العين والحسد: تعريف وتوضيح وتفصيل وتحقيق ما حقيقة العين - النضل -؟:
ما هو الحسد وما طبيعته وكنههه وحقيقته وما هي مراتبه واسبابه وما هي مضاره ومخاطره وما حكمه وما هي طرق علاجه ؟
العين مأخوذة من
عان يعين إذا أصابه بعينه ، وأصلها من إعجاب العائن بالشيء ، ثم تتبعه كيفية نفسه الخبيثة ، ثم تستعين على تنفيذ سمها بنظرها إلى المعين .
وقد أمر الله نبيَّنا محمَّداً صلى الله عليه وسلم بالاستعاذة من الحاسد ، فقال تعالى : {
ومن شر حاسد إذا حسد } ، فكل عائن حاسد وليس كل حاسد عائنا ، فلما كان الحاسد أعم من العائن كانت الاستعاذة منه استعاذة من العائن ، و
هي سهام تخرج من نفس الحاسد والعائن نحو المحسود والمعين تصيبه تارة وتخطئه تارة ، فإن صادفته مكشوفا لا وقاية عليه أثرت فيه ، وإن صادفته حذراً شاكي السلاح ( أي : تام السلاح ) لا منفذ فيه للسهام لم تؤثر فيه وربما ردت السهام على صاحبها .
من " زاد المعاد " بتصرف يسير و
قد ثبتت الأحاديث عن النبي صلى الله عليه وسلم
في الإصابة بالعين ، فمن ذلك ما في الصحيحين عن عائشة رضي الله عنها قالت :
"
كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يأمرني أن أسترقي من العين " ،
وأخرج
مسلم وأحمد والترمذي وصححه عن ابن عباس رضي الله عنهما عن النبي صلى الله عليه وسلم قال :
"
العين حق ولو كان شيء سابق القدر لسبقته العين ، وإذا استغسلتم فاغسلوا "
صححه الألباني في السلسلة الصحيحة ( 1251 ) . وأخرج الإمام
أحمد والترمذي ( 2059 ) وصححه ، عن
أسماء بنت عميس أنها
قالت :" يا رسول الله ، إن بني جعفر تصيبهم العين ، أفنسترقي لهم ؟ "، قال : نعم ، فلو كان شيء سابق القدر لسبقته العين .
وصححه الألباني في صحيح الترمذي . وروى أبو داود عن عائشة رضي الله عنها قالت : "
كان يؤمر العائن فيتوضأ ثم يغسل منه المعين ."
وصححه الألباني في صحيح أبي داود . وأخرج الإمام
أحمد ( 15550 ) ومالك ( 1811 ) والنسائي وابن حبان وصححه الألباني في المشكاة ( 4562 ) عن سهل بن حنيف أن النبي صلى الله عليه وسلم خرج وسار معه نحو مكة حتى إذا كانوا بشعب الخرار ( اسم موضع ) من الجحفة اغتسل سهل بن حنيف وكان رجلا أبيض حسن الجسم والجلد فنظر إليه عامر بن ربيعة أحد بني عدي بن كعب وهو يغتسل فقال : ما رأيت كاليوم ولا جلد مخبأة ، فلبط سهل ، فأتي رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فقيل : يا رسول الله ، هل لك في سهل والله ما يرفع رأسه ، قال :" هل تتهمون فيه من أحد ؟ "، قالوا : نظر إليه عامر بن ربيعة ، فدعا رسول الله صلى الله عليه وسلم عامرا فتغيظ عليه ، وقال : " علام يقتل أحدكم أخاه ، هلا إذا رأيت ما يعجبك برَّكت " ، ثم قال له :" اغتسل له" ، فغسل وجهه ويديه ومرفقيه وركبتيه وأطراف رجليه وداخلة إزاره في قدح ثم صب ذلك الماء عليه يصبه رجل على رأسه وظهره من خلفه ثم يكفأ القدح وراءه ، ففعل به ذلك ، فراح سهل مع الناس ليس به بأس .
(
جلد مخبأة ) أي جلد عذارء
(
لبط ) أي صُرع وسقط .
(
داخلة إزاره ) أي الجزء الملامس للبدن من الإزار
ف
الجمهور من العلماء على إثبات الإصابة بالعين ؛ للأحاديث المذكورة وغيرها .
قال الله تعالى : "
قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ الْفَلَقِ مِن شَرِّ مَا خَلَقَ وَمِن شَرِّ غَاسِقٍ إِذَا وَقَبَ وَمِن شَرِّ النَّفَّاثَاتِ فِي الْعُقَدِ وَمِن شَرِّ حَاسِدٍ إِذَا حَسَدَ . [سورة الفلق]
والحسد :ورود معناه في كتاب
بدائع الفوائد لابن قيّم يعرّف بأنّه
بغض نعمة الله على المحسود، وتمنّي زوالها.
والحسد بفتح السّين مصدر
حَسد، ومعناه في اللغة :
تمنّي الحاسد زوال نعمة المحسود، وهو في الشّرع أعمّ منه في اللغة.
مراتب الحسد:
ذكر العلماء للحسد أربع مراتب، وهي:
الحسد بتمنّي زوال النّعمة على المنعم عليه، ولو لم تنتقل للحاسد.
يقول الشّاعر:
وداريت كل النّاس لكن حاسدي مداراته عَزّت وعزّ منالها وكيف يداري المرء حاسدَ نعمةٍ إذا كان لا يرضيه إلا زوالها الحسد بتمنّي زوال النّعمة عن المنعم عليه، وحصول الحاسد عليها.
الحسد بتمنّي حصوله على مثل النّعمة التي عند المنعم عليه، حتّى لا يحصل تفاوت بينهما، فإن لم يستطع حصوله عليها تمنّى زوالها عن المنعم عليه.
حسد الغبطة وهو حسد مجازيّ، يكمن في تمنّي الحصول على مثل النّعمة التي عند المنعم عليه، من غير أن تزول عنه.
فعن رسول الله - صلّى الله عليه وسلّم - قال:"
لا حَسَدَ إلا فِي اثْنَتَيْنِ رَجُلٌ عَلَّمَهُ اللَّهُ الْقُرْآنَ، فَهُوَ يَتْلُوهُ آنَاءَ اللَّيْلِ وَآنَاءَ النَّهَارِ، فَسَمِعَهُ جَارٌ لَهُ، فَقَالَ: لَيْتَنِي أُوتِيتُ مِثْلَ مَا أُوتِيَ فُلانٌ، فَعَمِلْتُ مِثْلَ مَا يَعْمَلُ، وَرَجلٌ آتَاهُ اللَّهُ مَالاً، فَهُوَ يُهْلِكُهُ فِي الْحَقِّ، فَقَالَ رَجُلٌ: لَيْتَنِي أُوتِيتُ مِثْلَ مَا أُوتِيَ فُلانٌ، فَعَمِلْتُ مِثْلَ مَا يَعْمل "،
رواه البخاري فالحسد :
هو
تمني زوال النعمة عن المحسود وإن لم يصر للحاسد مثلها.
و أنواعه :
1-
كراهه للنعمة على المحسود مطلقاً وهذا هو الحسد المذموم .
2-
أن يكره فضل ذلك الشخص عليه فيحب أن يكون مثله أو أفضل منه وهذا الغبطة .
مراتب الحسد :
1-
تمني زوال النعمة عن الغير .
2-
تمني زوال النعمة ويحب ذلك وإن كانت لا تنتقل إليه .
3-
تمني زوال النعمة عن الغير بغضاً لذلك الشخص لسبب شرعي كأن يكون ظالماً .
4-
ألا يتمنى زوال النعمة عن المحسود ولكن يتمنى لنفسه مثلها ، وإن لم يحصل له مثلها تمنى زوالها عن المحسود حتى يتساويا ولا يفضله صاحبه .
5- أ
ن يحب ويتمنى لنفسه مثلها فإن لم يحصل له مثلها فلا يحب زوالها عن مثله وهذا لا بأس به.
حكم الحسد :
محرم ،
حرام ،
لا يجوز.
فعن
أنس بن مالك رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال :
"
لا تباغضوا ، ولا تحاسدوا ، ولا تدابروا ، وكونوا عباد الله إخوانا ، ولا يحل لمسلم أن يهجر أخاه فوق ثلاث أيام"
صحيح البخاري: 6065الأسباب التي تؤدي إلى الحسد :
يمكن تقسيم الأسباب إلى أسباب من الحاسد أو من المحسود أو قد يشترك فيها الإثنان .
1-
العدواة والبغضاء والحقد ( هذا السبب من الحاسد ) .
2-
التعزز والترفع ( هذا السبب من الحاسد ) .
3-
حب الرئاسة وطلب الجاه لنفسه ( هذا السبب من الحاسد ) .
4-
ظهور الفضل والنعمة على المحسود .
5-
حب الدنيا ( هذا السبب من الحاسد ) .
6-
الكبر ( هذا السبب من المحسود ).
7-
شدة البغي وكثرة التطاول على العباد ( هذا السبب من المحسود ) .
8-
المجاورة والمخالطة ( هذا السبب يشترك فيه الحاسد والمحسود ) .
بعض آثار الحاسد وأضراره على الفرد والمجتمع :
1-
حلق الّدين :
قال عليه الصلاة والسلام: "
دبَّ إليكم داءُ الأممِ قبلَكم البغضاءُ والحسدُ والبغضاءُ هي الحالقةُ ليس حالقةَ الشَّعرِ ولكن حالقةُ الدِّينِ والَّذي نفسي بيدِه لا تدخُلوا الجنَّةَ حتَّى تُؤمِنُوا ولا تُؤمِنُوا حتَّى تَحابُّوا ألا أُنبِّئُكم بما يُثبِّتُ لكم ذلك أفشُوا السَّلامَ بينَكم "
الراوي : الزبير بن العوام | المحدث : الهيثمي في مجمع الزوائد : 8/33 . إسناده جيد . 2-
إنتفاء الإيمان الكامل :
قال عليه الصلاة والسلام:"
لا يجتمعُ في جوفِ عبدٍ مؤمنٍ غبارٌ في سبيلِ اللهِ وفيحُ جهنَّمَ ولا يجتمعُ في جوفِ عبدٍ الإيمانُ والحسدُ "
الراوي : أبو هريرة | المحدث : ابن حبان في صحيحه: 4606 | خلاصة حكم المحدث : حديث صحيح 3-
رفع الخير وانتشار البغضاء في المجتمع :
قال عليه الصلاة والسلام: "
لا يزالُ النَّاسُ بخيرٍ ما لم يتحاسَدوا".
الراوي : ضمرة بن ثعلبة | المحدث : الهيثمي في مجمع الزوائد: 8/81 | : رجاله ثقات، حديث حسن 4-
بغض الناس للحاسد وعداوتهم له اتقاء شره :
قال عليه الصلاة والسلام:"
... يا عائشةُ إنَّ من شرِّ النَّاسِ من اتَّقاه النَّاسُ لشرِّه "
الراوي : عائشة أم المؤمنين | المحدث : ابن عبدالبر في التمهيد: 24/260 | خلاصة حكم المحدث : روي عن عائشة من وجوه عدة، صحيح الموقف الذي يجب أن يقفه المحسود من الحاسد:
1- الرجوع إلى الله وتجديد التوبة مع الله من الذنوب التي سلطت عليه أعداءه .
2- التوكل على الله .
3- الاستعاذه بالله وقراءة الأذكار والأوراد الشرعية .
4- دعاء الله بأن يقيك من الحساد .
5- العدل مع الحاسد وعدم الإساءة إليه بالمثل .
6- الإحسان إلى الحاسد .
7- الرقية .
8- عدم إخبار الحاسد بنعمة الله عليك .
علاج العين والحسد: من التعوذات الصحيحة الواردة عن النبي صلى الله عليه وسلم ومنها :
"
أعوذ بكلمات الله التامات من شر ما خلق "
رواه مسلم ( الذكر والدعاء/4881) وعَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا قَالَ :" كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُعَوِّذُ الْحَسَنَ وَالْحُسَيْنَ وَيَقُولُ إِنَّ أَبَاكُمَا كَانَ يُعَوِّذُ بِهَا إِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ "
أَعُوذُ بِكَلِمَاتِ اللَّهِ التَّامَّةِ مِنْ كُلِّ شَيْطَانٍ وَهَامَّةٍ وَمِنْ كُلِّ عَيْنٍ لامَّةٍ "
رواه البخاري ( أحاديث الأنبياء/3120) ومعنى
الَّلامة :
قال الخطابي :
المراد به كلُّ داء وآفة تُلمُّ بالإنسان من جنون وخبل .
وعَنْ أَبِي سَعِيدٍ أَنَّ جِبْرِيلَ أَتَى النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ : "
يَا مُحَمَّدُ اشْتَكَيْتَ فَقَالَ نَعَمْ قَالَ بِاسْمِ اللَّهِ أَرْقِيكَ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ يُؤْذِيكَ مِنْ شَرِّ كُلِّ نَفْسٍ أَوْ عَيْنِ حَاسِدٍ اللَّهُ يَشْفِيكَ بِاسْمِ اللَّهِ أَرْقِيكَ "
رواه مسلم ( السلام/4056) ومداومة الإنسان على أذكار الصباح والمساء ، وأذكار النوم ، وغيرها من الأذكار له أثر عظيم في حفظ الإنسان من العين فإنها حصن له بإذن الله فينبغي الحرص عليها .
ومن أهم العلاجات أن رسول الله صلى الله عليه وسلم رخَّصَ في الرُّقية من العين وأمر بها ما جاء عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا قَالَتْ :
"
أَمَرَنِي رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَوْ أَمَرَ أَنْ يُسْتَرْقَى مِنْ الْعَيْنِ "
رواه البخاري ( الطب/5297)وما جاء عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا قَالَتْ :
"
كَانَ يُؤْمَرُ الْعَائِنُ فَيَتَوَضَّأُ ثُمَّ يَغْتَسِلُ مِنْهُ الْمَعِينُ "
رواه أبو داود ( الطب/3382) قال الألباني في صحيح سنن أبي داود صحيح الإسناد برقم 3286 . و
من أنجع وانفع واسلم واضمن الوسائل للوقاية من الحسد :
ا
لالتزام بالطاعات والمواظبة على التعوذات، وسؤال الله العافية صباحا ومساء، ومن أهم الاذكار:
قراءة سورة قل هو الله أحد، والمعوذتين.
فقد صح عن النبي صلى الله عليه وسلم انه قال:
"
قل هو الله أحد والمعوذتين حين تمسي وحين تصبح ثلاث مرات تكفيك من كل شيء".
الراوي : عبدالله بن خبيب | المحدث : ابن حجر العسقلاني في نتائج الأفكار : 2/345 | خلاصة حكم المحدث : حسن وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم أيضا:
"
ما من عبدٍ يقولُ في صباحٍ كلِّ يومٍ ، ومساءِ كلِّ ليلةٍ : (بسمِ اللهِ الذي لا يضرُّ مع اسمِهِ شيءٌ في الأرْضِ ولا فِي السماءِ ، و هو السميعُ العليمُ )،( ثلاثَ مرَّاتٍ ) فيضرُّهُ شيءٌ "الراوي : عثمان بن عفان | المحدث : الألباني | المصدر : صحيح الجامع: 5745 | خلاصة حكم المحدث : صحيح وعن ابن عمر ـ رضي الله عنهما ـ قال: لم يكنْ رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ يدَعُ هؤلاءِ الدَّعَواتِ حين يُصبحُ وحين يُمسي"
اللهمَّ إني أسألُك العافيةَ في الدنيا والآخرةِ اللهم إني أسألك العفوَ والعافيةَ في ديني ودنياي وأهلي ومالي اللهمَّ استُرْ عوراتي وآمِنْ رَوْعاتي اللهم احفظْني مِنْ بينِ يديَّ ومِنْ خلفي وعَنْ يميني وعَنْ شِمالي ومِنْ فوقي وأعوذُ بعظمتِك أنْ اغتالَ مِنْ تحتي قال يَعني الخَسْفَ "
الراوي : عبدالله بن عمر | المحدث : أحمد شاكر في مسنده: 7/11 | خلاصة حكم المحدث : إسناده صحيح : idea:
واذا علم المعيون من اصابه بالعين فعليه اخذ ماء وضوءه والاغتسال به ، كما جاء عن ابن عباس عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:"
العين حق، ولو كان شيء سابق القدر سبقته العين، وإذا استغسلتم فاغسلوا".
رواه مسلم : 2188 .
أي إذا طلب من أصابته العين أن يغتسل من أصابه بعينه فليجبه. النهاية في غريب الأثر.
قال
النووي في
المجموع: "ا
لاستغسال أن يقال للعائن ـ وهو الناظر بعينه بالاستحسان ـ اغسل داخلة إزارك مما يلي الجلد بماء، ثم يصب ذلك الماء على المعين، وهو المنظور إليه".
وقال
العراقي في
طرح التثريب في شرح التقريب:"
وظاهره أنه على سبيل الوجوب".
وعن أبي أمامة سهل بن حنيف أنه قال:
رأى عامر بن ربيعة سهل بن حنيف يغتسل فقال: ما رأيت كاليوم ولا جلد مخبأة (يعني من شدة بياضه) فلبط (أي صرع وسقط على الأرض) سهل، فأتى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقيل: يا رسول الله هل لك في سهل بن حنيف والله ما يرفع رأسه، فقال:
هل تتهمون له أحداً؟ قالوا:
نتهم عامر بن ربيعة. قال: فدعا رسول الله صلى الله عليه وسلم عامراً، فتغيظ عليه وقال:
علام يقتل أحدكم أخاه؟! ألا بركت، اغتسل له،
فغسل عامر وجهه ويديه ومرفقيه وركبتيه وأطراف رجليه وداخلة إزاره في قدح، ثم صب عليه فراح سهل مع الناس ليس به بأس.
رواه مالك وأحمد وابن ماجه وصححه الألباني... وفي رواية اخرى "
... علامَ يقتلُ أحدكم أخاهُ ؟ إذا رأى ما يعجبهُ فليدعُ بالبركةِ . وأمره أن يتوضأَ ويغسلُ وجههُ ويديهِ ومرفقيهِ وركبتيهِ ، وداخلةَ إزارهِ ، ويصب الماءَ عليهِ . قال الزهريّ : ويكفأ الإناءَ من خلفهِ "
الراوي : أبو أمامة بن سهل بن حنيف الأنصاري | المحدث : النووي | في المجموع: 9/68 | خلاصة حكم المحدث : إسناده صحيح قال
الباجي في شرح
الموطأ: قوله صلى الله عليه وسلم: "
هل تتهمون له أحداً"،
يريد أن يكون أحد أصابه بالعين. انتهى.
وقال
ابن عبد البر في
التمهيد:"
في هذا الحديث دليل على أن العائن يجبر على الاغتسال للمعين. وفيه أن النشرة وشبهها لا بأس بها، وقد ينتفع بها".
وقال
ابن حجر في
فتح الباري:"
أمر العائن بالاغتسال عند طلب المعيون منه ذلك فيه إشارة إلى أن الاغتسال لذلك كان معلوما بينهم، فأمرهم أن لا يمتنعوا منه إذا أريد منهم، وأدنى ما في ذلك رفع الوهم الحاصل في ذلك، وظاهر الأمر الوجوب، وحكى المازري فيه خلافا وصحح الوجوب وقال: متى خشي الهلاك وكان اغتسال العائن مما جرت العادة بالشفاء به فإنه يتعين، وقد تقرر أنه يجبر على بذل الطعام للمضطر وهذا أولى". انتهى.
قال
ابن بطال في
شرح صحيح البخاري:
فيه من الفقه أنه إذا عرف العائن أنه يقضى عليه بالوضوء لأمر النبى عليه السلام بذلك وأنها نشرة ينتفع بها. اهـ
وقال
علاء الدين الطرابلسي في
معين الحكام: قال بعض علماء الحديث وغيرهم:
فإن امتنع من الوضوء قضي عليه إذا خشي على المعيون الهلاك، وكان وضوء العائن يبرئ عادة ولم يزل الهلاك عنه إلا بهذا الوضوء، لأنه من باب إحياء النفس كبذل الطعام عند المجاعة، وقال بعضهم: يجبر على الوضوء إن امتنع منه، وإن أباه أمر أن يفعله بالأدب الوجيع حتى يفعله بنفسه، ولا يفعله غيره به عند امتناعه فإن الشفاء منوط بفعله، كما أن المرض النازل كان بسببه فلا يندفع ما نزل إلا بفعله. انتهى.
وأما ما يذكر بعض الناس من أخذ شيء من أثر العائن ووضعه في ماء واغتسال المعين به، فهذا أمر لا تعرف منفعته من طريق الشرع، ولا من طريق العقل، قال الشيخ
ابن عثيمين في
مجموع الفتاوى:"
أما الأخذ من فضلات العائن العائدة من بوله أو غائطه، فليس له أصل، وكذلك الأخذ من أثره، وإنما الوارد ما سبق من غسل أعضائه وداخلة إزاره، ولعل مثلها داخلة غترته وطاقيته وثوبه." اهـ