الصوفية:تعريفها ،نشأتها،فرقها ،عقائدها،ضلالاتها...وكل ما يخصها قد مضى زمن رسول الله صلى الله عليه وسلم وزمن الصحابة والتابعين لهم بإحسان،
ولم يعرف عنهم أي سلوك يتميزون به غير اتباع الكتاب والسنة والتشرف بنسبتهم إلى ذلك، غير ملتفتين إلى التنطع في سلوكهم أو مخترعين طرائق ورهبانية مبتدعة.
إلى أن أحدث أناس في الدين بدعة التصوف منحرفين عن المنهج السليم، وراحوا يتخبطون في دوائر وهمية وفرق عديدة وأحزاب متناحرة كل حزب بما لديهم فرحون.
وقد أخذ كل فريق من هؤلاء يعبر عن التصوف حسب ما يراه، ويطول سرد تلك المفاهيم والتعبيرات والأقوال التي صدرت عن أقطاب هؤلاء؛
كالحريري، والجنيد، وعمرو بن عثمان المكي، ومحمد بن علي القصاب، ومعروف الكرخي، والسهروردي، والشبلي، والشاذلي، والتجاني، والبسطامي، وابن عربي، وابن الفارض وغيرهم.
ولهذا فإن العلماء لم يتفقوا على بيان محدد لمفهوم التصوف عند الصوفيين؛ ذلك لإطلاق هؤلاء الصوفية عبارات شتى حسب ذوق كل فريق، وتخيلاته لمفهوم التصوف، إلا أن الحصيلة العامة لأقوالهم تلتقي حول أن التصوف هو:
القرب من الله، وترك الاكتساب، والتمسك بالخلق الرفيع، والجود، ورفع التكاليف عن بعض فضلائهم حين يتصلون بالله عز وجل علي حد زعمهم، ويصلون إلى درجة اليقين وظهور المكاشفات، ثم هم بعد ذلك درجات في تطبيق هذا المفهوم.
ولقد ذكر
القشيري في "
رسالته" عدداً من الآراء الصوفية في مفهوم التصوف والصوفي، حيث قال:
"
وتكلم الناس في التصوف ما معناه، وفي الصوفي من هو؟ فكل عبر بما وقع له، واستقصاء جميعه يخرجنا عن المقصود من الإيجاز، وسنذكر هنا بعض مقالاتهم فيه علي حد التلويح".
وإذا كان القشيري قد اعتذر عن إيراد كل ذلك لكثرته مكتفياً بذكر بعض مقالاتهم، فإنني أنا كذلك أعتذر عن إيراد كل ما ذكره القشيري لكثرته أيضاً، وأذكر من ذلك ما نقله عن
الجنيد أنه قال: "
إذا رأيت الصوفي يعني لظاهره فاعلم أن باطنه خراب".
وقال
القشيري: "
سمعت أبا حاتم السجستاني يقول: سمعت أبا نصر السراج يقول: سئل ابن الجلاء: ما معنى قولهم صوفي؟ فقال: ليس نعرفه في شرط العلم، ولكن نعرف أن من كان فقيراً مجرداً من الأسباب وكان مع الله تعالى بلا مكان، ولا يمنعه الحق سبحانه عن علم كل مكان، يسمى صوفياً". ونقل عن أبي يعقوب المزابلي أنه قال: "التصوف حال تضمحل فيها معالم الإنسانية".
وقال
القشيري أيضاً: "
سمعت الأستاذ أبا علي الدقاق رحمه الله يقول: أحسن ما قيل في هذا الباب قول من قال: هذا طريق لا يصلح إلا لأقوام قد كنس الله بأرواحهم المزابل (لا قيمة لهم في نظر الناس) ؛ ولهذا قال رحمه الله يوماً: "لو لم يكن للفقير إلا روح فعرضها علي كلاب هذا الباب لم ينظر كلب إليها". وعن الأستاذ أبي سهل الصعلوكي أنه قال: " التصوف الإعراض عن الاعتراض".
قال
القشيري: "
ويقال: الصوفي المصطلم عنه (المستغرق عن نفسه) ، بما لاح له من الحق" (
الرسالة القشيرية:2/55-57) .
وهناك أقوال أخرى ذكرها القشيري كلها تدور حول مدح التصوف وبيان تعلقات الصوفية ومفاهيمهم حول المولى جل وعلا، وحول هذا الكون وواجبات الصوفي واهتماماته الدنيوية والأخروية، صيغت بزخرف من القول وإيغال في الخيال في بعضها، وحكم جيدة في البعض الآخر.
وأما
السهروردي فقد أورد باباً خاصاً في كتابه (
عوارف المعارف) قال فيه: "
الباب الخامس في ماهية التصوف"
وقد أكد في هذا الباب على أن
أساس التصوف هو الفقر، حيث قال: "
فالفقر كائن في ماهية التصوف وهو أساسه وبه قوامه"، ونقل أقوالاً كثيرة عن صفة هذا الفقر الصوفي، منها: ما قاله
الشبلي حين سئل عن حقيقة الفقر فقال: "
ألا يستغني بشيء دون الحق".
ونقل عن
مظفر القرميسني أنه قال: "
الفقير الذي لا يكون له إلى الله حاجة" (
اي لانشغالة بطاعة الله عن طلبه له او منه ! ...حسب التفسير الصوفي)
وقال
السهروردي: "
وقيل: التصوف ذكر مع اجتماع ووجد مع استماع، وعمل مع اتباع"
(وللاستزادة انظر :
عوارف المعارف،ص 40-44) .
وأما
حقيقة التصوف وأصله عند غير الصوفية فقد اختلفت وجهة نظر العلماء في الحكم عليه.
وأهم ما قيل في ذلك:
أن
التصوف علي الإطلاق أساسه الإسلام وأن أصوله العقدية وسلوكهم فيه مستمدة من نصوص الكتاب والسنة، وما أدى إليه الاجتهاد في فهمها.
وهذا القول قريب من وجهة نظر الصوفية ومفهومهم فيه رغم اعتراف بعضهم بتأثر التصوف ببعض التيارات الفكرية الخارجية عن الإسلام. أن
التصوف علي الاطلاق ليس إسلامي النشأة، وإنما وفد علي البيئة الإسلامية مع ما وفد من عادات وتقاليد الأجناس الأخرى بعدما امتزجت واختلطت عقب الفتح الإسلامي (
الصوفية معتقدا ومسلكا ص 47-48) .
وعلى هذا الرأي بعض الملاحظات،
فقد ينطبق هذا الرأي علي ذلك النوع من التصوف، الذي قام على أساس من الغلو والانحراف الذي جاء به أصحاب وحدة الوجود والحلول والاتحاد، مع تظاهرهم بالانتساب إلى الإسلام وتقديسهم لنبي الإسلام محمد صلى الله عليه وسلم، ولعل سبب هذا القول إنما يعود إلى الواقع الذي اشتمل عليه مفهوم التصوف.
وقد يبدوا للناظر أنه يوجد لكل من القولين السابقين ما يبررهما في العقائد الصوفية،
وأهل هذا القول يرجعون نشأة التصوف إلى أنه فارسي أو هندي أو يوناني أو مسيحي أو أنه مزيج من هذا كله، وعلى رأس هذا الفريق كثير من المستشرقين ومن غيرهم أيضاً.
ومما نكتفي بالإشارة إليه هنا بغض النظر عن ترجيح نشأة التصوف وحقيقته
أن الطريقة الصوفية قد تأثرت كثيراً بالآراء والأفكار المخالفة للإسلام، حيث تظهر فيها تلك الأفكار واضحة جلية في جوانب كثيرة في
الاعتقاد والسلوك، خصوصاً الأفكار الهندية والفارسية واليونانية والمسيحية، كما سيتضح ذلك من دراستنا لهذه الطائفة، بعد أن
كان التصوف في بدء أمره عند بعض المسلمين عبارة عن الزهد عن الدنيا والرغبة في الآخرة، وقتل هوى النفس والاتجاه إلى الله، ولبس الصوف لتعويد النفس على التحمل والمكابدة، إلى أن أخذ يتطور في الانحدار والبعد عن حقيقة الإسلام في كثير من الأمور التي طرقها التصوف؛ فأصبح مذموماً نفر عنه أهل الحق لخلط المتصوفة بين الزهد والتصوف المغالي.
إذ ا
لزهد المشروع لم يذمه أحد، وتوجه الذم إلى التصوف رغم تظاهر المتصوفة بالزهد، حتى صار أطيب الطعام عندهم ما كان عن ذل السؤال وحمل الزنبيل والتسول والانزواء في أماكن عبادتهم، وانتظار ما يجود به الناس عليهم، ويظنون أنهم يحققون بذلك التوكل الذي يريده الله، وهم في الحقيقة إنما يحققون التواكل والكسل البغيض عن طلب الرزق وإعزاز النفس، إضافة إلى الابتعاد عن تعاليم الدين الإسلامي الحنيف وما يهدف إليه، من إيجاد اليقين بعزة النفس وكرامتها في الدنيا والآخرة.
ومهما قيل عن حقيقة التصوف فإننا سندرس أهم الآراء الصوفية بتفصيل يتضح به الحكم على الصوفية بصورة جلية من واقع كلامهم وسلوكهم إن شاء الله تعالى. (
فرق معاصرة لغالب عواجلي 3/885)
إن أمر التصوف كله مختلف فيه، فكما أختلف في أصله واشتقاقه، وحده وتعريفه، بدئه وظهوره، وفي أول من تسمى به وتلقب به، كذلك اختلف في منبعه ومأخذه، ومصدره ومرجعه، فتشعبت الآراء وتنوعت الأقوال، وتعددت الأفكار، فقال قائل:
إنه إسلامي بحت في أشكاله وصوره، ومبادئه ومناهجه، وأصوله وقواعده، وأغراضه ومقاصده، حتى في ألفاظه وعباراته، وفلسفته وتعاليمه، ومواجيده وأناشيده، ومصطلحاته ومدلولاته، وهذا هو إدعاء الصوفية ومن والاهم، وناصرهم، ودافع عنهم.
وقال قوم:
لا علاقه له بالإسلام إطلاقا، قريبة ولا بعيدة في اليوم الذي نشأ فيه، ولابعد ماتطور، وهو أجنبي عنه كاسمه، فلذلك لا يفتش عن مصادره ومآخذه في القرآن والسنة وإرشاداتهما، بل يبحث عنها في الفكر الأجنبي، وهو رأي أكثر السلفيين ومن نهج منهجهم وسلك مسلكهم وكذلك الفقهاء والمتكلمين من أهل السنة من المتقدمين، والأكثرية الساحقه من المستشرقين، والكثير من الباحثين والمفكرين المتحررين من الجمود وعصبية التقليد، من المتأخرين.
وقالت طائفة:
إنه اسم للزهد المتطور بعد القرون المشهود لها بالخير كردّ فعل لزخرفة المدينة وزينتها التي انفتحت أبوابها على المسلمين بعد الغزوات والفتوحات وانغماسهم في ترف الدنيا ونعيمها، ثم حصلت فيه التطورات، ودخلت أفكار أجنبية والفلسفات غير الإسلامية وذهب إلى هذا الرأي ابن تيمية والشوكاني من السلفيين وغيرهم من بعض أعلام أهل السنة، حتى الصوفية أنفسهم وبعض المستشرقين.
وقال الآخرون:
إن التصوف وليد الأفكار المختلطة من الإسلام واليهودية والمسيحية ومن المانوية والمجوسية والمزدكية، وكذلك الهندوكية والبوذية، وقبل كل ذلك من الفلسفة اليونانية وآراء الأفلاطونية الحديثية، وتمسك بهذا الرأي بعض الكتّاب في الصوفية من المسلمين وغير المسلمين. (
التصوف المنشأ والمصادر لاحسان الهي ظهير ص 49)
ذكر جمع من الكتّاب والباحثين في التصوف ممن اشتغلوا بالتصوف من المسلمين وغير المسلمين. وقل من شذ عنهم أن
الأفلاطونية الحديثة هي أحد المصادر الأساسية للتصوف، بل إنها هي المصدر الأول بالنسبة للقائلين بوحدة الوجود والحلول بدءاً من
أبي اليزيد البسطامي، وسهل التستري، والترمذي الملقب بالحكيم، ابن عطاء الله الأسكندري، وابن سبعين، وابن الفارض، والحلاج، ولسان الدين بن الخطيب، وابن عربي، والرومي، والجيلي، والعراقي، والجامي، والسهروردي المقتول، وأبايزيد الأنصاري وغيرهم.
وأن هؤلاء أخذوا
نظرية الفيض والمحبة والمعرفة والإشراق مع الآراء الأخرى التي تمسكوا بها عن الأفلاطونية المحدثة.
وعبارات الصوفية أنفسهم ناطقة بها وشاهدة عليها ولو أنهم اختلطت عليهم آراء الأفلاطونية الحديثة وآراء أفلاطون وأرسطو وغيرهم من حكماء اليونان الآخرين، حيث نسبوا ذلك إلى هذا، وهذا إلى تلك.
فيقول صوفي معاصر: "
وأما وحدة الوجود الحلولية التي تجعل من الله كائنا يحل في مخلوقاته أو الاتحادية بالمعنى المفهوم خطا تلك التي تجعل من الكائن الفاني شخصية تتحد بالموجود الدائم الباقي المنزه عن سائر النسب والإضافات والأحياز الزمانية والمكانية المحدثة أو يتحد به شيء منها فإنها مذهب هندي أو مسيحي وليس بإسلامي ولا يعرفه الإسلام، استمده أهل الشذوذ في التصوف الإسلامي من الفلسفة البائدة، وغذوا به مذهبهم الشاذ بفكر أفلاطونية وآراء بوذية وفارسية عن طريق الفارابي وابن سينا، حاله أن المتتبع لحياة الحلاج ومؤلفات السهروردي وابن عربي يرى أنهم تأثروا بالمتفلسفة المسلمين الذين أخذوا عن الفلسفة الأفلاطونية الحديثة والأرسطو طاليسية"
(
جمهرة الاولياء واعلام اهل التصوف ، للمنوفي الحسيني.1/292)
وقال صوفي اخر:
(فكان يعلن بعضهم أنه اطلع على الغيب وأن في مقدوره الإتيان بخوارق العادات ثم يذهب إلى ما هو أبعد من هذا مثل قولة
الحلاج المشهورة:
ما في الجبة غير الله –
وغيره:
أنا الحق وبمثل هذا وذاك ثار على الحلاج معاصروه ورموه بالسحر تارة والجنون أخرى وعذب عذابا أليما إلى أن مات في أوائل القرن الرابع، والله أعلم بحاله وكان من أمثال الحلاج من بالغوا مبالغة قلت أم كثرت كشهاب الدين عمر السهروردي المقتول رئيس جماعة الإشراقيين ومحيي الدين بن عربي الأندلسي. وابن سبعين الصقلي، وهم من رجال القرنين السادس والسابع وتابعهم جماعة من شعراء الفرس أمثال جلال الدين الرومي وفريد الدين العطار وكلهم يرمي إلى أن يقيم التصوف الإسلامي على دعائم فلسفية أو فارسية وهندية أو يونانية(
جمهرة الاولياء واعلام اهل التصوف ، للمنوفي الحسيني.276)
كتب الدكتور
التفتازاني عن
اثر الفلسفة اليوناية والافلاطونية على التصوف فقال:
(
ونحن لا ننكر الأثر اليوناني على التصوف الإسلامي، فقد وصلت الفلسفة اليونانية عامة، والأفلاطونية المحدثة خاصة، إلى صوفية الإسلام عن طريق الترجمة والنقل، أو الاختلاط مع رهبان النصارى في الرها وحران. وقد خضع المسلمون لسلطان أرسطو، وإن كانوا قد عرفوا فلسفة أرسطو على أنها فلسفة إشراقية، لأن عبد المسيح بن ناعمة الحمصي حينما ترجم الكتاب المعروف بـ (أثولوجيا أرسطو طاليس) قدمه إلى المسلمين على أن لأرسطو على حين أنه مقتطفات من تاسوعات أفلوطين.
وليس من شك في أن فلسفة أفلوطين السكندري التي تعتبر أن المعرفة مدركة بالمشاهدة في حال الغيبة عن النفس وعن العالم المحسوس، كان لها أثرها في التصوف الإسلامي فيما نجده من كلام متفلسفي الصوفية عن المعرفة. وكذلك، كان لنظرية أفلوطين السكندري في الفيض وترتيب الموجودات عن الواحد أو الأول. أثرها على الصوفية المتفلسفين من أصحاب الوحدة كالسهروردي المقتول، ومحيي الدين بن عربي، وابن الفارض، وعبد الخالق بن سبعين، وعبد الكريم الجيلي، ومن نحا نحوهم.
ونلاحظ بعد ذلك أن أولئك المتفلسفة من الصوفية نتيجة اطلاعهم على الفلسفة اليونانية قد اصطنعوا كثيرا من مصطلحات هذه الفلسفة مثل: الكلمة – العقل الأول - العقل الكلي – العلة والمعلول... إلخ
(
مدخل الى التصوف الاسلامي للدكتور ابي الوفا الغنيمي التافتازاني ص 33-34 )
ويقول
نيكلسون:
(
ولا حاجة بنا إلى الإطناب في الكلام عن انتشار الثقافة الهلينية بين المسلمين في ذلك العصر، فإن كل من له إلمام بتاريخ العرب الأدبي يعلم كيف طغت موجة العلوم اليونانية – وقد بلغت ذروتها آنئذ - على العراق من مراكز ثلاثة:
من الأديرة المسيحية في الشام، و من مدرسة جنديسابور الفارسية في خوزستان، و من وثني حران أو الصابئة في الجزيرة.
وقد نقل إلى العرب كتب لا حصر لعددها في الفلسفة والطب وسائر العلوم اليونانية الأخرى، وعكف على دراستها المسلمون وأتخذوها أساسا قامت عليه اتجاهاتهم الجديدة في البحث، حتى لتكاد العلوم والفلسفة الإسلامية تكون مؤسسة على حكمة اليونان وحدها.
وأبرز شخصية يونانية في الفلسفة الإسلامية هي أرسطو طاليس لا أفلاطون، ولكن العرب استمدوا أول علمهم بفلسفة أرسطو طاليس من شراح الأفلاطونية الحديثة، وكان المذهب الذي غلب عليهم هو مذهب أفلوطين وفور فوريوس وأبرقلس. وليس كتاب (أثولوجيا أرسطو طاليس) الذي نقل إلى العربية حوالي 840 م حسب تقدير دتريصي إلا ملخصاً لمذهب الأفلاطونية الحديثة. ومعنى هذا أن الأفكار الأفلاطونية الحديثة قد انتشرت بين المسلمين انتشارا واسعاً... ولا داعي الآن إلى الاسترسال في هذا الموضوع بأكثر من هذا القدر، ويكفي القول بأن المسلمين قد وجدوا المذهب الأفلاطوني الحديث أينما حلوا وفي أي مكان اتصلوا فيه بالحضارة اليونانية.
وقد كان لمصر والشام دائما الصدارة بين الأمم التي انتشرت فيها الحضارة اليونانية، وهما البلدان اللذان ظهر التصوف فيهما لأول مرة بمعناه الدقيق وتطور كما أسلفنا. والرجل الذي اضطلع بأكبر قسط في تطور هذا النوع من التصوف، هو ذو النون المصري الذي وصف بأنه حكيم كيميائي، أو بأنه – بعبارة أخرى – أحد أولئك الذين نهلوا من منهل الثقافة اليونانية. فإذا أضفنا إلى هذا أن المعاني التي تكلم فيها ذو النون هي - في جوهرها – المعاني التي نجدها في كتابات يونانية مثل كتابات ديونيسيون...
وليس عندي من شك في أن المذهب الغنوصي بعد ما أصابه من التغيير والتحوير على أيدي مفكري المسيحية واليهودية، وبعد امتزاجه بالنظريات اليونانية كان من المصادر الهامة التي أخذ عنها رجال التصوف الإسلامي، وأن بين التصوف والغنوصية مواضع اتفاق كثيرة هامة. ولا شك عندي أيضاً في أن دراسة هذه المسألة دراسة دقيقة وافية لما يأتي بأطيب الثمرات، ولكنني على يقين من أننا إذا نظرنا إلى الظروف التاريخية التي أحاطت بنشأة التصوف بمعناه الدقيق، استحال علينا أن نرد أصله إلى عامل هندي أو فارسي، ولزم أن نعتبره وليداً لاتحاد الفكر اليوناني والديانات الشرقية: أو بمعنى أدق وليد اتحاد الفلسفة الأفلاطونية الحديثة والديانة المسيحية والمذهب الغنوصي ).
(
الدكتور نيكلسون.التصوف الاسلامي وتاريخه .مترجم ص 14)
وعليه "
فإن أثر المسيحية والأفلاطونية الحديثة والفلسفة البوذية عامل لا سبيل لنا إلى إنكاره في التصوف الإسلامي. وقد كانت هذه المذاهب والفلسفات متغلغلة في الأوساط التي عاش فيها الصوفية، فلم يكن بدّ من أن تترك طابعها في مذاهبهم، ولدينا أدلة كافية توضح أثرها في التصوف ومكانتها منه، ولو أن المادة التي بين أيدينا لا تمكننا من تتبع أثرها بالتفصيل. وبالجملة يمكن القول بأن التصوف في القرن الثالث – شأنه في ذلك شأن التصوف في عصر من عصوره – ظهر نتيجة لعوامل مختلفة أحدثت أثرها في مجتمعه. أعني بهذه العوامل البحوث النظرية في معنى التوحيد الإسلامي، والزهد والتصوف المسيحيين، ومذهب الغنوصية، والفلسفة اليونانية والهندية"
(
نيكلسون- دائرة معارف الدين والاخلاق- 1934،جزء 12، ص:10. والتصوف الاسلامي ص:72)
وذكر
ابو العلاء العفيفي في ثنايا بحثه عن المشتغلين من المستشرقين في الدراسة عن التصوف:
(
وأما ريتشورد هارتمان، وماركس هورتين فنزعتهما واحدة: وهي أن التصوف يستمد أصوله من الفكر الهندي، وإن كان هورتين قد بذل من المجهود في إثبات هذه النظرية ما لم يبذله أي كاتب آخر. فقد كتب في سنتي 1927، 1928 مقالتين حاول أن يثبت في إحداهما، بعد تحليل تصوف الحلاج والبسطامي والجنيد، أن التصوف الإسلامي في القرن الثالث الهجري كان مشبعا بالأفكار الهندية، وأن الأثر الهندي أظهر ما يكون في حالة الحلاج. وفي المقالة الثانية يؤيد النظرية نفسها عن طريق بحث المصطلحات الصوفية الفارسية بحثا فيلولوجيا، وينتهي إلى أن التصوف الإسلامي هو بعينه مذهب الفيدانتا الهندية ...)
الى ان قال
أن معظم أوائل الصوفية من أصل غير عربي كإبراهيم بن أدهم وشقيق البلخي وأبي يزيد البسطامي ويحيى بن معاذ الرازي.
ثانيا: أن التصوف ظهر أولا وأنتشر في خراسان.
ثالثا: أن تركستان كانت قبل الإسلام مركز تلاقي الديانات والثقافات الشرقية والغربية، فلما دخل أهلها في الإسلام صبغوه بصبغتهم الصوفية القديمة. وهذا كلام أشبه ما يكون بماذكره كل من ثولك وفون كريمر في هذا الموضوع.
رابعا: أن المسلمين أنفسهم يعترفون بوجود الأثر الهندي.
خامسا: أن الزهد الإسلامي الأول هندي في نزعته وأساليبه. فالرضا فكرة هندية الأصل، واستعمال الزهاد للمخلاة في سياحتهم، واستعمالهم للسبح، عادتان هنديتان).
(
مقدمة كتاب التصوف الاسلامي وتاريخه)
ما يوضح ضلال الفكر التصوفي ومخالفته للإسلام ما يلي:
1-
ادعاء اتحاد الإنسان الكامل بالله تعالى، وهذا أساس الفكر الصوفي، وذلك فيما قاله
الحلاج: "
أنا الله"، وقوله: "
أنا الحق".
2-
دعوى تلقي الوحي، جاء ذلك في شهادة الصوفي البريطاني العربي، الذي كان يتحدث من دير اشتراه سلطان بروناي، وأهداه للصوفية في بريطانيا.
3-
فصل الدين عن السياسة، هذا ا
لمبدأ العلماني يعمل به الصوفية اليوم، ومنذ القديم، ولم يتردد ولم يتحرج مشايخ الطرق ومفكروهم في التصريح به، والتدليل عليه.
4-
التبرك بالأضرحة.
5-
تأكيد الصوفية على لزوم الشيخ للاتصال بالله تعالى،وهذا يذكرنا بقانون البابوات في عهد الاضطهاد الكنسي في أوربا، حيث الرحمة والمغفرة مسدودة إلا من طريق القسيس، وهذا ليس من الإسلام في شيء، فمن أراد الله تعالى فعليه نفي كل الوسائط، كما قال تعالى: {
وقال ربكم ادعوني أستجب لكم}، من غير وسائط.
5-
اتخاذهم الدين لهوا ولعبا تعبدهم بالموسيقي، من الرقص والتمايل بشكل غريب، يتنافى مع الخشوع لله تعالى والتضرع..
6-
اتباعهم للوهم والخيال، وترك النقل والعقل.
7- ما يفعله الصوفية الباطنية، ومن الفرق الباطنية فرقة الأحمدية الرفاعية:
الضرب بالسكين والآلات الحادة على الجسد، وغرسه في الرأس، وهذا من الشعوذة والسحر، وعلاقة السحر بالتصوف أمر مشهور.
8- انظر هذه الأبيات لابن عربي، تمثل وحدة الوجود ووحدة الأديان، وهي:
لقد صار قلبي قابلا كل صورة......... فمرعى لغزلان ودير لرهبان.
وبيت لأوثان وكعبة طائف......... وألواح توراة ومصحف قرآن
أدين بدين الحب أنى توجهت......... ركائبه فالحب ديني وإيمان
وهذا مذهب ابن عربي، وهو معروف به، فهو يقول بوحدة الوجود، ويدعو إلى وحدة الأديان، واعجب كيف لم يتورع من ذكرها؟!!.
فالفكر الصوفي دخيل على الإسلام، بشهادة كثير من الباحثين المحايدين، كبعض المستشرقين، فهو
فكر خليط من الثقافة الهندية الفارسية اليونانية، وهو
يرمز إلى الحكمة..
فأصل كلمة صوفية هو "سوفية"، ومعناها في اليونانية: الحكماء. فإن فيلسوف معناه: محب الحكمة. ولذا تجد لدى الصوفية اعتناءا كبيرا بهذا الوصف، ولا يقبلون التصوف بدونه.
والمقصود
بالحكمة هنا هو:
الفناء في صفات الله تعالى وذاته. وهذا هو حالة الاتحاد.
وقد ربط بعض الناس التصوف بالزهد، وبالصوف، وهذا غلط، دفعه أئمة التصوف القشيري والهجويري والسهروردي.
والمؤسف حقا
أن غالب المتصوفة لا خبر لهم بحقيقة التصوف، ويتولى كبر إضلالهم المشايخ المنتفعون من جهلهم، ولذا من المهم عند الحكم أن يكون منصبا على الفكرة نفسها، أما المنتسبون إليها، فهم على مراتب، فليسوا كلهم أهل حلول واتحاد ووحدة وجود، بل هؤلاء القلة منهم.
...................
وللفائدة الكبيرة ...تفضلا اضغط ايا من الروابط التالية ...كما ترغب ...شاهدها كلها:
حقيقة الصوفية...
محمد حسان:
[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذا الرابط] حقيقة الصوفية...
موقع فرسان اهل السنة:
[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذا الرابط] التحذير من بدع ارباب الطرق الصوفية...هشام البيلي:
[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذا الرابط] الحلقة الخامسة والعشرين من برنامج سري للغاية تقديم:يسري فودة:
[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذا الرابط] ما هو التصوف ومن هم الصوفية؟ للشيخ الألباني رحمه الله:
[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذا الرابط] بعض الصوفية أكفر من اليهود والنصارى للشيخ الالباني رحمه الله.
[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذا الرابط] كرامات الصوفية ...الشيخ ابو اسحاق الحوينى :
[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذا الرابط] كيف تناقش أهل البدع والصوفية....الشيخ أبو إسحاق الحويني :
[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذا الرابط]ماذا تعرف عن الصوفية؟ ــ للشيخ مسعد أنور:
[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذا الرابط]