ما مدى صحة هذه الرواية:
يحكى أن أحد العلماء كان يحث ابنه ويوصيه على قراءة القرآن منذ أن كان صغيراً، وكان يعلمه حفظ القرآن وطريقة تجويده، وفي يوم من الأيام، دعا العالم ابنه، وقال له سأخبرك بسر من أسرار سورة الكهف، إنها آيات إذا قرأتها قبل نومك فإنها توقظك عند أذان الفجر شرط أن تغمض عينيك وتقرأ هذه الآيات وبعد ذلك تنام، استغرب الأبن قول أبيه مع إنه لا غريب في القرآن، قرر الولد تجربة وصية أبيه، وعندما حل الظلام وحان وقت النوم، قرأ الولد تلك الأيات وبالفعل استيقظ عند أذان الفجر فما كان من الابن إلا أن شكر والده وشكر ربه على هذه النعمة، والآيات هي أواخر سورة الكهف[/b]. (
إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ كَانَتْ لَهُمْ جَنَّاتُ الْفِرْدَوْسِ نُزُلا * خَالِدِينَ فِيهَا لا يَبْغُونَ عَنْهَا حِوَلا * قُل لَّوْ كَانَ الْبَحْرُ مِدَادًا لِّكَلِمَاتِ رَبِّي لَنَفِدَ الْبَحْرُ قَبْلَ أَن تَنفَدَ كَلِمَاتُ رَبِّي وَلَوْ جِئْنَا بِمِثْلِهِ مَدَدًا * قُلْ إِنَّمَا أَنَا بَشَرٌ مِّثْلُكُمْ يُوحَى إِلَيَّ أَنَّمَا إِلَهُكُمْ إِلَهٌ وَاحِدٌ فَمَن كَانَ يَرْجُو لِقَاء رَبِّهِ فَلْيَعْمَلْ عَمَلًا صَالِحًا وَلَا يُشْرِكْ بِعِبَادَةِ رَبِّهِ أَحَدًا ) .(107 - 110الكهف )
هل ثبت أن قراءة أواخر سورة الكهف قبل النوم يعين على القيام لصلاة الفجر ؟
لا يوجد دليلٌ شرعيٌ واحد صحيح او ثابت او معتمد ، يدل على أن من أراد الاستيقاظ لصلاة الفجر فإن عليه أن يقرأ أواخر سورة الكهف أو غير ذلك من القرآن.كما أن علينا الانتباه لما يلي:
أولا :
حذر النبي صلى الله عليه وسلم من الإحداث والابتداع في دين الله ، وأخبر أن كل محدثة بدعة ، وكل بدعة ضلالة ، وكل ضلالة في النار. .
ثانيا :
السنة لا تثبت بمجرد التجربة ، ولا يخرج بها الفاعل للشيء ، معتقدا أنه سنة ، عن كونه مبتدعا .
ثالثا :
لم يثبت بالشرع أن من السنة قراءة أواخر سورة الكهف عند النوم ، أو أن لها تأثيرا في القيام لصلاة الفجر ، أو أن لها فضلا مخصوصا ؛ وقد ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : (
ما بقي شيء يقرب من الجنة ويباعد من النار إلا وقد بين لكم ) .
رواه الطبراني في الكبير (1647) وصححه الألباني في " الصحيحة " (1803) . قال
ابن القيم رحمه الله :
"
فقد بيَّن الله - سبحانه - على لسان رسوله بكلامه وكلام رسوله جميع ما أمره به ، وجميع ما نهى عنه ، وجميع ما أحله ، وجميع ما حرمه ، وجميع ما عفا عنه , وبهذا يكون دينُه كاملا كما قال تعالى : ( اليوم أكملت لكم دينكم وأتممت عليكم نعمتي ) "
انتهى من " إعلام الموقعين " ( 1 / 250 ) .رابعا :
ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم من الذكر ما يستحب أن ينام العبد عليه ، ويجعله آخر كلامه ، وليس فيه أواخر سورة الكهف ، ولا الكيفية المبتدعة المذكورة :
فمن ذلك حديث
البَرَاءِ بْنِ عَازِبٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، قَالَ: قَالَ لِي رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : (
إِذَا أَتَيْتَ مَضْجَعَكَ ، فَتَوَضَّأْ وَضُوءَكَ لِلصَّلاَةِ ، ثُمَّ اضْطَجِعْ عَلَى شِقِّكَ الأَيْمَنِ ، وَقُلْ : اللَّهُمَّ أَسْلَمْتُ نَفْسِي إِلَيْكَ ، وَفَوَّضْتُ أَمْرِي إِلَيْكَ ، وَأَلْجَأْتُ ظَهْرِي إِلَيْكَ، رَهْبَةً وَرَغْبَةً إِلَيْكَ ، لاَ مَلْجَأَ وَلاَ مَنْجَا مِنْكَ إِلَّا إِلَيْكَ ، آمَنْتُ بِكِتَابِكَ الَّذِي أَنْزَلْتَ، وَبِنَبِيِّكَ الَّذِي أَرْسَلْتَ ، فَإِنْ مُتَّ مُتَّ عَلَى الفِطْرَةِ ، فَاجْعَلْهُنَّ آخِرَ مَا تَقُولُ )
رواه البخاري (6311) ومسلم (2710) . وروى أبو داود (5055) عن
فروة بن نوفل عن أبيه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لنوفل : (
اقرأ " قل يا أيها الكافرون " ثم نم على خاتمتها فإنها براءة من الشرك )
وصححه الألباني في " صحيح أبي داود " . ومن أراد القيام لصلاة الفجر استعمل الأساليب الصحيحة المعينة على ذلك ، ومنها :
الأخذ بأسباب الاستيقاظ .ثم من غلبه النوم فلا إثم عليه إن شاء الله، لقوله صلى الله عليه وسلم: "
... ليس في النومِ تفريطٌ . إنما التفريطُ على من لم يُصَلِّ الصلاةَ حتى يجيءَ وقتُ الصلاةِ الأخرى . فمن فعل ذلك فليُصلِّها حين ينتبهُ لها . فإذا كان الغدُ فليُصلِّها عند وقتها ..."".
الراوي : أبو قتادة الأنصاري | المحدث : مسلم في صحيحه الرقم: 681
وأما المتهاون فعليه بالأخذ بأسباب الاستيقاظ من ضبط منبه أو نحوه، أو توكيل من يوقظه للصلاة ، والا فيخشى عليه من الإثم.
الاجتهاد في الدعاء، فإنه سلاح يستعين به العبد،.
الإخلاص لله تعالى:
فكلما قوي إخلاص العبد كان أكثر توفيقاً إلى الطاعات والقربات، وفي حديث أبي بن كعب رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:"
بشّر هذه الأمة بالسناء، والدين، والرفعة، والنصر، والتمكين في الأرض، فمن عمل منهم عمل الآخرة للدنيا لم يكن له في الآخرة من نصيب".
الراوي : أبي بن كعب | المحدث : الهيثمي في مجمع الزوائد : 10/223 | خلاصة حكم المحدث : رجاله رجال الصحيح قال
مطرف بن عبد الله بن الشخير:
صلاح العمل بصلاح القلب، وصلاح القلب بصلاح النية.
قال
ابن القيم رحمه الله:"
وعلى قدر نية العبد وهمته ومراده ورغبته يكون توفيقه سبحانه وإعانته، فالمعونة من الله تنزل على العباد على قدر هممهم ونياتهم ورغبتهم ورهبتهم، والخذلان ينزل عليهم على حسب ذلك".
النوم على الجانب الأيمن:
فهو هدي النبي صلى الله عليه وسلم ، كما جاء في حديث
أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:"
إذا أوى أحدكم إلى فراشه فلينفضه بداخلة إزاره، فإنه لا يدري ما خلّفه عليه، ثم ليضطجع على شقه الأيمن، ثم ليقل: باسمك ربي وضعت جنبي وبك أرفعه، إن أمسكت نفسي فارحمها، وإن أرسلتها فاحفظها بما تحفظ به عبادك الصالحين. متفق عليه.
وعن
البراء بن عازب رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:
"
إذا أتيتَ مضجعكَ ، فتوضأ وضوءَكَ للصلاةِ ، ثم اضطَجِعْ على شِقِّكَ الأيمنِ، ثم قل: اللهم أسلمتُ وجهي إليك، وفوضتُ أمري إليك ، وألجأتُ ظهري إليك ، رغبةً ورهبةً إليك ، لا ملجأ ولا مَنْجى منك إلا إليك ، اللهم آمنتُ بكتابِك الذي أنزلتَ ، وبنبيِّك الذي أرسلتَ ، فإن مُتَّ من ليلتِك ، فأنت على الفطرةِ ، واجعلْهُن آخِرَ ما تتكلمُ به، قال: فرددتُها على النبيِّ صلى الله عليه وسلم ، فلما بلغت: اللهم آمنتُ بكتابِك الذي أنزلتَ ، قلت: ورسولِك ، قال: لا ، ونبيِّك الذي أرسلتَ".
الراوي : البراء بن عازب | المحدث : البخاري في صحيحه الصفحة أو الرقم: 247 قال الإمام
ابن القيم رحمه الله:
وفي اضطجاعه صلى الله عليه وسلم على شقه الأيمن سر، وهو أن القلب معلّق في الجانب الأيسر، فإذا نام على شقه الأيسر استثقل نوماً، لأنه يكون في دعة واستراحة فيثقل نومه، فإذا نام على شقه الأيمن فإنه يقلق ولا يستغرق في النوم لقلق القلب وطلبه مستقره وميله إليه.
النوم على طهارة:
من حديث
البراء بن عازب رضي الله عنه، وفيه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:
إذا أتيت مضجعك فتوضأ وضوءك للصلاة.
متفق عليه وعن
معاذ بن جبل رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:
ما من مسلم يبيت على ذكر طاهراً فيتعارّ من الليل، فيسأل الله خيراً من أمر الدنيا والآخرة إلا أعطاه إياه.
الراوي : معاذ بن جبل | المحدث : الألباني | المصدر : صحيح أبي داود : 5042 | خلاصة حكم المحدث : صحيح .وجاء من حديث أبي هريرة رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:"
منْ باتَ طَاهِرًا باتَ في شِعَارِهِ مَلَكٌ ، لا يَسْتَيْقِظُ ساعَةً مِنَ الليلِ إلَّا قال المَلَكُ : اللهمَّ اغفرْ لِعَبْدِكَ فلانًا ، فإنَّهُ باتَ طَاهِرًا "
الراوي : أبو هريرة | المحدث : الألباني | المصدر : السلسلة الصحيحة : 2539 | خلاصة حكم المحدث : إسناده حسن التبكير بالنوم:
النوم بعد العشاء مبكراً وصية نبوية، وخصلة حميدة، وعادة صحية. ومما جاء في فضله حديث أبي برزة الأسلمي رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم "
...وكان يستحب أن يؤخرَ العشاءَ، التي ندعونها العتَمة، وكان يكره النومَ قبلها والحديثَ بعدها، وكان ينفتِل من صلاة الغداةِ حين يعرف الرجلُ جليسَه، ويقرأ بالستين إلى المائةِ ".
الراوي : أبو برزة الأسلمي | المحدث : البخاري في صحيحه : 547. نقل الحافظ
ابن حجر عن
القاضي عياض في قوله:
وكان يكره النوم قبلها. قال:
لأنه قد يؤدي إلى إخراجها عن وقتها مطلقاً، أو عن الوقت المختار، والسمر بعدها قد يؤدي إلى النوم قبل الصبح، أو عن وقتها المختار، أو عن قيام الليل.
وقال
ابن رافع:
كان عمر بن الخطاب رضي الله عنه ينِشّ الناس بدِرّته بعد العتمة ويقول: قوموا لعل الله يرزقكم صلاة.
اختيار الفراش المناسب:
وذلك بعدم المبالغة في حشو الفراش، وتليينه وتنعيمه لأن ذلك من أسباب كثرة النوم والغفلة، ومجلبة للكسل والدّعة.
وثبت من حديث عائشة رضي الله عنها قالت: "
كان وسادةُ رسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ ، التي يتكئُ عليها ، من أَدَمٍ حشوُها لِيفٌ ".
الراوي : عائشة أم المؤمنين | المحدث : مسلم في صحيحه : 2082 المحافظة على الأذكار الشرعية قبل النوم:
ومنها:
من حديث أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:"
إذا أوى أحدُكم إلى فراشِه ، فليأخذْ داخِلةَ إزارِه ، فلينفُضْ بها فراشَه ، وليسمِّ اللهَ . فإنه لا يعلمُ ما خلَفه بعده على فراشِه . فإذا أراد أن يضطجعَ ، فليضطجعْ على شقِّه الأيمنِ . وليقلْ : سبحانك اللهمَّ ! ربي بك وضعتُ جنبي . وبك أرفعُه . إن أمسكتَ نفسي ، فاغفرْ لها . وإن أرسلتَها ، فاحفظْها بما تحفظُ به عبادَك الصالحين . وفي روايةٍ : بهذا الإسنادِ . وقال : ثم ليقلْ : باسمِك ربي وضعتُ جنبي . فإن أحييتَ نفسي ، فارحمْها"
الراوي : أبو هريرة | المحدث : مسلم | المصدر : صحيحه : 2714 وعن عائشة رضي الله عنها: أن النبي صلى الله عليه وسلم
كان إذا أوى إلى فراشه كل ليلة جمع كفيه، ثم نفث فيهما يقرأ (قل هو الله أحد) و (قل أعوذ برب الفلق) و (قل أعوذ برب الناس) ثم يمسح بهما ما استطاع من جسده، يبدأ بهما على رأسه ووجهه وما أقبل من جسده، يفعل ذلك ثلاث مرات.
متفق عليه. وعن أبي مسعود رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:
من قرأ بالآيتين من آخر سورة البقرة في ليلة كفتاه.
متفق عليه. وعن أنس بن مالك رضي الله أن النبي صلى الله عليه وسلم ]كان إذا أوى إلى فراشه قال:"
00]الحمد لله الذي أطعمنا وسقانا، وكفانا فكم ممن لا كافي له ولا مؤوي له[/b].
صحيح مسلم الصفحة أو الرقم: 2715 ومن حديث أبي هريرة رضي الله عنه وقصة الشيطان معه قال له:"
إذا أويت إلى فراشك فاقرأ آية الكرسي: اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ. حتى تختمها، فإنه لن يزال عليك من الله حافظ، ولا يقربك شيطان حتى تصبح،" فذكر ذلك أبو هريرة للنبي صلى الله عليه وسلم فقال له: صدقك وهو كذوب".
متفق عليه.والله أعلم .