ضمان الأراضي المزروعة:
ما حكم بيع الزيتون على الشجر و على من تجب زكاته؟
ما مقدار النصاب في الحبوب بالكليوجرام؟
ما كيفية إخراج زكاة الزيتون وزيته ؟
هل تخصم مؤونة الزرع والحرث والحصد من المحصول؟
ما حكم من أخر إخراج الزكاة لعدة سنين؟
ما حكم إخراج القيمة في زكاة الزروع؟
ما هي مذاهب العلماء في إخراج القيمة في الزكاة؟
من باع زرعا قبل الحصاد فهل الزكاة على البائع أم على المشتري؟ اولا:
"
وَهُوَ الَّذِي أَنشَأَ جَنَّاتٍ مَّعْرُوشَاتٍ وَغَيْرَ مَعْرُوشَاتٍ وَالنَّخْلَ وَالزَّرْعَ مُخْتَلِفًا أُكُلُهُ وَالزَّيْتُونَ وَالرُّمَّانَ مُتَشَابِهًا وَغَيْرَ مُتَشَابِهٍ ۚ كُلُوا مِن ثَمَرِهِ إِذَا أَثْمَرَ وَآتُوا حَقَّهُ يَوْمَ حَصَادِهِ ۖ وَلَا تُسْرِفُوا ۚ إِنَّهُ لَا يُحِبُّ الْمُسْرِفِينَ " .
(الانعام:141) وقول الله عَزَّ وَجَلَّ: "
وَآتُوا حَقَّهُ يَوْمَ حَصَادِهِ "
اختلف أهل العلم فِي هَذِهِ الآية، فقَالَ بعضهم: هِيَ آية محكمة، والحق المذكور فِيهَا هُوَ
الواجب فِي الزرع من العشر، و
من نصف العشر.
وهذا أمر من الله بإيتاء الصدقة المفروضة من الثمر والحب.
وَمِمَّنْ قَالَ بِذَلِكَ مِنْهُمْ:
مَالك بن أنس حَدَّثَنَا يونس، قَالَ: أَخْبَرَنَا ابن وهب، قَالَ: قَالَ مَالك فِي قول الله عَزَّ وَجَلَّ: "
وَآتُوا حَقَّهُ يَوْمَ حَصَادِهِ"
إن ذَلِكَ الزكاة ". والله أعلم
قال
ابْنِ عَبَّاسٍ :"
وَآتُوا حَقَّهُ يَوْمَ حَصَادِهِ "، قَالَ: "
الْعُشْرُ وَنِصْفُ الْعُشْرِ" و فال ايضا:"
يعني بحقه ، زكاته المفروضة ، يوم يكال أو يعلم كيله".
وقال
علي بن أبي طلحة ، عن
ابن عباس : "
وآتوا حقه يوم حصاده "
يعني :
الزكاة المفروضة ، يوم يكال ويعلم كيله"
و
الزيتون تجب فيه الزكاة على الراجح، لكونه قوتا مدخرا،
فإذا بلغ محصول الزيتون الذي تجنيه نصابا وهو خمسة أوسق، أي ثلاثمائة صاع نبوي وجبت فيه الزكاة.
( انظر مقدار النصاب في الحبوب بالكليوجرام 1.). *
والواجب إخراج العشر من المحصول إن كان الزيتون يسقى بلا كلفة - بعلاً، بماء المطر-، وأما إن كان يسقى بها فالواجب نصف العشر، ويجوز إخراج زكاة الزيتون زيتا فيعصرالزيتون ويخرج العشر أونصفه زيتا، كما يجوز إخراج زكاته زيتونا، لأنه الأصل.
( انظر تفصيل كيفية إخراج زكاة الزيتون وزيته 2.). *
وأما مؤن الحصاد وتكاليف الغراس فإنها لا تخصم من الزكاة، بل إنك تزكي ـ وجوبا ـ جميع المحصول الذي تجنيه على الراجح الذي عليه جمهورأهل العلم.
( انظر لا تخصم مؤونة الزرع والحرث والحصد من المحصول 3.). حكم بيع الزيتون على الشجر وعلى من تجب زكاته وحكم تأخير الزكاة عدة سنوات جهلا بوجوبها:
بيع الزيتون على رؤوس الشجر:
يجوز إذا بدا صلاحه -
تأكد بأن الشجر يحمل ثمرا صالحا -
فمن باع الزيتون بعد بدو صلاحه فالبيع صحيح.
و
الزكاة على البائع.
و
أما قبل بدو الصلاح فالبيع فاسد والزكاة على البائع كذلك، لأن الثمرة لم تخرج عن ملكه.
و
إذا وجبت الزكاة على البائع فليس له إخراجها من القيمة في قول الجمهور، بل يجب عليه أن يخرج من جنس ما وجب عليه، فيشتري الجنس الواجب عليه إن لم يكن عنده ويخرجه في الزكاة.
و
أجاز بعض أهل العلم إخراج القيمة مطلقا، وأجازها بعضهم إن كان فيها مصلحة للفقير.
( انظر التفصيل :حكم إخراج القيمة في زكاة الزروع 4.) والزيتون يجوز إخراج زكاته زيتونا أو زيتا.
و
لا يجوز لمن وجبت عليه الزكاة أن يؤخرها، بل تجب المبادرة بإخراجها.
وأما
الدّين:
فإنه لا يخصم من المال الواجب زكاته في الأموال الظاهرة كالزروع والثمار في قول كثير من العلماء، أو أكثرهم. ومن ثم، فإن من عليه دين وقد وجبت عليه زكاة ثمر كالزيتون، فإنه يزكي ما حصل له من الثمرة ولا يخصم منها ما عليه من دين، وفي المسألة خلاف، وما ذكرناه أحوط.
ومن أخر إخراج افإن لزكاة سنين هذه الزكوات دين في ذمته تجب عليه المبادرة بإخراج ما في ذمته بحسب الاستطاعة فيخرج ما يقدر على إخراجه وما يعجز عنه يبقى في ذمته حتى يتمكن من أدائه، ولا تسقط الزكاة بالتقادم، وسواء كان عالما بالحكم أو جاهلا، وإن عجز عن معرفة ما يلزمه إخراجه فيتحرى ويخرج ما يحصل له به اليقين أو غلبة الظن ببراءة ذمته .
..................
1.
المكاييل:
مقدار النصاب في الحبوب بالكليوجرام:
فقد بين النبي صلى الله عليه وسلم النصاب الواجب إخراج الزكاة فيه فقال:"
ليسَ فيما دون خمسة أوسقٍ صدقة".
متفقٌ عليه. و
الوسَقُ = ستون صاعاً بالإجماع، فيكون النصاب ثلاثمائة صاع (
5x
60 = 300)
و
الصاع خمسة أرطال وثلث بالبغدادي هذا قولُ
مالكٍ و
الشافعي و
أحمدَ و
أهل الحديث، ورجع إليه أبو يوسف صاحب أبي حنيفة بعدما ظهر له الحق في المسألة.
وقد اختلفت تقديراتُ المعاصرين للصاع النبوي، فقدره العلامة ابن عثيمين رحمه الله بكيلوين وأربعين جراماً من البُر - القمح- الرزين، فإذا ضرب هذا المقدار في ثلاثمائة فالناتج هو: 612 كيلو جراماً.
وقدره غيره
بكيلوين وستٍ وسبعين ومائة جرام ، =2.176 وهو منقولٌ عن بعض فقهاء المالكية في القرن الحادي عشر، وقد بالغ في تحرير هذا القول صاحبُ كتاب فقه الزكاة ولعله أضبط إن شاء الله.
وعلى هذا التقدير فإن النصاب هو حاصل ضرب:
2.176 ،في:
300، فيكونُ الناتج:
652.8.
كيلو جراما باعتبار البُر المتوسط، ويزيدُ هذا المقدار وينقص باعتبار ثقل الحب وخفته، فما عليك لحساب قدر النصاب إلا أن تأتي بإناءٍ يسعُ مقدار الصاع النبوي وهو
كيلوان وأربعون جراماً على القول الأول وهو أحوط أو
كيلوان وستةٌ وسبعون ومائة جرام على القول الثاني، وهذا الإناء الذي يسعُ هذا القدر من البر المتوسط هو الصاع الذي تقدر به غير البر من الحبوب والتمور، ثم تضرب فيه من تمرٍ وغيره مما يُراد تقديره في ثلاثمائة والناتجُ هو النصاب.
و
أما الزيوت فإنها إنما تخرجُ من الثمار كالزيتون إذا بلغت نصاباً،
فإذا بلغ الزيتون نصاباً بالتقدير السابق فالواجبُ إخراجُ زكاته وهو العشر إن كان يسقى بلا كلفة، ونصفه إن كان يُسقى بها، وتخرج الزكاة من الزيت لأن الزيتَ هو المقصود منه ، كما بين
النووي في
شرح المهذب، ويجوز إخراجه من الزيتون.
وعلى هذا فمن أراد إخراج الزيت عن الزيتون فإنه يعصره ثم يخرج الواجب عليه بعد العصر وهو عشر الزيت أو نصفه.
......................
2.
كيفية إخراج زكاة الزيتون وزيته:
فمن كان يجني هذه الثمار - يقطفها و يجمعها - على جهة المساقاة فيتولى القيام على شجر الزيتون بنصف الخارج منه، فالزكاة واجبة عليه، وعلى صاحب المزرعة إذا بلغت حصة كل منكما نصاباً.
قال
ابن قدامة في
المغني :"
فإذ ثبت هذا، فإنه يلزم كل واحد منهما زكاة نصيبه إذا بلغت حصته نصاباً، نص عليه أحمد في المزارعة، وإن لم تبلغ النصاب إلا بجمعهما، لم تجب، لأن الخلطة لاتؤثر في غير المواشي في الصحيح. وعنه أنها تؤثر، فتؤثر ها هنا، فيبدأ بإخراج الزكاة ثم يقسمان ما بقي. وإن كانت حصة أحدهما تبلغ نصاباً دون الآخر، فعلى من بلغت حصته نصاباً الزكاة دون الآخر، يخرجها بعد المقاسمة، إلا أن يكون لمن لم تبلغ حصته نصاباً ما يتم به النصاب من مواضع أخر، فتجب عليهما جميعاً الزكاة." انتهى.
وأما إن كان يستأجر لجني الزيتون بنصف الخارج منه (
ضمان على النصف)، فهذه مسألة خلاف بين أهل العلم، فأجازها
الحنابلة، و
منعها الجمهور.
والأولى العدول عنها وتسمية أجرة معلومة خروجاً من الخلاف.
وعلى القول بجوازها فالزكاة في هذه الحال على صاحب المزرعة، لأن الثمر مملوك له، وليس عليك فيما تأخذه أجرة زكاة، جاء في متن الدليل ممزوجاً بشرحه منار السبيل:
" الثاني: أي
من شروط وجوب الزكاة في الخارج من الأرض أن يكون مالكاً النصاب وقت وجوبها، فوقت الوجوب في الحب إذا اشتد، وفي الثمر إذا بدا صلاحه، لأنه حينئذ يقصد للأكل والاقتيات به. فلا زكاة فيما يلقطه اللقاط من السنبل، وما يأخذه أجرة بحصاده، أو يوهب له. نص عليه أي الإمام أحمد، قال أحمد: هو بمنزلة المباحات ليس فيه صدقة". انتهى.
ثم
علينا ان نعلم أن نصاب زكاة الزيتون كغيره هو خمسة أوسق، وقد بينا مقدارها بالكيلو جرامات .
فإذا بلغ الزيتون نصاباً، وجبت زكاته وهي العشر إن كان يسقى بكلفة، ونصف العشر إن كان يسقى بدونها، ويجوز إخراج زكاته زيتوناً لأنه الأصل، ويجوز إخراجها زيتاً، فيعصر الزيتون ويخرج عشره أو نصف عشره زيتاً لأن الزيت هو المقصود من ادخاره،
قال
النووي في
شرح المهذب:
" قال
الشافعي -رضي الله عنه- في القديم:"
إن أخرج زيتوناً جاز لأنه حالة الادخار، قال: وأحب أن أخرج عشره زيتاً لأنه نهاية ادخاره"، ونقل الأصحاب عن ابن المرزباني من أصحابنا أنه حكى في جواز إخراج الزيتون وجهين، قال الشيخ أبو حامد وسائر الأصحاب هذا غلط من ابن المرزبان والصواب ما نص عليه في القديم وهو أنه يجوز أن يخرج زيتا أو زيتونا أيهما شاء". انتهى.
..............................
3.
لا تخصم مؤونة الزرع والحرث والحصد من المحصول:
فنصاب الزروع والثمار خمسة أوسق، والوسق ستون صاعاً ويقدر الصاع بـ 3 كيلو جراماً تقريبا ، ويجب فيما سقي بماء السماء أو الماء الجاري على الأرض الذي لا يحتاج في نقله إلى كلفة العشر أي في كل عشرة أكياس كيس، ونصف العشر فيما سقي بالنواضح، أو احتاج في نقله إلى كلفة، أي في كل عشرة أكياس نصف كيس.
و
اختلف العلماء في مؤونة الزرع والحرث والحصد هل تخصم من المحصول، ولا تجب فيها الزكاة؟ أم أنها تحسب من مال المالك؟فجمهور العلماء من أهل المذاهب الأربعة وغيرهم يرون
أنها لا تخصم من المحصول، ويجب عليه إخراج زكاة الجميع.
قال
الكمال بن الهمام في
فتح القدير:
"
وكل شيء أخرجته الأرض مما فيه العشر لا يحتسب فيه أجر العامل ونفقة البقر، لأن النبي صلى الله عليه وسلم حكم بتفاوت الواجب لتفاوت المؤونة، فلا معنى لرفعها" . انتهى
وقال
الباجي في
شرح الموطأ:
"
وعلى رب الزيتون والحيوان أن يحتسب في ذلك بما استأجر منه، وبما علف وأكل فريكا من الحب، لأن الزكاة قد تعلقت به بعد بدو صلاحه، ووجب عليه تخليصها بماله، فما استأجر به على تخليصها منه، فهو من حصته". انتهى
وقال
النووي في
المجموع:
"
قال أصحابنا: ومؤونة تجفيف التمر وجذاذه وحصاد الحب وحمله ودياسه وتصفيته وحفظه وغير ذلك من مؤونة تكون كلها من خالص مال المالك لا يحتسب منها شيء من مال الزكاة بلا خلاف". انتهى
وقال
ابن قدامة في
المغني:
"
والمؤونة التي تلزم الثمرة إلى حين الإخراج على رب المال، لأن الثمرة كالماشية، ومؤونة الثمرة والماشية ورعيها والقيام عليها إلى حين الإخراج، على ربها كذا هاهنا". انتهى
وذهب بعض العلماء إلى أن
المؤونة تحط من رأس مال المحصود، وتخرج الزكاة عن الباقي إن بلغ نصاباً، وهذا ما نقله صاحب الحاوي عن
عطاء بن أبي رباح قال:"
تكون المؤونة من وسط المال لا يختص بتحملها المالك دون الفقراء، لأن المال للجميع فوزعت المؤونة عليهم". انتهى
ونقل
ابن الهمام في
فتح القدير دليلهم فقال:"
قدر المؤونة بمنزلة السالم بعوض كأنه اشتراه". انتهى
ومقصوده أن النفقة التي أنفقها صاحب الزرع، لابد أن يأخذ بدلها من المحصول، فيكون كأنه اشتراه، لأن المال لا يعتبر زيادة وكسباً إذا كان قد أنفق مثله في المحصول عليه.
وقد أيد هذا الرأي ابن العربي في شرحه على سنن الترمذي المعروف: بعارضة الأحوذي، وهو الذي نرجحه لأن ذلك هو الأشبه بروح الشريعة التي قررت إسقاط نسبة من الزكاة في مقابل السقي بالآلة، كما ورد في الحديث الآنف الذكر.
وبناء على ذلك، فلا يجب عليك إخراج الزكاة إلا فيما بقي بعد مؤونة الحصاد إذا بلغ نصاباً، وفيه العشر إن كان سقيه بماء السماء، ونصف العشر إن كان سقيه بآلة، وأما صاحب الآلة (الحصادة) فلا تجب عليه زكاة فيما يأخذه مقابل حصاده للزرع.
.......................................
4.
حكم إخراج القيمة في زكاة الزروع:
فإذا كان بيع الزروع والثمار يتم بعد بدو صلاحهما بظهورالنضج في الثمر وباشتداد الحب، فإن ذلك جائز، والزكاة على البائع.
ففي
مختصر خليل في الفقه المالكي:
"
والوجوب بإفراك الحب وطيب الثمر، فلا شيء على وارث قبلهما لم يصر له نصاب والزكاة على البائع بعدهما إلا أن يعدم فعلى المشتري ـ قال الخرشي في شرحه: يعني أنه إذا باع زرعه بعد إفراكه، أو شجره بعد طيبه، فإن الزكاة في ذلك على البائع لتعديه، لأنه باعه بعد تعلق الزكاة فيه والفقراء شركاؤه في ذلك بالعشر أو نصفه فهو كبيع الفضولي وسواء باع الزرع قائما أو لا، جزافا، أو لا". انتهى.
وقال
ابن قدامة في
المغني:
"
ويصح تصرف المالك في النصاب قبل الخرص وبعده بالبيع والهبة وغيرهما، فإن باعه أو وهبه بعد بدو صلاحه فصدقته على البائع والواهب، وبهذا قال الحسن ومالك والثوري والأوزاعي، وهو قول الليث إلا أن يشترطها على المبتاع، لأنها كانت واجبة عليه قبل البيع فبقي الوجوب على ما كان عليه، وعليه إخراج الزكاة من جنس المبيع، وعنه أنه مخير بين ذلك وبين أن يخرج من الثمن بناء على جواز إخراج القيمة في الزكاة، والصحيح الأول". انتهى.
وإن تم البيع قبل بدو الصلاح، وكان المبيع عين الثمرة دون الأرض من غير اشتراط القطع، فالبيع فاسد، والثمر والزرع ملك للبائع، وزكاتهما عليه، قال ابن قدامة أيضا"وإذا اشترى ثمرة قبل بدو صلاحها فتركها حتى بدا صلاحها، فإن لم يكن شرط القطع فالبيع باطل، وهي باقية على ملك البائع وزكاتها عليه. انتهى.
........................
زكاة من باع زرعا قبل الحصاد على البائع أم المشتري:
فالحكم بتحديد من تجب عليه زكاة هذا الزرع يتوقف على صحة البيع فيه أو عدمها:
ووجه ذلك أن
بيع الزرع قبل بدو صلاحه منهي عنه،
ففي الحديث الذي رواه
الترمذي في سننه أنه صلى الله عليه وسلم:"
نهى عن بيع السنبل حتى يبيض ويأمن العاهة، نهى البائع والمشتري".
وفي صحيح
البخاري أنه صلى الله عليه وسلم:
"
نهى عن بيع الثمار حتى يبدو صلاحها".
وفي صحيح
مسلم: ب
اب النهي عن بيع الثمار قبل بدو صلاحها بغير شرط القطع. فبيع الزرع قبل بدو صلاحه منهي عنه كما علمت، والنهي يقتضي الفساد.
وعليه؛
فإذا كان السائل اشترى الزرع قبل بدو صلاحه دون أرضه ولم يشترط القطع فإن البيع فاسد والزرع ملك لبائعه وزكاته عليه.
قال
ابن قدامة في
المغني:
"
وإذا اشترى ثمرة قبل بدو صلاحها فتركها حتى بدا صلاحها فإن لم يكن شرط القطع فالبيع باطل، وهي باقية على ملك البائع وزكاتها عليه".
و
جاء في
الموسوعة الكويتية ما معناه "
أن بيع الثمرة قبل بدو صلاحها من دون ذكر كيفية ولا اشتراط قطع باطل عند الشافعية والحنابلة، وعلى المعتمد عند المالكية".
والخلاصة أن بيع الزرع قبل بدو صلاحه دون أرضه ودون اشتراط القطع باطل، ولا ينقل ملك الزرع إلى المشتري، وبالتالي فالزرع المذكور لا يزال على ملك بائعه وزكاته عليه. .......
ومذهب جمهور أهل العلم أن إخراج القيمة بدل العين الواجبة لا يجوز. اليكم التفصيل:
فالواجب عند جمهور أهل العلم هو إخراج الزكاة من جنس المال المزكى، ولا تجزئ عندهم قيمة ذلك إلا في عروض التجارة فإن زكاتها تخرج نقودا.
وقد أجاز بعض أهل العلم إخراج القيمة في الزكاة إذا كان في ذلك مصلحة الفقراء، وهو مذهب
أبي حنيفة ومن وافقه.
قال
النووي في
المجموع في الفقه الشافعي:
"
قد ذكرنا أن مذهبنا أنه لا يجوز إخراج القيمة في شيء من الزكوات وبه قال مالك وأحمد وداود؛ إلا أن مالكا جوز الدراهم عن الدنانير وعكسه، وقال أبو حنيفة: يجوز، فإن لزمه شاة فأخرج عنها دراهم بقيمتها أو أخرج عنها ما له قيمة عنده كالكلب والثياب جاز".
وحاصل مذهبه أن كل ما جازت الصدقة به جاز إخراجه في الزكاة، سواء كان من الجنس الذي وجبت فيه الزكاة أم من غيره.
...............................
مذاهب العلماء في إخراج القيمة في الزكاة:
اختلف العلماء في
حكم إخراج القيمة بدل العين الواجبة في الزكاة،
فالذي ذهب إليه الجمهور أن ذلك لا يجوز لعدة أمور منها
أن الزكاة عبادة، ولا يصح أداء العبادة إلا على الوجه المأمور به شرعاً .
ومنها ما رواه أبو داود وابن ماجه وصححه الحاكم من أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لمعاذ حين بعثه إلى اليمن: "
خذ الحب من الحب والشاة من الغنم والبعير من الإبل والبقر من البقر".
وهو نص يجب الوقوف عنده، ولا يجوز تجاوزه إلى أخذ القيمة ، لأنه في هذه الحال سيأخذ من الحب شيئاً غير الحب، ومن الغنم شيئاً غير الشاة... إلخ، وهو خلاف ما أمر به الحديث.
وذهب الإمام
أبو حنيفة و
البخاري و
أشهب و
ابن القاسم ـ في رواية عنه ـ
إلى جواز إخراج القيمة بدل العين، مستدلاً بحديث معاذ مع أهل اليمن حيث قال لهم: "
إيتوني بخميس أو لبيس آخذه مكان الصدقة فإنه أهون عليكم وخير للمهاجرين بالمدينة"
رواه البيهقي والبخاري تعليقاً.
وهنالك مذهب ثالث وسط يراه شيخ الإسلام
ابن تيمية، وهو:"
أن إخراج القيمة لغير حاجة ولا مصلحة راجحة ممنوع، أما إن كان لحاجة أو مصلحة راجحة تعود على الفقير فلا بأس به.
وقال
الشوكاني:"
الحق أن الزكاة واجبة من العين ولا يعدل عنها إلى القيمة إلا لعذر".
قال في المراقى:
أنبْ إذا ما سر حكم قد جرى بها كسَدِّ خلةٍ للفقراوالهاء في قوله "
بها" عائدة على العبادة.
فإذا كان السر في حكمها هو سد خلة الفقير، فلم لا تدفع قيمة إذا كان دفعها قيمة أحظ للفقراء؟.
ينضاف إلى هذا أن ما استدل به الجمهور من حديث معاذ الأول: "
خذ الحب من الحب ... الحديث " لم يسق لبيان حصر المأخوذ وإنما سيق لبيان أن الأصل في المأخوذ من الزكاة أن يكون من جنس العين المزكاة وألا يلزم المزكي بدفع غير ذلك ولو رآه الساعي أحظ للفقير ، يؤد هذا أن معاذا نفسه هو الذي كان يأخذ اللبيس والخميس من الثياب مكان الحب برضى الدافع لما رأى ذلك أحظ للفقير وأخف على رب المال . ولا يخفى أن التفاوت بين الثياب والحب تفاوت كبير وقد شهد النبي صلى الله عليه وسلم لمعاذ بأنه كان أعلم أصحابه بالحلال والحرام، كما في الحديث الذي رواه أحمد والترمذي وابن ماجه.