مهما كان فاعلها ، كذلك يجب أن يعلم أن لغة القوة والبحث عن الثروات والموارد من جهة ، وصناعة بعد استراتيجي للدولة التي يبحث قادتها عن بطولات شخصية من جهة أخرى هي من الأمور الهامة التي تسيطر وتتحكم في النفس البشرية وهي المحرك الأساسي لأحداث التاريخ ، حدثت هذه القصة - كما وضحنا الخلط وبينا التواريخ والاحداث - حدثت في خلافة الوليد بن عبد الملك واليكم اعادة سريعة للأحداث والتواريخ :
الحادثة سابقة الذكر حدثت في عهد الخليفة
الوليد بن عبد الملك وليس في عهد الخليفة
عمر بن عبد العزيز كما هو معروف عنها للأسباب التالية:
وُلد "
قتيبة بن مسلم " رضي الله عنه ورحمه وغفر له وتجاوز عنه ما فعل - خروجه على أمير المؤمنين (
سليمان بن عبد الملك)، ولد في
نجد من قبيلة "
باهلية "- نجدية وضيعة - سنة :
٤٩ هـ .
نشأ فارساً وولاه "
عبد الملك بن مروان " (
الرّي- مدينة بايران قرب طهران ، والتي فتحها [
نعيم بن مقرن] زمن
عمر بن الخطاب رضي الله عنه .
وولاه "
عبد الملك بن مروان"
خراسان التي كانت تحت إمرة "
الحجاج بن يوسف الثقفي" .
وصل "
قتيبة بن مسلم"
خراسان سنة:
٨٦ هـ.التي كان فيها "
المهلب بن ابي صفرة" من عام [
٧٨هـ - ٨٦هـ]...
يعني حتى وصول "
قتيبة بن مسلم" اليها.
بقي "
قتيبة بن مسلم " في
خراسان "
١٠ سنوات" كلها خلال حكم الخليفة الاموي :{
الوليد بن عبد الملك } واخيه [
سليمان بن عبد الملك ]
٨٦هـ دخل خراسان +١٠ سنوات مقيماً فيها = ٩٦ قتل "
قتيبة بن مسلم " سنة :
٩٦هـ...ومااات
عمر بن عبد العزيز - رحمه الله - ولد في
المدينة المنورة سنة:
٦١هـ .
وهو
ثامن الخلفاء الامويين.
ولاه الخليفة "
الوليد بن عبد الملك " على
المدينة المنورة سنة:
٨٦هـ ( نفس العام الذي كان فيه
قتيبة بـ
خراسان)!
وفي سنة :
٩١ هـ ، ضم اليه الخليفة "
الوليد بن عبد الملك " (
الطائف )، ثم عزله ، وارتحل الى {
دمشق}
في سنة:
٩٩ هـ وبعد وفاة "
الوليد بن عبد الملك " تولى الخلافة "
سليمان بن عبد الملك " وجعله ولي عهده..
(
هل تمعنتم جيداً)
٩٩ هـ تولى الخلافة عمر بن عبد العزيز ] رحمه الله ... كيف صارت حادثة قتيبة بن مسلم في عهده ؟!؟!وقتيبة ( قد شبع موتاً حيث مات مقتولاً سنة : ٩٦ هـ - كما تقدم )؟!؟!
............
من لديه أدلة غير ما تقدم نقده وبيانه بالبحث ...فليتحفنا ... رضي الله عن الصحابة أجمعين ورزقنا حبهم وحب الصالحين من المؤمنين ، وغفر الله لكل المسلمين المحسنين والمسيئين ، وتقبل الشهداء أجمعين في أعلى عليين ، وجمعنا واياهم مع نبينا " محمد " واله في جنات النعيم - في الفردوس الأعلى - .آمين آمين آمين.