ما هو تمام الحديث:
' المرأةُ عورةٌ، وإنها إذا خرجت من بيتها استشرفها الشَّيطانُ...'.
اولا:
قال القرطبي في تفسير قول العليم الخبير سبحانه:
' { وقَرنَ فِي بُيُوتِكُنّ }
الأمر بلزوم البيت، وإن كان الخطاب لنساء النبي - صلى الله عليه وسلم - فقد دخل غيرهن فيه بالمعنى، هذا لو لم يرد دليل يعمُّ جميعَ النساء، كيف والشريعة طافحة بلزوم النساء بيوتهن، والانكفاف عن الخروج منها إلا لضرورة'.
ثانيا:
تمام الحديث كما رواه عبدالله بن عمر وعبدالله بن مسعود -رضوان الله عليهم اجمعين-، عن النبي عليه الصلاة والسلام قوله:
' المرأةُ عورةٌ، وإنها إذا خَرجت من بَيتها استَشرفها الشَّيطانُ، وإنّها لا تكونُ أقربُ إلى اللهِ مِنها في قعرِ بيتِها'.
والحديث في صحيح ابن حبان: 5598.
الترغيب والترهيب ،للمنذري:1/180.
فتح الباري، لابن رجب:5/813.
الحديث صحيح بكل طرقه.
اما معاني ألفاظه:
جاءَ في تاج العروس ج13 ، ص161 :
{والعَوْرَةُ، بالفَتْح: الخَلَلُ فِي الثَّغْرِ -الفم- وغَيْرِه، كالحَرْبِ.
قَالَ الأَزْهَرِيّ:' العَوْرَةُ فِي الثُّغُورِ والحُرُوبِ': خَلَلٌ يُتَخَوَّفُ مِنْهُ القَتْلُ.
وَقَالَ الجَوْهَرِيّ:
العَوْرَةُ: كلُّ خَلَلٍ يُتَخَوَّفُ مِنْهُ من ثَغْرٍ أَو حَرْبٍ. والعَوْرَة: كُلّ مَكْمَنٍ للسَّتْرِ.
والعَوْرَةُ: السَّوْأَةُ من الرَّجُل والمَرْأَةِ.
قَالَ المصَنِّف فِي البصائر:
وأَصْلُها من العَار، كأَنّه يَلْحَقُ بظُهُورِها عارٌ، أَي مَذَمَّة، وَلذَلِك سُمِّيَت المَرْأَةُ عَوْرَةً. انْتهى. والجَمْعُ عَوْرَاتٌ. .
قال المناوي في فيض القدير:9193 - (المرأة عورة) :
أي هي موصوفة بهذه الصفة ومن هذه صفته فحقّه أن يُستر ،والمعنى أنه يستقبح تبرزها وظهورها للرجل.
والعورة : سوأة الإنسان وكل ما يستحي منه !
كنّى بها عن وجوب الاستتار في حقها.
قال في الصحاح :
والعورة كل خلل يتخوف منه.
وقال القاضي :
العورة: كل ما يستحى من إظهاره، وأصلها من العار وهو المذمة.
(
فإذا خرجت) من خدرها -بيتها و سترها- ، بلا حجاب ولا ستر ولا متعطرة ولا متبرجة ولا متكسرة ولا مبرزة مفاتنها و عورتها.
(
استشرفها الشيطان):
يعني رفع بصر الرجال- الذئاب- إليها ليفتنهم فيها ، فيغويها أو يغوي بها فيوقع أحدهما أو كلاهما في الفتنة .
والمراد بالشيطان:
شيطان الإنس سماه به على التشبيه
او شيطان الجن على سواء.
بمعنى أن أهل الفسق والفجور والمجون ، إذا رأو المرأة متبرجة، سافرة، متعطرة، متكسرة ...طمحوا بأبصارهم وغاياتهم نحوها.
فقوله المرأة عورة:
لأن العورة هي كلُّ ما يُسْتحيا من كَشْفِهِ منْ أعضاءِ الإِنسانِ .
فليس المقصود استنقاص المرأة ، ولا ازدرائِها، وإنما العار يلحق بالمرأة التي تخرج بدون الضوابط الشرعية، لفتنة الرجال بسفورها وعطرها وتكسرها ومبرزة مفاتنها، لينظر اليها.
وبهذا المعنى أشار النبي علره الصلاة والسلام بقوله:
' أيُّما امرأةٍ استعطرتْ ثُمَّ خَرَجَتْ ، فمرَّتْ علَى قومٍ ليجِدُوا ريَحها فهِيَ زانيةٌ ، وكُلُّ عينٍ زانيةٌ'.
رواه أبو موسى الأشعري عبدالله بن قيس. الألباني ،صحيح الجامع: 2701.حديث حَسنٌ.
والاستشراف فعلهم لكن أسند إلى الشيطان لما أشرب في قلوبهم من الفجور ففعلوا ما فعلوا بإغوائه وتسويله وكونه الباعث عليه ذكره القاضي.
قال ابن تيمية في مجموع الفتاوى :
"لأن المرأة يجب أن تصان، وتحفظ بما لا يجب مثله في الرجل؛ ولهذا خصت بالاحتجاب، وترك إبداء الزينة، وترك التبرج، فيجب في حقها الاستتار باللباس والبيوت، ما لا يجب في حق الرجل؛ لأن ظهور النساء سبب الفتنة، والرجال قوامون عليهن . ا,هـ
هذا كلام ابن تيمية في شرح آية( وَاللَّذَانَ يَأْتِيَانِهَا مِنكُمْ فَآذُوهُمَا ).
استشرفها الشيطان:
أي اتخذها وسيلة وغاية وطريقة لإشاعة الرذيلة ، فيفتن بها الرجال ،خاصة إذا خرجت متبرجة ،سافرة، متعطرة ، متكسرة، فهنالك يعظم الفساد وتكبر الفتنة وتعم البلوى.
وقال الطيبي :
والمعنى المتبادر أنها ما دامت في خدرها لم يطمع الشيطان فيها وفي إغواء الناس فإذا خرجت طمع وأطمع لأنها حبائله وأعظم فخوخه. وأصل (الاستشراف) وضع الكف فوق الحاجب ورفع الرأس للنظر .
قال بعض العلماء معنى الخروج هنا:
أي الخروج في غير ما اشترط الله من شروط شرعية، او ضرورة ملحة.
فان خرجت المرأة بغير الضوابط الشرعية فأن الشيطان يعين على لفت انظار الرجال لمظهرها ومفتنها ويعين على الفتنة والخراب.
وإن خرجت بضوابط شرعية وضرورة ، وعلى العفة والحشمة وبلا تبرج ، ولم تخضع بقول ولا متعطرة ، وطبقت السنة فإنها محفوظة بقوله عليه الصلاة والسلام،كما من حديث انس بن مالك،قال :من قال إذا خرج من بيته ( بسم الله توكلت على الله ولا حول ولا قوة إلا بًالله) ، يقال له : ( كُفيت ووُقيت وهُديت وتنحى عنه الشيطان).
ابن حجر العسقلاني | المصدر : الفتوحات الربانية: 1/333. حديث صحيح
قيل لسودة رضي الله عنها :
' لم لا تخرجين ولا تعتمرين ؟'
قالت :' قد حججت واعتمرت ، وأمرني الله أن أقر في بيتي' .
فما خرجت حتى أخرجت جنازتها .
وفي رواية :
'فما حجت زينب ولا سودة وقالتا :"واللهِ لا تُحرِّكُنا دابَّةٌ بعدَ إذْ سمِعنا ذلكَ من النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليْهِ وسلَّمَ' .
الراوي : أبو هريرة .الألباني: صحيح الترغيب
: 1167.حديث حسن صحيح.
الفرق بين (العَار) و ( العَوَر)و (العَورة):
العار :
فهو الشيء السيء الذي يعم الانسان كله.
اما العور:
فهو الشيء المبتور ، نصف الشيء، الشيء الناقص.
والعورة :
هنا في الحديث مأخوذ من( العور ) وهو الشيء الناقص، ناقص في العقل أو في الدين أو في الحكمة.