الخوف والرجاء وحسن الظن بالله ، عبادة المسلم المؤمن الموحد لله الموقن به ربا رحيما منتقما قديرا الخوف والرجاء...يعيش المسلم المؤمن الموحد بينهما في عبادته لله تعالى ذكر الله - تعالى -
الخوف مقرونًا بـالرجاء في كتابه الكريم في مواضع كثيرة؛ منها قول الله - جلَّ جلاله -::
"
أَمَّنْ هُوَ قَانِتٌ ءانَاء ٱلَّيْلِ سَاجِداً وَقَائِماً يَحْذَرُ ٱلآخِرَةَ وَيَرْجُواْ رَحْمَةَ رَبّهِ قُلْ هَلْ يَسْتَوِى ٱلَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَٱلَّذِينَ لاَ يَعْلَمُونَ إِنَّمَا يَتَذَكَّرُ أُوْلُو ٱلألْبَابِ " [الزمر: 9]،
وقوله تعالى: "
ولمن خاف مقام ربه جنتان " [الرحمن: 46]
وقوله تعالى: "
نَبّىء عِبَادِى أَنّى أَنَا ٱلْغَفُورُ ٱلرَّحِيمُ*وَأَنَّ عَذَابِى هُوَ ٱلْعَذَابُ ٱلألِيمُ " [الحجر: 49، 50].
وقوله تعالى: "
أُولَئِكَ الَّذِينَ يَدْعُونَ يَبْتَغُونَ إِلَى رَبِّهِمُ الْوَسِيلَةَ أَيُّهُمْ أَقْرَبُ وَيَرْجُونَ رَحْمَتَهُ وَيَخَافُونَ عَذَابَهُ إِنَّ عَذَابَ رَبِّكَ كَانَ مَحْذُوراً " [الإسراء: 57]
وقوله تعالى: "
أَفَأَمِنُوا مَكْرَ اللَّهِ فَلا يَأْمَنُ مَكْرَ اللَّهِ إِلَّا الْقَوْمُ الْخَاسِرُونَ " [الأعراف: 99]
وقوله تعالى: "
إنه لا ييأس من روح اللَّه إلا القوم الكافرون " [يوسف: 87]
وقوله تعالى: "
يَدْعُونَ رَبَّهُمْ خَوْفًا وَطَمَعًا " [السجدة: 16].
عن أنَسِ بنِ مالكٍ - رضي الله عنه -عن النبي عليه الصلاة والسلام انه قال: "
لو يعلم المؤمنُ ما عند اللهِ من العقوبةِ ، ما طمع بجنتِه أحدٌ . ولو يعلمُ الكافرُ ما عند اللهِ من الرحمةِ ، ما قنط من جنتِه أحدٌ "
الراوي : أبو هريرة | المحدث : مسلم | المصدر : صحيح مسلم. الصفحة أو الرقم: 2755 | خلاصة حكم المحدث : صحيح وعن أنَسِ بنِ مالكٍ - رضي الله عنه -: أن النبي - صلَّى اللهُ عليْه وسلَّم - دخل على شابٍّ وهو في المَوْتِ، فقَالَ: ((
كيف تَجِدُكَ؟)) قالَ:
واللهِ يا رسولَ اللهِ، إنِّي أَرْجُو اللهَ، وإنِّي أخَافُ ذُنُوبِي، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ - صلَّى اللهُ عليْه وسلَّم -: ((
لا يَجْتَمِعَانِ في قَلْبِ عَبْدٍ في مِثْلِ هَذا الْمَوْطِنِ؛ إلاَّ أعْطَاهُ اللهُ ما يَرْجُو، وآمَنَهُ ممَّا يَخَافُ))
أخرجه التِّرمذي وقال: حسن غريب، والنسائي في "الكبرى"، وابن ماجه، وقال الألباني: حسنٌ صحيح "صحيح الترغيب والترهيب" (رقم 3383). وعن عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - قال :" قدِمَ على النبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم سَبيٌ، فإذا امرأةٌ من السبيِ قد تحلُبُ ثَديَها تَسقي، إذا وجدَتْ صبيًّا في السبيِ أخذَتْه، فألصقَتْه ببَطنِها وأرضعَتْه، فقال لنا النبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم : (
أترَونَ هذه طارحَةً ولدَها في النارِ )؟ . قُلنا : لا، وهي تقدِرُ على أن لا تطرَحَه، فقال : (
لَلّهُ أرحَمُ بعبادِه من هذه بولَدِها ) ".
الراوي : عمر بن الخطاب | المحدث : البخاري | المصدر : صحيح البخاري. الصفحة أو الرقم: 5999 | خلاصة حكم المحدث : [صحيح] وعن أبي هريرة - رضي الله عنه - عن النبي - صلَّى الله عليْه وسلَّم -:قال الله عز جل:"
وعِزَّتِي لا أجمعُ على عَبدي خَوفيْنِ وأَمنيْنِ ، إذا خافَني في الدُّنيا أمَّنْتُه يومَ القيامةِ ، وإذا أمِنَني في الدُّنيا أَخَفْتُه في الآخِرةِ "
الراوي : أبو هريرة | المحدث : الألباني | المصدر : صحيح الترغيب .الصفحة أو الرقم: 3376 | خلاصة حكم المحدث : حسن صحيح وعن أبي هريرة - رضي الله عنه - عن النبي - صلَّى الله عليْه وسلَّم - انه قال :"
الجنَّةُ أقربُ إلى أحدِكم من شِراكِ نعلِه ، والنَّارُ مثلُ ذلك "
الراوي : عبدالله بن مسعود | المحدث : البخاري | المصدر : صحيح البخاري.الصفحة أو الرقم: 6488 | خلاصة حكم المحدث : [صحيح] عن أبي جحيفة - رضي الله عنْه - عن النبي عليه الصلاة والسلام انه قال:"
قالَ اللَّهُ تبارَكَ وتعالى يا ابنَ آدمَ إنَّكَ ما دعوتَني ورجوتَني غفَرتُ لَكَ على ما كانَ فيكَ ولا أبالي، يا ابنَ آدمَ لو بلغت ذنوبُكَ عَنانَ السَّماءِ ثمَّ استغفرتَني غفرتُ لَكَ، ولا أبالي، يا ابنَ آدمَ إنَّكَ لو أتيتَني بقرابِ الأرضِ خطايا ثمَّ لقيتَني لا تشرِكُ بي شيئًا لأتيتُكَ بقرابِها مغفرةً "
الراوي : أنس بن مالك | المحدث : الألباني | المصدر : صحيح الترمذي.الصفحة أو الرقم: 3540 | خلاصة حكم المحدث : صحيح الخوف هو :
•
الخوف توقُّع العقوبة على مجاري الأنفاس.
• وقيل: هو
قوَّة العلم بِمجاري الأحكام.
• وقيل: هو
هَرَبُ القلب من حلول المكْروه عند استشعاره.
• وقيل: هو
غمٌّ يلحق النفس؛ لتوقُّع مكروه.
الرجاء هو :
•
الرجاء حادٍ يحدو القُلوب إلى بلاد المحبوب، وهو الله والدَّار الآخرة، ويُطَيِّب لها السير.
• وقيل:هو
هو الاستِبْشار بِجود فضل الربِّ - تبارك وتعالى - والارتياح لمطالعة كرمه - سبحانه.
• وقيل:هو
هو الثِّقة بجود الرب تعالى.
• وقيل:هو
هو النَّظر إلى سعة رحمة الله.
وعليه فإن
المسلم المؤمن الموحد المخلص بحبه وطاعته وعبادته لله تعالى يجمع بين الخوف من الله وعقابه وانتقامه، والرجاء والطمع في رحمته تعالى وعفوه.
فرجاؤه معلق برحمة الله تعالى ولا يخاف إلا الله قال تعالى : "
وَالَّذِينَ آمَنُواْ أَشَدُّ حُبّاً لِّلّهِ " البقرة:165.
قالمؤمنون الموحدون الوجلون الطامعون بعفو الله ومغفرته هم أشد الناس خوفًا من الله تعالى.
وقد جمع الله تعالى أركان هذا المقام الإيماني الإحساني الرفيع في وصفه للملائكة المقربين والأنبياء المرسلين والصالحين العابدين فقال جل جلاله :"
أُولَـئِكَ الَّذِينَ يَدْعُونَ يَبْتَغُونَ إِلَى رَبِّهِمُ الْوَسِيلَةَ أَيُّهُمْ أَقْرَبُ وَيَرْجُونَ رَحْمَتَهُ وَيَخَافُونَ عَذَابَهُ إِنَّ عَذَابَ رَبِّكَ كَانَ مَحْذُوراً " الإسراء :57
فالرجاء منزلة عظيمة من منازل العبودية وهي عبادة قلبية تتضمن ذلاً وخضوعاً ، أصلها المعرفة بجود الله وكرمه وعفوه وحلمه ، ولازمها الأخذ بأسباب الوصول إلى مرضاته ، فهو"
حسن الظن بالله تعالى مع العمل والتوبة والندم والاستغفار والحسرة والرجاء ، ولعبادته وقرباته لربه في تقصير واعتراف و استحقار".
و
الخوف منزلة عظيمة من منازل العبودية وهو من عبادات القلوب التي لا تكون إلا لله سبحانه ، وصرفها لغيره شرك أكبر. إذ أنه من تمام الاعتراف بملكه وسلطانه ، ونفاذ مشيئته في خلقه ، ومحفز للحصول على مغفرته وجنته برحمته.قال تعالى:"
إِنَّ الَّذِينَ يَخْشَوْنَ رَبَّهُم بِالْغَيْبِ لَهُم مَّغْفِرَةٌ وَأَجْرٌ كَبِيرٌ" (الملك:12).
وقال تعالى :"
وَأَمَّا مَنْ خَافَ مَقَامَ رَبِّهِ وَنَهَى النَّفْسَ عَنِ الْهَوَى * فَإِنَّ الْجَنَّةَ هِيَ الْمَأْوَى" (النازعات:40-41).
والواجب على المسلم الموحد المتيقن بالله ربا وبمحمد صلى الله عليه وسلم رسولا أن يعبد الله بـالخوف والرجاء معا، فإن من عبد الله بالحب وحده تزندق كمن ترك التكاليف من ضالي الصوفية بحجة الوصول، ومن عبد الله بالخوف فقط فهو كالخوارج، ومن عبد الله بالرجاء فقط وقع في بدعة المرجئة.
فالتوسط والقصد أن يكون في القلب الحب لله مع الخوف منه، ورجاء رحمته وعفوه، وقد قال ابن قدامة في كتاب مختصر منهاج القاصدين: " فضيلة كل شيء بقدر إعانته على طلب السعادة، وهي لقاء الله تعالى، والقرب منه، فكل ما أعان على ذلك فهو فضيلة، قال الله تعالى:" وَلِمَنْ خَافَ مَقَامَ رَبِّهِ جَنَّتَانِ". وقال تعالى: " رَّضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ ذَلِكَ لِمَنْ خَشِيَ رَبَّهُ"."
أيهما أفضل الخوف أم الرجاء؟ الخوف و
الرجاء دواءان يداوى بهما القلوب، ففضلهما بحسب الداء الموجود،
فإن كان الغالب على القلب الأمن من مكر الله واكثرة المعاصي ومداومة الذنوب ، فالخوف أفضل، ، و
إن كان الغالب على القلب اليأس والقنوط، فالرجاء أفضل.
ويجوز أن يقال مطلقاً:
الخوف أفضل، لأن المعاصي والذنوب والغفلة والنسيان والغرور والاغترار والتمني والامل هو الغالب في طباع البشر.
فإن قيل:
كيف اعتدال الخوف والرجاء في قلب المؤمن، وهو على قدم التقوى؟
فينبغي أن يكون رجاؤه أقوى.
فيقال:
أن المؤمن غير متيقن صحة عمله ، فعن عائشة رضي الله عنها قالت: سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم عن هذه الآية: " وَالَّذِينَ يُؤْتُونَ مَا آتَوا وَّقُلُوبُهُمْ وَجِلَةٌ أَنَّهُمْ إِلَى رَبِّهِمْ رَاجِعُونَ ". قالت عائشة: هم الذين يشربون الخمر ويسرقون؟ قال: لا يا بنت الصديق، ولكنهم يصومون ويصلون ويتصدقون وهم يخافون أن لا يقبل منهم، أولئك يسارعون في الخيرات. الراوي : عائشة أم المؤمنين | المحدث : الألباني | المصدر : السلسلة الصحيحة. الصفحة أو الرقم: 162 | خلاصة حكم المحدث : رجاله ثقات . وهذا
عمر بن الخطاب رضي الله عنه يسأل
حذيفة رضي الله عنه:
قال حُذَيفةُ رضيَ اللهُ عنهُ :"
ماتَ رجلٌ من المنافِقينَ ، فلَم أُصَلِّ عليهِ" ، فقالَ عمرُ رضيَ اللهُ عنهُ :"
ما منعَك أن تصلِّيَ عليهِ "؟ قُلتُ :"
إنَّهُ منهُم ". فقال :"
أباللهِ منهُم أنا "؟ قُلتُ :"
لا ".
فبكى [ عمرُ ] رضيَ اللهُ عنهُ.
الراوي : زيد بن وهب الجهني | المحدث : ابن حجر العسقلاني | المصدر : المطالب العالية. الصفحة أو الرقم: 4/123 | خلاصة حكم المحدث : إسناده صحيح أباللهِ منهُم أنا ؟
وإنما خاف أن تلتبس حاله عليه، ويستتر عيبه عنه، فالخوف المحمود هو الذي يبعث على العمل، ويزعج القلب عن الركون إلى الدنيا، وأما عند نزول الموت، فالأصلح للإنسان الرجاء، لأن الخوف كالسوط الباعث على العمل، وليس ثمة عمل، فلا يستفيد الخائف حينئذ إلا تقطيع نياط قلبه، والرجاء في هذه الحال يقوي قلبه، ويحبب إليه ربه، فلا ينبغي لأحد أن يفارق الدنيا إلا محباً لله تعالى، محباً للقائه، حسن الظن به، وقد قال سليمان التيمي عند الموت لمن حضره: حدثني بالرخص، لعلي ألقى الله وأنا أحسن الظن به.
انتهى باختصار قال العلامة الحافظ
ابن رجب في (
جامع العلوم والحكم- تحقيق: ماهر الفحل) :
"
وقال طائفة من السَّلف : خشوعُ النفاق أنْ ترى الجسدَ خاشعاً ، والقلب ليس بخاشع ، وقد رُوي معنى ذلك عن عمر ، وروي عنه أنَّه قال على المنبر :" إنَّ أخوفَ ما أخافُ عليكم المنافقُ العليم "، قالوا : كيف يكون المنافق عليماً ؟ قال :" يتكلم بالحكمةِ ، ويعمل بالجور "."
أو قال :"
المنكر ".
وسُئل حذيفة عن المنافق ، فقال :"
الذي يصف الإيمان ولا يعمل به ".
أخرجه : المروزي في " تعظيم قدر الصلاة " ( 685 ) عن عمر بن الخطاب موقوفاً .
أخرجه : المروزي في " تعظيم قدر الصلاة " ( 682 ) ، وابن بطة في " الإبانة " ( 914 ) و( 928) . أما حسن الظن بالله:
حسن الظن بالله تعالى
مأمور به شرعاً، و
مطلوب من المسلم في كل وقت من أوقات حياته، فعن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:"
يقول الله تعالى:
أنا عند حسن ظن عبدي بي. وفي رواية: فليظن بي ما شاء."
رواه البخاري ومسلم. وكان
صلى الله عليه وسلم يحب الفأل الحسن لأن
التشاؤم من سوء الظن بالله تعالى، و
حسن الظن بالله تعالى ل
ا يعني التكاسل عن الطاعات والتهاون بالعبادات اتكالاً على سعة رحمة الله تعالى،
فهذا والعياذ بالله تعالى
من الأمن لمكر الله المؤدي إلى الخسران، فقد قال الله في من هذا شأنهم:"
أَفَأَمِنُوا مَكْرَ اللَّهِ فَلا يَأْمَنُ مَكْرَ اللَّهِ إِلَّا الْقَوْمُ الْخَاسِرُونَ "(الأعراف:99)،
فصلاح المؤمن مرهون باجتماع الخوف والرجاء في قلبه، فينبغي له أن يوازن بينهما في حالة الصحة أو يغلب جانب الخوف، ليكون ذلك أدعى لكثرة العمل الصالح، وأردع عن الأعمال السيئة. فإذا عجز عن العمل أو أحس بدنو الأجل غلَّب جانب الرجاء ليقوى افتقاره إلى تعالى ويحسن رجاؤه.هكذا كان شأن السلف الصالح من الصحابة وغيرهم، فكانوا يخافون الله تعالى أشد الخوف، ويراقبون أنفسهم مراقبة الحريص في أدق الأمور.. فإذا تعذرت الأعمال وأحسوا بقرب الآجال كان الرجاء في الله تعالى وحسن الظن به هو أملهم الأول. ففي الحديث القدسي "
قول اللهُ تعالَى : أنا عندَ ظنِّ عبدي بي ، وأنا معه إذا ذكَرَنِي ، فإن ذَكَرَنِي في نفسِه ذكرتُه في نفسي ، وإن ذكَرَنِي في ملأٍ ذكرتُه في ملأٍ خيرٌ منهم ، وإن تقرَّبَ إليَّ شبرًا تقرَّبتُ إليه ذراعًا ، وإن تقرَّبَ إليَّ ذراعًا تقرَّبتُ إليه باعًا ، وإن أتاني يمشي أتيتُه هرْولةً ". )
الراوي : أبو هريرة | المحدث : البخاري | المصدر : صحيح البخاري. الصفحة أو الرقم: 7405 | خلاصة حكم المحدث : [صحيح] قال
النووي رحمه الله في شرح هذا الحديث:"
قوله سبحانه وتعالى - أي في الحديث القدسي - : (
أنا عند ظن عبدي بي)،
قال العلماء: معنى حسن الظن بالله تعالى:
أن يظن أنه يرحمه ويعفو عنه،
قالوا:
وفي حالة الصحة يكون خائفاً راجياً، ويكونان سواء.
وقيل:
يكون الخوف أرجح، فإذا دنت أمارات الموت غلّب الرجاء أو محّضه، لأن مقصود الخوف: الانكفاف عن المعاصي والقبائح، والحرص على الإكثار من الطاعات والأعمال، وقد تعذر ذلك، أو معظمه في هذا الحال، فاستحب إحسان الظن المتضمن للافتقار إلى الله تعالى، والإذعان له".
وقال الحافظ
ابن حجر في
الفتح: (
أنا عند ظن عبدي بي ":
أجازيه بحسب ظنه بي، فإن رجا رحمتى وظن أني أعفو عنه وأغفر له فله ذلك، لأنه لا يرجوه إلا مؤمن علم أن له رباً يجازي، وإن يئس من حرمتي وظن أني أعاقبه وأعذبه فعليه ذلك، لأنه لا ييأس إلا كافر ".
وجاء في
فيض القدير شرح الجامع الصغير للمناوي: (
قال ابن أبي جمرة:
معنى (ظن عبدي بي): ظن الإجابة عند الدعاء، وظن القبول عند التوبة، وظن المغفرة عند الاستغفار، وظن المجازاة عند فعل العبادة بشروطها تمسكاً بصادق وعده، وقال أيضا:" لا يعظم الذنب عند الحاكم عظمة تقنطك من حسن الظن بالله، فإن من عرف ربه استصغر في جنب كرمه ذنبه، لا صغيرة إذا قابلك عدله، ولا كبيرة إذا واجهك فضله".
وروى
ابن أبي الدنيا عن
إبراهيم قال:
كانوا يستحبون أن يلقنوا العبد محاسن عمله عند موته، لكي يحسن الظن بربه، وقد قال بعض أئمة العلم:
إنه يحسن جمع أربعين حديثاً في الرجاء تقرأ على المريض، فيشتد حسن ظنه بالله تعالى، فإنه تعالى عند ظن عبده به).
ذكره في سبل السلام في كتاب الجنائز. من الأسباب الباعثة على الخوف من الله والرجاء له جل شأنه:
تدبر كلام الله تعالى وقد بين الله سبحانه هذا المنهج القويم حينما ذكر مجموعة من صفاته فقال :"
نَبِّئْ عِبَادِي أَنِّي أَنَا الْغَفُورُ الرَّحِيمُ " ثم ذكر في المقابل "
وَأَنَّ عَذَابِي هُوَ الْعَذَابُ الأَلِيمَ" سورة الحجر :49.
تحقيق الإيمان بالله وبأسمائه وصفاته ، فمن أسمائه سبحانه وبحمده :
الحليم والغفور والغفار و العفو وكذا ا
لتواب والكريم والرحيم ومن اسمائه جل جلاله
القوي ، المتين ،القادر والمقتدر والقدير ، القاهر والقهار العزيز والجبار والمنتقم .
وهذه الأسماء وغيرها تدعوا المسلم أن يكون خائفاً عالماً اطلاعه عليه ومراقبته له ، راجياً ماعند الله سبحانه إن هو أطاعه وتقرب إليه وإن هو تاب وأناب إليه .
فقد جاء في الحديث الصحيح عن النبي عليه الصلاة والسلام انه قال:"
عُذِّبَتِ امرأةٌ في هِرَّةٍ سجَنَتْها حتَّى ماتت ، فدخَلَتْ فيها النَّارَ ، لا هي أطعَمَتْها ولا سَقَتْها إذ حبَسَتْها ، ولا هي ترَكَتْها تأكُلُ مِن خَشَاشِ الأرضِ "
الراوي : عبدالله بن عمر | المحدث : البخاري | المصدر : صحيح البخاري.الصفحة أو الرقم: 3482 | خلاصة حكم المحدث : [صحيح] وفي المقابل غفر الله لبغي من بغايا بني اسرائيل كما جاء في الصحيح عن النبي عليه الصلاة والسلام قوله: " بينما كلبٌ يُطِيفُ برَكيَّةٍ ، كاد يقتُلُه العطشُ ، إذ رأَتْه بغيٌّ من بغايا بني إسرائيلَ ، فنزَعَت مُوقَها ، فسَقَتْه فغُفِر لها به "
الراوي : أبو هريرة | المحدث : البخاري | المصدر : صحيح البخاري. الصفحة أو الرقم: 3467 | خلاصة حكم المحدث : [صحيح] وقال عليه السلام مبينا عذاب الله الشديد:"
إن أهونَ أهلِ النارِ عذابًا من له نعلانِ وشراكان من نارٍ . يغلي منهما دماغُه . كما يغلي المرجلُ ما يرى أن أحدًا أشدُّ منه عذابًا . وإنه لأهونُهم عذابًا "
الراوي : النعمان بن بشير | المحدث : مسلم | المصدر : صحيح مسلم. الصفحة أو الرقم: 213 | خلاصة حكم المحدث : صحيح وفي المقابل :"
أنَّ النبيَّ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ قال لبلالٍ عندَ صلاةِ الفجرِ :" ي
ا بلالُ ، حدِّثْنِي بأَرْجَى عملٍ عَمِلْتَهُ في الإسلامِ ، فإنِّي سمعتُ دُفَّ نعليْكَ بينَ يديَّ في الجنةِ ". قال :"
ما عملتُ عملًا أَرْجَى عندي : أنِّي لم أَتَطَهَّرَ طَهورًا ، في ساعةِ ليلٍ أو نهارٍ ، إلا صلَّيتُ بذلكَ الطَّهورِ ما كُتِبَ لي أن أُصلِّي" ."
الراوي : أبو هريرة | المحدث : البخاري | المصدر : صحيح البخاري.الصفحة أو الرقم: 1149 | خلاصة حكم المحدث : [صحيح] عدل الهي ورحمة الهية ...ثواب و عقاب من رب رحيم جبار.
ومن بواعث الخوف من الله والرجاء له سبحانه
التفكر في أمر الذنوب والمعاصي وخاصة
الكبائر منها ، فمن تاب وأناب فربنا جل حلاله غفور رحيم يحب التوابين ويغفر الذنب العظيم ، قال الله تعالى (
فَمَنْ تَابَ مِنْ بَعْدِ ظُلْمِهِ وَأَصْلَحَ فَإِنَّ اللَّهَ يَتُوبُ عَلَيْهِ ۗ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ ) المائدة: 39.
وقال صلى الله عليه وسلم :"
فإذا وقَفَ بِعرفةَ ، فإنَّ اللهَ عزَّ وجلَّ يَنْزِلُ إلى السَّماءِ الدنيا فيقولُ : انظُروا إلى عِبادِي شُعْثًا غُبْرًا ، اشْهَدُوا أَنِّي غَفَرْتُ لهُمْ ذُنُوبَهُمْ ، وإن كانَتْ عَدَدَ قَطْرِ السَّماءِ ، ورَمْلِ عَالِجٍ "
الراوي : عبدالله بن عمر | المحدث : الألباني | المصدر : صحيح الترغيب. الصفحة أو الرقم: 1131 | خلاصة حكم المحدث : حسن وقال صلى الله عليه وسلم :"
ينزلُ اللهُ في كلِّ ليلةٍ إلى سماءِ الدُّنيا فيقولُ : هل من سائلٍ فأُعطِيَه ؟ هل من مُستغفرٍ فأغفرَ له ؟ هل من تائبٍ فأتوبَ عليه ؟ حتى يطلعَ الفجرُ "
الراوي : جبير بن مطعم | المحدث : الألباني | المصدر : صحيح الجامع. الصفحة أو الرقم: 8167 | خلاصة حكم المحدث : صحيح وقال صلى الله عليه وسلم :"
إن اللهَ عز وجل يبسطُ يدَه بالليلِ ، ليتوبَ مسيءُ النهارِ . ويبسطُ يدَه بالنهارِ ، ليتوبَ مسيءُ الليلِ . حتى تطلعَ الشمسُ من مغربِها"
الراوي : أبو موسى الأشعري عبدالله بن قيس | المحدث : مسلم | المصدر : صحيح مسلم. الصفحة أو الرقم: 2759 | خلاصة حكم المحدث : صحيح وقال صلى الله عليه وسلم :"
آخِرُ مَن يدخلُ الجنةَ رجلٌ فهو يَمشِي مرةً ويَكْبُو مرةً . وتَسْفَعُهُ النارُ مرةً . فإذا ما جاوزها التَفَت إليها . فقال : تبارك الذي نجَّانِي مِنكِ . لقد أعطاني اللهُ شيئًا ما أعطاهُ أحدًا من الأولينَ والآخِرينَ . فَتُرْفَعُ له شجرةً . فيقولُ : أيْ رَبِّ ! أَدْنِنِي من هذه الشجرةِ فَلِأَسْتَظِلَّ بِظِلِّها وأشربَ من مائِها . فيقولُ اللهُ عز وجل : يا ابنَ آدمَ ! لَعَلِّي إن أَعْطَيْتُكَها سألتَنِي غيرَها . فيقولُ : لا . يا ربِّ ! ويعاهدُه أن لا يسألَه غيرَها . وربُّه يعذِرُه . لأنه يَرَى ما لا صبرَ له عليه . فيُدْنِيهِ منها . فيَسْتَظِلُّ بظِلِّها ويَشربُ من مائِها . ثم تُرفعُ له شجرةٌ هي أحسنُ من الأولى . فيقولُ : أيْ ربِّ ! أَدْنِنِي من هذه لِأَشربَ من مائِها وأَستظِلَّ بظِلِّها . لا أسألُك غيرَها . فيقولُ : يا ابنَ آدمَ ! ألم تُعاهِدْني أن لا تسألَني غيرَها ؟ فيقولُ : لَعَلِّي إن أَدْنَيْتُك منها تسألُني غيرَها ؟ فيُعاهدُه أن لا يسألَه غيرَها . وربُّه يَعْذِرُه . لأنه يَرَى ما لا صبرَ له عليه فيُدنِيه منها . فيَستظِلُّ بظِلِّها ويشربُ من مائِها . ثم تُرفعُ له شجرةً عند بابِ الجنةِ هي أحسنُ من الأولَيَيْنِ . فيقولُ : أيْ ربِّ ! أَدْنِنِي من هذه لِأستظِلَّ بظِلِّها وأشربَ من مائِها . لا أسألُك غيرَها . فيقولُ : يا ابنَ آدمَ ! ألم تُعاهِدْني أن لا تسألَني غيرَها ؟ قال : بلى . يا ربِّ ! هذه لا أسألُك غيرَها . وربُّه يعذِرُه لأنه يرى ما لا صبرَ له عليه . فيُدْنِيهِ منها . فإذا أدناه منها، فيَسمعُ أصواتَ أهلِ الجنةِ، فيقول : أيْ ربِّ ! أدخِلْنِيها . فيقولُ : يا ابنَ آدمَ ! ما يَصْرِينِي منكَ ؟ أيُرضِيكَ أن أُعطِيَكَ الدنيا ومثلَها معها ؟ قال : يا ربِّ ! أتستهزئُ مني وأنت ربُّ العالمين . فضحِك ابنُ مسعودٍ فقال : ألا تسألوني مِمَّ أضحكُ ؟ فقالوا : مِمَّ تضحكُ ؟ قال : هكذا ضحِك رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّم . فقالوا : مِمَّ تضحكُ يا رسولَ اللهِ ؟ قال: من ضَحِكِ ربِّ العالمينَ حين قال : أتستهزِئُ مني وأنت ربُّ العالمين ؟ فيقولُ : إني لا أستهزئُ منك، ولكني على ما أشاءُ قادرٌ .
الراوي : عبدالله بن مسعود | المحدث : مسلم | المصدر : صحيح مسلم. الصفحة أو الرقم: 187 | خلاصة حكم المحدث : صحيح لكن المصر على المعاصي - الكبائر كـالشرك بالله و ترك الصلاة ،السحر و قتل النفس و الربا و اللواط والزنا ... -فقد توعده الله بالعذاب والنكال:
قال صلى الله عليه وسلم :"
اجتَنبوا السَّبعَ الموبقاتِ . قالوا : يا رسولَ اللهِ : وما هنَّ ؟ قال : الشِّركُ باللهِ ، والسِّحرُ ، وقتلُ النَّفسِ الَّتي حرَّم اللهُ إلَّا بالحقِّ ، وأكلُ الرِّبا ، وأكلُ مالِ اليتيمِ ، والتَّولِّي يومَ الزَّحفِ ، وقذفُ المحصَناتِ المؤمناتِ الغافلاتِ "
الراوي : أبو هريرة | المحدث : البخاري | المصدر : صحيح البخاري. الصفحة أو الرقم: 2766 | خلاصة حكم المحدث : [صحيح] الإشراك بالله: وهو جعل شريك لله سبحانه وتعالى في ربوبيته أو إلوهيته بأن يدعو مع الله غيره أو يصرف له شيئاً من أنواع العبادة كالذبح أوالنذر أو الخوف أو الدعاء والشرك هو الذنب الذي لا يغفره الله تعالى لمن مات ولم يتب منه بل يكون مصير صاحبه الناركما قال تعالى: "
لَقَدْ كَفَرَ الَّذِينَ قَالُواْ إِنَّ اللّهَ هُوَ الْمَسِيحُ ابْنُ مَرْيَمَ وَقَالَ الْمَسِيحُ يَا بَنِي إِسْرَائِيلَ اعْبُدُواْ اللّهَ رَبِّي وَرَبَّكُمْ إِنَّهُ مَن يُشْرِكْ بِاللّهِ فَقَدْ حَرَّمَ اللّهُ عَلَيهِ الْجَنَّةَ وَمَأْوَاهُ النَّارُ وَمَا لِلظَّالِمِينَ مِنْ أَنصَارٍ ".المائدة:72
السحر: قال صلى الله عليه وسلم :"
من أتى عرَّافًا فسألَه عن شيٍء لم تُقْبَلْ لهُ صلاةٌ أربعين ليلةًالراوي : بعض أزواج النبي صلى الله عليه وسلم | المحدث : مسلم | المصدر : صحيح مسلمز الصفحة أو الرقم: 2230 | خلاصة حكم المحدث : صحيح وقال: صلى الله عليه وسلم :"
من أتى ساحرًا أو كاهنًا فصدَّقه بما يقولُ ، أو أتى حائضًا أو امرأةً في دُبُرِها فقد بَرِئَ مما أُنزِلَ على محمدٍ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّم ، أو كفَر بما أُنزِلَ على محمدٍ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّم "
#666600]]الراوي : أبو هريرة | المحدث : الألباني | المصدر : الإيمان لأبي عبيد. الصفحة أو الرقم: 77 | خلاصة حكم المحدث : إسناده صحيح