حفدة الأيوبي ( كامل أحمرو) - أويس و إياس أحمرو الأيوبي - Al-Ayoubi Grandsons : Oways & Iyas
حياكم الله وبياكم وجعل الجنة مأوانا و مأواكم. تفضلوا بالدخول أو التسجيل. يسُرّنا تواجدكم.
You are welcomed. May Allah forgive us our sins and admit us to everlasting Gardens . Register or enter the Forum and pick up what you like .Your presence pleases us
حفدة الأيوبي ( كامل أحمرو) - أويس و إياس أحمرو الأيوبي - Al-Ayoubi Grandsons : Oways & Iyas
حياكم الله وبياكم وجعل الجنة مأوانا و مأواكم. تفضلوا بالدخول أو التسجيل. يسُرّنا تواجدكم.
You are welcomed. May Allah forgive us our sins and admit us to everlasting Gardens . Register or enter the Forum and pick up what you like .Your presence pleases us
حفدة الأيوبي ( كامل أحمرو) - أويس و إياس أحمرو الأيوبي - Al-Ayoubi Grandsons : Oways & Iyas
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

حفدة الأيوبي ( كامل أحمرو) - أويس و إياس أحمرو الأيوبي - Al-Ayoubi Grandsons : Oways & Iyas

منتدى لمحبي الله ورسوله والساعين لمرضاته وجنته ، المسارعين في الخيرات ودفع الشبهات ، الفارين من الشهوات .
 
الرئيسيةالبوابةأحدث الصورالتسجيلدخول

 

 الفاتحة ج 3: تفسير القرطبي

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
السراج
كاتبة متميزة واميرة الاشراف
كاتبة متميزة واميرة الاشراف
السراج


عدد المساهمات : 410
تاريخ التسجيل : 27/02/2010
العمر : 53
الموقع : aahmroo@yahoo.com

الفاتحة ج 3: تفسير القرطبي Empty
مُساهمةموضوع: الفاتحة ج 3: تفسير القرطبي   الفاتحة ج 3: تفسير القرطبي Emptyالخميس أغسطس 01, 2013 2:19 am


[ الْبَاب الثَّالِث - فِي التَّأْمِين ] وَفِيهِ ثَمَان مَسَائِل

الْأُولَى : وَيُسَنّ لِقَارِئِ الْقُرْآن أَنْ يَقُول بَعْد الْفَرَاغ مِنْ الْفَاتِحَة بَعْد سَكْتَة عَلَى نُون " وَلَا الضَّالِّينَ " : آمِينَ , لِيَتَمَيَّز مَا هُوَ قُرْآن مِمَّا لَيْسَ بِقُرْآنٍ .

الثَّانِيَة : ثَبَتَ فِي الْأُمَّهَات مِنْ حَدِيث أَبِي هُرَيْرَة أَنَّ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : ( إِذَا أَمَّنَ الْإِمَام فَأَمِّنُوا فَإِنَّهُ مَنْ وَافَقَ تَأْمِينه تَأْمِين الْمَلَائِكَة غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبه ) . قَالَ عُلَمَاؤُنَا رَحْمَة اللَّه عَلَيْهِمْ : فَتَرَتَّبَتْ الْمَغْفِرَة لِلذَّنْبِ عَلَى مُقَدِّمَات أَرْبَع تَضَمَّنَهَا هَذَا الْحَدِيث . الْأُولَى : تَأْمِين الْإِمَام , الثَّانِيَة : تَأْمِين مَنْ خَلْفه , الثَّالِثَة : تَأْمِين الْمَلَائِكَة , الرَّابِعَة : مُوَافَقَة التَّأْمِين , قِيلَ فِي الْإِجَابَة , وَقِيلَ فِي الزَّمَن , وَقِيلَ فِي الصِّفَة مِنْ إِخْلَاص الدُّعَاء , لِقَوْلِهِ عَلَيْهِ السَّلَام : ( اُدْعُوا اللَّه وَأَنْتُمْ مُوقِنُونَ بِالْإِجَابَةِ وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّه لَا يَسْتَجِيب دُعَاءً مِنْ قَلْب غَافِل لَاهٍ ) .

الثَّالِثَة : رَوَى أَبُو دَاوُدَ عَنْ أَبِي مُصَبِّح الْمَقْرَائِيّ قَالَ : كُنَّا نَجْلِس إِلَى أَبِي زُهَيْر النُّمَيْرِيّ وَكَانَ مِنْ الصَّحَابَة , فَيُحَدِّث أَحْسَنَ الْحَدِيث , فَإِذَا دَعَا الرَّجُل مِنَّا بِدُعَاءٍ قَالَ : اِخْتِمْهُ بِآمِينَ . فَإِنَّ آمِينَ مِثْل الطَّابَع عَلَى الصَّحِيفَة . قَالَ أَبُو زُهَيْر أَلَا أُخْبِركُمْ عَنْ ذَلِكَ , خَرَجْنَا مَعَ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ذَات لَيْلَة , فَأَتَيْنَا عَلَى رَجُل قَدْ أَلَحَّ فِي الْمَسْأَلَة , فَوَقَفَ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَسْمَع مِنْهُ , فَقَالَ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( أَوْجَبَ إِنْ خَتَمَ ) فَقَالَ لَهُ رَجُل مِنْ الْقَوْم : بِأَيِّ شَيْء يَخْتِم ؟ قَالَ : ( بِآمِينَ فَإِنَّهُ إنْ خَتَمَ بِآمِينَ فَقَدْ أَوْجَبَ ) فَانْصَرَفَ الرَّجُل الَّذِي سَأَلَ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , فَأَتَى الرَّجُل فَقَالَ لَهُ : اِخْتِمْ يَا فُلَان وَأَبْشِرْ . قَالَ اِبْن عَبْد الْبَرّ : أَبُو زُهَيْر النُّمَيْرِيّ اِسْمه يَحْيَى بْن نُفَيْر رَوَى عَنْ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ( لَا تَقْتُلُوا الْجَرَادَ فَإِنَّهُ جُنْد اللَّه الْأَعْظَم ) . وَقَالَ وَهْب بْن مُنَبِّه : آمِينَ أَرْبَعَة أَحْرُف يَخْلُق اللَّه مِنْ كُلّ حَرْف مَلَكًا يَقُول : اللَّهُمَّ اِغْفِرْ مَنْ قَالَ آمِينَ . وَفِي الْخَبَر ( لَقَّنَنِي جِبْرِيل آمِينَ عِنْد فَرَاغِي مِنْ فَاتِحَة الْكِتَاب وَقَالَ إِنَّهُ كَالْخَاتَمِ عَلَى الْكِتَاب ) وَفِي حَدِيث آخَر : ( آمِينَ خَاتَم رَبّ الْعَالَمِينَ ) . قَالَ الْهَرَوِيّ قَالَ أَبُو بَكْر : مَعْنَاهُ أَنَّهُ طَابَع اللَّه عَلَى عِبَاده ; لِأَنَّهُ يَدْفَع [ بِهِ عَنْهُمْ ] الْآفَات وَالْبَلَايَا ; فَكَانَ كَخَاتَمِ الْكِتَاب الَّذِي يَصُونهُ , وَيَمْنَع مِنْ إِفْسَاده وَإِظْهَار مَا فِيهِ . وَفِي حَدِيث آخَر ( آمِينَ دَرَجَة فِي الْجَنَّة ) . قَالَ أَبُو بَكْر : مَعْنَاهُ أَنَّهُ حَرْف يَكْتَسِب بِهِ قَائِله دَرَجَة فِي الْجَنَّة .

الرَّابِعَة : مَعْنَى آمِينَ عِنْد أَكْثَر أَهْل الْعِلْم : اللَّهُمَّ اِسْتَجِبْ لَنَا ; وُضِعَ مَوْضِع الدُّعَاء . وَقَالَ قَوْم : هُوَ اِسْم مِنْ أَسْمَاء اللَّه ; رُوِيَ عَنْ جَعْفَر بْن مُحَمَّد وَمُجَاهِد وَهِلَال بْن يَسَاف وَرَوَاهُ اِبْن عَبَّاس عَنْ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَلَمْ يَصِحّ ; قَالَهُ اِبْن الْعَرَبِيّ. وَقِيلَ مَعْنَى آمِينَ : كَذَلِكَ فَلْيَكُنْ ; قَالَهُ الْجَوْهَرِيّ . وَرَوَى الْكَلْبِيّ عَنْ أَبِي صَالِح عَنْ اِبْن عَبَّاس قَالَ : سَأَلْت رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَا مَعْنَى آمِينَ ؟ قَالَ : ( رَبّ اِفْعَلْ ) . وَقَالَ مُقَاتِل : هُوَ قُوَّة لِلدُّعَاءِ , وَاسْتِنْزَال لِلْبَرَكَةِ . وَقَالَ التِّرْمِذِيّ : مَعْنَاهُ لَا تُخَيِّب رَجَاءَنَا .

الْخَامِسَة : وَفِي آمِينَ لُغَتَانِ : الْمَدّ عَلَى وَزْن فَاعِيل كَيَاسِين. وَالْقَصْر عَلَى وَزْن يَمِين . قَالَ الشَّاعِر فِي الْمَدّ : يَا رَبّ لَا تَسْلُبَنِّي حُبّهَا أَبَدًا وَيَرْحَم اللَّه عَبْدًا قَالَ آمِينَا وَقَالَ آخَر : آمِينَ آمِينَ لَا أَرْضَى بِوَاحِدَةٍ حَتَّى أُبَلِّغهَا أَلْفَيْنِ آمِينَا وَقَالَ آخَر فِي الْقَصْر : تَبَاعَدَ مِنِّي فُطْحُلٌ إِذْ سَأَلْته أَمِين فَزَادَ اللَّه مَا بَيْننَا بُعْدًا وَتَشْدِيد الْمِيم خَطَأ ; قَالَ الْجَوْهَرِيّ. وَقَدْ رُوِيَ عَنْ الْحَسَن وَجَعْفَر الصَّادِق التَّشْدِيد ; وَهُوَ قَوْل الْحُسَيْن بْن الْفَضْل ; مِنْ أَمَّ إِذَا قَصَدَ , أَيْ نَحْنُ قَاصِدُونَ نَحْوك ; وَمِنْهُ قَوْله : " وَلَا آمِّينَ الْبَيْت الْحَرَام " [ الْمَائِدَة : 2 ] . حَكَاهُ أَبُو نَصْر عَبْد الرَّحِيم بْن عَبْد الْكَرِيم الْقُشَيْرِيّ . قَالَ الْجَوْهَرِيّ : وَهُوَ مَبْنِيّ عَلَى الْفَتْح مِثْل أَيْنَ وَكَيْف ; لِاجْتِمَاعِ السَّاكِنَيْنِ. وَتَقُول مِنْهُ : أَمَّنَ فُلَان تَأْمِينًا .

السَّادِسَة : اِخْتَلَفَ الْعُلَمَاء هَلْ يَقُولهَا الْإِمَام وَهَلْ يَجْهَر بِهَا ; فَذَهَبَ الشَّافِعِيّ وَمَالِك فِي رِوَايَة الْمَدَنِيِّينَ إِلَى ذَلِكَ. وَقَالَ الْكُوفِيُّونَ وَبَعْض الْمَدَنِيِّينَ : لَا يَجْهَر بِهَا . وَهُوَ قَوْل الطَّبَرِيّ , وَبِهِ قَالَ اِبْن حَبِيب مِنْ عُلَمَائِنَا. وَقَالَ اِبْن بُكَيْر : هُوَ مُخَيَّر . وَرَوَى اِبْن الْقَاسِم عَنْ مَالِك أَنَّ الْإِمَام لَا يَقُول آمِينَ وَإِنَّمَا يَقُول ذَلِكَ مَنْ خَلْفه ; وَهُوَ قَوْل اِبْن الْقَاسِم وَالْمِصْرِيِّينَ مِنْ أَصْحَاب مَالِك . وَحُجَّتهمْ حَدِيث أَبِي مُوسَى الْأَشْعَرِيّ أَنَّ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خَطَبَنَا فَبَيَّنَ لَنَا سُنَّتنَا وَعَلَّمَنَا صَلَاتنَا فَقَالَ : ( إِذَا صَلَّيْتُمْ فَأَقِيمُوا صُفُوفكُمْ ثُمَّ لِيَؤُمّكُمْ أَحَدكُمْ فَإِذَا كَبَّرَ فَكَبِّرُوا وَإِذَا قَالَ غَيْر الْمَغْضُوب عَلَيْهِمْ وَلَا الضَّالِّينَ فَقُولُوا آمِينَ يُجِبْكُمْ اللَّه ) وَذَكَرَ الْحَدِيث , أَخْرَجَهُ مُسْلِم . وَمِثْله حَدِيث سُمَيّ عَنْ أَبِي هُرَيْرَة ; وَأَخْرَجَهُ مَالِك . وَالصَّحِيح الْأَوَّل لِحَدِيثِ وَائِل بْن حُجْر قَالَ : كَانَ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا قَرَأَ " وَلَا الضَّالِّينَ " قَالَ : " آمِينَ " يَرْفَع بِهَا صَوْته ; أَخْرَجَهُ أَبُو دَاوُدَ وَالدَّارَقُطْنِيّ , وَزَادَ " قَالَ أَبُو بَكْر : هَذِهِ سُنَّة تَفَرَّدَ بِهَا أَهْل الْكُوفَة , هَذَا صَحِيح وَاَلَّذِي بَعْده " . وَتَرْجَمَ الْبُخَارِيّ " بَاب جَهْر الْإِمَام بِالتَّأْمِينِ " . وَقَالَ عَطَاء : " آمِينَ " دُعَاء , أَمَّنَ اِبْن الزُّبَيْر وَمَنْ وَرَاءَهُ حَتَّى إِنَّ لِلْمَسْجِدِ لَلُجَّةً . قَالَ التِّرْمِذِيّ : وَبِهِ يَقُول غَيْر وَاحِد مِنْ أَهْل الْعِلْم مِنْ أَصْحَاب النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَمَنْ بَعْدهمْ , يَرَوْنَ أَنْ يَرْفَع الرَّجُل صَوْتَهُ بِالتَّأْمِينِ وَلَا يُخْفِيهَا. وَبِهِ يَقُول الشَّافِعِيّ وَأَحْمَد وَإِسْحَاق . وَفِي الْمُوَطَّأ وَالصَّحِيحَيْنِ قَالَ اِبْن شِهَاب : وَكَانَ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُول " آمِينَ " . وَفِي سُنَن اِبْن مَاجَهْ عَنْ أَبِي هُرَيْرَة قَالَ : تَرَكَ النَّاس آمِينَ ; وَكَانَ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا قَالَ : " غَيْر الْمَغْضُوب عَلَيْهِمْ وَلَا الضَّالِّينَ " قَالَ : " أَمِين " حَتَّى يَسْمَعهَا أَهْل الصَّفّ الْأَوَّل فَيَرْتَجّ بِهَا الْمَسْجِد . وَأَمَّا حَدِيث أَبِي مُوسَى وَسُمَيّ فَمَعْنَاهُمَا التَّعْرِيف بِالْمَوْضِعِ الَّذِي يُقَال فِيهِ آمِينَ ; وَهُوَ إِذَا قَالَ الْإِمَام : " وَلَا الضَّالِّينَ " لِيَكُونَ قَوْلهمَا مَعًا , وَلَا يَتَقَدَّمُوهُ بِقَوْلِ : آمِينَ ; لِمَا ذَكَرْنَاهُ , وَاَللَّه أَعْلَم . وَلِقَوْلِهِ عَلَيْهِ السَّلَام : ( إِذَا أَمَّنَ الْإِمَام فَأَمِّنُوا ) . وَقَالَ اِبْن نَافِع فِي كِتَاب اِبْن الْحَارِث : لَا يَقُولهَا الْمَأْمُوم إِلَّا أَنْ يَسْمَع الْإِمَام يَقُول : " وَلَا الضَّالِّينَ " . وَإِذَا كَانَ بِبُعْدٍ لَا يَسْمَعهُ فَلَا يَقُلْ . وَقَالَ اِبْن عَبْدُوس : يَتَحَرَّى قَدْر الْقِرَاءَة وَيَقُول : آمِينَ .

السَّابِعَة : قَالَ أَصْحَاب أَبِي حَنِيفَة : الْإِخْفَاء بِآمِينَ أَوْلَى مِنْ الْجَهْر بِهَا لِأَنَّهُ دُعَاء , وَقَدْ قَالَ اللَّه تَعَالَى : " اُدْعُوا رَبّكُمْ تَضَرُّعًا وَخُفْيَة " [ الْأَعْرَاف : 55 ] . قَالُوا : وَالدَّلِيل عَلَيْهِ مَا رُوِيَ فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : " قَدْ أُجِيبَتْ دَعْوَتكُمَا " [ يُونُس : 89 ]. قَالَ : كَانَ مُوسَى يَدْعُو وَهَارُون يُؤَمِّن , فَسَمَّاهُمَا اللَّه دَاعِيَيْنِ.

الْجَوَاب : أَنَّ إِخْفَاء الدُّعَاء إِنَّمَا كَانَ أَفْضَل لِمَا يَدْخُلهُ مِنْ الرِّيَاء . وَأَمَّا مَا يَتَعَلَّق بِصَلَاةِ الْجَمَاعَة فَشُهُودهَا إِشْهَار شِعَار ظَاهِر , وَإِظْهَار حَقّ يَنْدُب الْعِبَاد إِلَى إِظْهَاره ; وَقَدْ نَدَبَ الْإِمَام إِلَى إِشْهَار قِرَاءَة الْفَاتِحَة الْمُشْتَمِلَة عَلَى الدُّعَاء وَالتَّأْمِين فِي آخِرهَا ; فَإِذَا كَانَ الدُّعَاء مِمَّا يُسَنّ الْجَهْر فِيهِ فَالتَّأْمِين عَلَى الدُّعَاء تَابِع لَهُ وَجَارٍ مَجْرَاهُ ; وَهَذَا بَيِّن .

الثَّامِنَة : كَلِمَة آمِينَ لَمْ تَكُنْ قَبْلنَا إِلَّا لِمُوسَى وَهَارُون عَلَيْهِمَا السَّلَام. ذَكَرَ التِّرْمِذِيّ الْحَكِيم فِي ( نَوَادِر الْأُصُول ) : حَدَّثَنَا عَبْد الْوَارِث بْن عَبْد الصَّمَد قَالَ حَدَّثَنَا أَبِي قَالَ حَدَّثَنَا رَزِين مُؤَذِّن مَسْجِد هِشَام بْن حَسَّان قَالَ حَدَّثَنَا أَنَس بْن مَالِك قَالَ قَالَ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( إِنَّ اللَّه أَعْطَى أُمَّتِي ثَلَاثًا لَمْ تُعْطَ أَحَدًا قَبْلهمْ السَّلَام وَهُوَ تَحِيَّة أَهْل الْجَنَّة وَصُفُوف الْمَلَائِكَة وَآمِينَ إِلَّا مَا كَانَ مِنْ مُوسَى وَهَارُون ) قَالَ أَبُو عَبْد اللَّه : مَعْنَاهُ أَنَّ مُوسَى دَعَا عَلَى فِرْعَوْن , وَأَمَّنَ هَارُون , فَقَالَ اللَّه تَبَارَكَ اِسْمه عِنْدَمَا ذَكَرَ دُعَاء مُوسَى فِي تَنْزِيله : " قَدْ أُجِيبَتْ دَعْوَتكُمَا " [ يُونُس : 89 ] وَلَمْ يَذْكُر مَقَالَة هَارُون ; وَقَالَ مُوسَى : رَبّنَا , فَكَانَ مِنْ هَارُون التَّأْمِين , فَسَمَّاهُ دَاعِيًا فِي تَنْزِيله , إِذْ صَيَّرَ ذَلِكَ مِنْهُ دَعْوَة . وَقَدْ قِيلَ : إِنَّ أَمِين خَاصّ لِهَذِهِ الْأُمَّة ; لِمَا رُوِيَ عَنْ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ : ( مَا حَسَدَتْكُمْ الْيَهُود عَلَى شَيْء مَا حَسَدَتْكُمْ عَلَى السَّلَام وَالتَّأْمِين ) أَخْرَجَهُ اِبْن مَاجَهْ مِنْ حَدِيث حَمَّاد بْن سَلَمَة عَنْ سُهَيْل بْن أَبِي صَالِح عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَائِشَة أَنَّ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ ... ; الْحَدِيث . وَأَخْرَجَ أَيْضًا مِنْ حَدِيث اِبْن عَبَّاس عَنْ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : ( مَا حَسَدَتْكُمْ الْيَهُود عَلَى شَيْء مَا حَسَدَتْكُمْ عَلَى آمِينَ فَأَكْثِرُوا مِنْ قَوْل آمِينَ ) . قَالَ عُلَمَاؤُنَا رَحْمَة اللَّه عَلَيْهِمْ : إِنَّمَا حَسَدَنَا أَهْل الْكِتَاب لِأَنَّ أَوَّلهَا حَمْد لِلَّهِ وَثَنَاء عَلَيْهِ ثُمَّ خُضُوع لَهُ وَاسْتِكَانَة , ثُمَّ دُعَاء لَنَا بِالْهِدَايَةِ إِلَى الصِّرَاط الْمُسْتَقِيم , ثُمَّ الدُّعَاء عَلَيْهِمْ مَعَ قَوْلنَا آمِينَ . الباب الرابع فيما تضمنته الفاتحة من المعاني والقراءات و الإعراب و فضل الحامدين وفيه ستٌ وثلاثون مسألة:

قوله سبحانه وتعالى: ( الْحَمْد لِلَّهِ ) رَوَى أَبُو مُحَمَّد عَبْد الْغَنِيّ بْن سَعِيد الْحَافِظ مِنْ حَدِيث أَبِي هُرَيْرَة وَأَبِي سَعِيد الْخُدْرِيّ عَنْ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : ( إِذَا قَالَ الْعَبْد الْحَمْد لِلَّهِ قَالَ صَدَقَ عَبْدِي الْحَمْد لِي ) . وَرَوَى مُسْلِم عَنْ أَنَس بْن مَالِك قَالَ قَالَ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( إِنَّ اللَّه لَيَرْضَى عَنْ الْعَبْد أَنْ يَأْكُل الْأَكْلَة فَيَحْمَدهُ عَلَيْهَا أَوْ يَشْرَب الشَّرْبَة فَيَحْمَدهُ عَلَيْهَا ) . وَقَالَ الْحَسَن : مَا مِنْ نِعْمَة إِلَّا وَالْحَمْد لِلَّهِ أَفْضَل مِنْهَا . وَرَوَى اِبْن مَاجَهْ عَنْ أَنَس بْن مَالِك قَالَ قَالَ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( مَا أَنْعَمَ اللَّه عَلَى عَبْد نِعْمَة فَقَالَ الْحَمْد لِلَّهِ إِلَّا كَانَ الَّذِي أَعْطَاهُ أَفْضَل مِمَّا أَخَذَ ) . وَفِي ( نَوَادِر الْأُصُول ) عَنْ أَنَس بْن مَالِك قَالَ قَالَ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( لَوْ أَنَّ الدُّنْيَا كُلّهَا بِحَذَافِيرِهَا بِيَدِ رَجُل مِنْ أُمَّتِي ثُمَّ قَالَ الْحَمْد لِلَّهِ لَكَانَتْ الْحَمْد لِلَّهِ أَفْضَل مِنْ ذَلِكَ ) . قَالَ أَبُو عَبْد اللَّه : مَعْنَاهُ عِنْدنَا أَنَّهُ قَدْ أُعْطِي الدُّنْيَا , ثُمَّ أُعْطِي عَلَى أَثَرهَا هَذِهِ الْكَلِمَة حَتَّى نَطَقَ بِهَا , فَكَانَتْ هَذِهِ الْكَلِمَة أَفْضَل مِنْ الدُّنْيَا كُلّهَا , لِأَنَّ الدُّنْيَا فَانِيَة وَالْكَلِمَة بَاقِيَة , هِيَ مِنْ الْبَاقِيَات الصَّالِحَات ; قَالَ اللَّه تَعَالَى : " وَالْبَاقِيَات الصَّالِحَات خَيْر عِنْد رَبّك ثَوَابًا وَخَيْر أَمَلًا " [ مَرْيَم : 76 ] . وَقِيلَ فِي بَعْض الرِّوَايَات : لَكَانَ مَا أَعْطَى أَكْثَر مِمَّا أَخَذَ . فَصَيَّرَ الْكَلِمَة إِعْطَاء مِنْ الْعَبْد , وَالدُّنْيَا أَخْذًا مِنْ اللَّه ; فَهَذَا فِي التَّدْبِير . كَذَاك يَجْرِي فِي الْكَلَام أَنَّ هَذِهِ الْكَلِمَة مِنْ الْعَبْد , وَالدُّنْيَا مِنْ اللَّه ; وَكِلَاهُمَا مِنْ اللَّه فِي الْأَصْل , الدُّنْيَا مِنْهُ وَالْكَلِمَة مِنْهُ ; أَعْطَاهُ الدُّنْيَا فَأَغْنَاهُ , وَأَعْطَاهُ الْكَلِمَة فَشَرَّفَهُ بِهَا فِي الْآخِرَة . وَرَوَى اِبْن مَاجَهْ عَنْ اِبْن عُمَر أَنَّ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَدَّثَهُمْ : ( أَنَّ عَبْدًا مِنْ عِبَاد اللَّه قَالَ يَا رَبّ لَك الْحَمْد كَمَا يَنْبَغِي لِجَلَالِ وَجْهك وَعَظِيم سُلْطَانك فَعَضَلَتْ بِالْمَلَكَيْنِ فَلَمْ يَدْرِيَا كَيْف يَكْتُبَانِهَا فَصَعِدَا إِلَى السَّمَاء وَقَالَا يَا رَبّنَا إِنَّ عَبْدك قَدْ قَالَ مَقَالَة لَا نَدْرِي كَيْف نَكْتُبهَا قَالَ اللَّه عَزَّ وَجَلَّ وَهُوَ أَعْلَم بِمَا قَالَ عَبْده مَاذَا قَالَ عَبْدِي قَالَا يَا رَبّ إِنَّهُ قَدْ قَالَ يَا رَبّ لَك الْحَمْد كَمَا يَنْبَغِي لِجَلَالِ وَجْهك وَعَظِيم سُلْطَانك فَقَالَ اللَّه لَهُمَا اُكْتُبَاهَا كَمَا قَالَ عَبْدِي حَتَّى يَلْقَانِي فَأَجْزِيه بِهَا ) .

قَالَ أَهْل اللُّغَة : أَعْضَلَ الْأَمْر : اِشْتَدَّ وَاسْتَغْلَقَ ; وَالْمُعَضِّلَات ( بِتَشْدِيدِ الضَّاد ) : الشَّدَائِد . وَعَضَّلَتْ الْمَرْأَة وَالشَّاة : إِذَا نَشِبَ وَلَدهَا فَلَمْ يَسْهُل مُخْرَجه ; بِتَشْدِيدِ الضَّاد أَيْضًا ; فَعَلَى هَذَا يَكُون : أَعْضَلَتْ الْمَلَكَيْنِ أَوْ عَضَّلَتْ الْمُلْكَيْنِ بِغَيْرِ بَاء . وَاَللَّه أَعْلَم . وَرُوِيَ عَنْ مُسْلِم عَنْ أَبِي مَالِك الْأَشْعَرِيّ قَالَ قَالَ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( الطُّهُور شَطْر الْإِيمَان وَالْحَمْد لِلَّهِ تَمْلَأ الْمِيزَان وَسُبْحَان اللَّه وَالْحَمْد لِلَّهِ تَمْلَآنِ أَوْ تَمْلَأ مَا بَيْن السَّمَاء وَالْأَرْض ) وَذَكَرَ الْحَدِيثَ .

اِخْتَلَفَ الْعُلَمَاء أَيّمَا أَفْضَل ; قَوْل الْعَبْد : الْحَمْد لِلَّهِ رَبّ الْعَالَمِينَ , أَوْ قَوْل لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهَ ؟ فَقَالَتْ طَائِفَة : قَوْله الْحَمْد لِلَّهِ رَبّ الْعَالَمِينَ أَفْضَل ; لِأَنَّ فِي ضِمْنه التَّوْحِيد الَّذِي هُوَ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّه , فَفِي قَوْله تَوْحِيد وَحَمْد ; وَفِي قَوْله لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّه تَوْحِيد فَقَطْ . وَقَالَتْ طَائِفَة : لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّه أَفْضَل ; لِأَنَّهَا تَدْفَع الْكُفْرَ وَالْإِشْرَاكَ , وَعَلَيْهَا يُقَاتِل الْخَلْق ; قَالَ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( أُمِرْت أَنْ أُقَاتِلَ النَّاس حَتَّى يَقُولُوا لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّه ) . وَاخْتَارَ هَذَا الْقَوْل اِبْن عَطِيَّة قَالَ : وَالْحَاكِم بِذَلِكَ قَوْل النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( أَفْضَل مَا قُلْت أَنَا وَالنَّبِيُّونَ مِنْ قَبْلِي لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّه وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ ) .

أَجْمَع الْمُسْلِمُونَ عَلَى أَنَّ اللَّهَ مَحْمُود عَلَى سَائِر نِعَمه , وَأَنَّ مِمَّا أَنْعَمَ اللَّه بِهِ الْإِيمَان , فَدَلَّ عَلَى أَنَّ الْإِيمَانَ فِعْله وَخَلْقه ; وَالدَّلِيل عَلَى ذَلِكَ قَوْله : " رَبّ الْعَالَمِينَ " . وَالْعَالَمُونَ جُمْلَة الْمَخْلُوقَات , وَمِنْ جُمْلَتهَا الْإِيمَان , لَا كَمَا قَالَ الْقَدَرِيَّة : إِنَّهُ خَلْق لَهُمْ ; عَلَى مَا يَأْتِي بَيَانه .

الْحَمْد فِي كَلَام الْعَرَب مَعْنَاهُ الثَّنَاء الْكَامِل ; وَالْأَلِف وَاللَّام لِاسْتِغْرَاقِ الْجِنْس مِنْ الْمَحَامِد ; فَهُوَ سُبْحَانَهُ يَسْتَحِقّ الْحَمْدَ بِأَجْمَعِهِ إِذْ لَهُ الْأَسْمَاء الْحُسْنَى وَالصِّفَات الْعُلَا ; وَقَدْ جُمِعَ لَفْظ الْحَمْد جَمْع الْقِلَّة فِي قَوْل الشَّاعِر : وَأَبْلَج مَحْمُود الثَّنَاء خَصَصْته بِأَفْضَل أَقْوَالِي وَأَفْضَل أَحْمُدِي فَالْحَمْد نَقِيض الذَّمّ , تَقُول : حَمِدْت الرَّجُلَ أَحْمَدهُ حَمْدًا فَهُوَ حَمِيد وَمَحْمُود ; وَالتَّحْمِيد أَبْلَغ مِنْ الْحَمْد. وَالْحَمْد أَعَمّ مِنْ الشُّكْر , وَالْحَمْد : الَّذِي كَثُرَتْ خِصَاله الْمَحْمُودَة . قَالَ الشَّاعِر : إِلَى الْمَاجِد الْقَرْم الْجَوَاد الْمُحَمَّد وَبِذَلِكَ سُمِّيَ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. وَقَالَ الشَّاعِر : فَشَقَّ لَهُ مِنْ اِسْمه لِيُجِلّهُ فَذُو الْعَرْش مَحْمُود وَهَذَا مُحَمَّد وَالْمَحْمَدَة : خِلَاف الْمَذَمَّة . وَأَحْمَدَ الرَّجُل : صَارَ أَمْره إِلَى الْحَمْد. وَأَحْمَدْتُهُ : وَجَدْته مَحْمُودًا , تَقُول : أَتَيْت مَوْضِع كَذَا فَأَحْمَدْتُهُ ; أَيْ صَادَفْته مَحْمُودًا مُوَافِقًا , وَذَلِكَ إِذَا رَضِيت سُكْنَاهُ أَوْ مَرْعَاهُ . وَرَجُل حُمَدَة - مِثْل هُمَزَة - يُكْثِر حَمْد الْأَشْيَاء وَيَقُول فِيهَا أَكْثَر مِمَّا فِيهَا. وَحَمَدَةُ النَّار - بِالتَّحْرِيكِ - : صَوْت اِلْتِهَابهَا .

ذَهَبَ أَبُو جَعْفَر الطَّبَرِيّ وَأَبُو الْعَبَّاس الْمُبَرِّد إِلَى أَنَّ الْحَمْد وَالشُّكْر بِمَعْنًى وَاحِد سَوَاء , وَلَيْسَ بِمَرْضِيٍّ . وَحَكَاهُ أَبُو عَبْد الرَّحْمَن السُّلَمِيّ فِي كِتَاب " الْحَقَائِق " لَهُ عَنْ جَعْفَر الصَّادِق وَابْن عَطَاء . قَالَ اِبْن عَطَاء : مَعْنَاهُ الشُّكْر لِلَّهِ ; إِذْ كَانَ مِنْهُ الِامْتِنَان عَلَى تَعْلِيمنَا إِيَّاهُ حَتَّى حَمِدْنَاهُ . وَاسْتَدَلَّ الطَّبَرِيّ عَلَى أَنَّهُمَا بِمَعْنًى بِصِحَّةِ قَوْلِك : الْحَمْد لِلَّهِ شُكْرًا . قَالَ اِبْن عَطِيَّة : وَهُوَ فِي الْحَقِيقَة دَلِيل عَلَى خِلَاف مَا ذَهَبَ إِلَيْهِ ; لِأَنَّ قَوْلَك شُكْرًا , إِنَّمَا خَصَصْت بِهِ الْحَمْد ; لِأَنَّهُ عَلَى نِعْمَة مِنْ النِّعَم . وَقَالَ بَعْض الْعُلَمَاء : إِنَّ الشُّكْر أَعَمّ مِنْ الْحَمْد ; لِأَنَّهُ بِاللِّسَانِ وَبِالْجَوَارِحِ وَالْقَلْب ; وَالْحَمْد إِنَّمَا يَكُون بِاللِّسَانِ خَاصَّة . وَقِيلَ : الْحَمْد أَعَمّ ; لِأَنَّ فِيهِ مَعْنَى الشُّكْر وَمَعْنَى الْمَدْح , وَهُوَ أَعَمّ مِنْ الشُّكْر ; لِأَنَّ الْحَمْد يُوضَع مَوْضِع الشُّكْر وَلَا يُوضَع الشُّكْر مَوْضِع الْحَمْد . وَرُوِيَ عَنْ اِبْن عَبَّاس أَنَّهُ قَالَ : الْحَمْد لِلَّهِ كَلِمَة كُلّ شَاكِر , وَإِنَّ آدَم عَلَيْهِ السَّلَام قَالَ حِين عَطَسَ : الْحَمْد لِلَّهِ . وَقَالَ اللَّه لِنُوحٍ عَلَيْهِ السَّلَام : " فَقُلْ الْحَمْد لِلَّهِ الَّذِي نَجَّانَا مِنْ الْقَوْم الظَّالِمِينَ " [ الْمُؤْمِنُونَ : 28 ] وَقَالَ إِبْرَاهِيم عَلَيْهِ السَّلَام : " الْحَمْد لِلَّهِ الَّذِي وَهَبَ لِي عَلَى الْكِبَر إِسْمَاعِيل وَإِسْحَاق " [ إِبْرَاهِيم : 3 ] . وَقَالَ فِي قِصَّة دَاوُدَ وَسُلَيْمَان : " وَقَالَا الْحَمْد لِلَّهِ الَّذِي فَضَّلَنَا عَلَى كَثِير مِنْ عِبَاده الْمُؤْمِنِينَ " [ النَّمْل : 15 ] . وَقَالَ لِنَبِيِّهِ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : " وَقُلْ الْحَمْد لِلَّهِ الَّذِي لَمْ يَتَّخِذ وَلَدًا " [ الْإِسْرَاء : 111 ] . وَقَالَ أَهْل الْجَنَّة : " الْحَمْد لِلَّهِ الَّذِي أَذْهَب عَنَّا الْحَزَن " [ فَاطِر : 34 ]. " وَآخِر دَعْوَاهُمْ أَنْ الْحَمْد لِلَّهِ رَبّ الْعَالَمِينَ " [ يُونُس : 10 ] . فَهِيَ كَلِمَة كُلّ شَاكِر .

قُلْت : الصَّحِيح أَنَّ الْحَمْد ثَنَاء عَلَى الْمَمْدُوح بِصِفَاتِهِ مِنْ غَيْر سَبْق إِحْسَان , وَالشُّكْر ثَنَاء عَلَى الْمَشْكُور بِمَا أَوْلَى مِنْ الْإِحْسَان . وَعَلَى هَذَا الْحَدّ قَالَ عُلَمَاؤُنَا : الْحَمْد أَعَمّ مِنْ الشُّكْر ; لِأَنَّ الْحَمْد يَقَع عَلَى الثَّنَاء وَعَلَى التَّحْمِيد وَعَلَى الشُّكْر ; وَالْجَزَاء مَخْصُوص إِنَّمَا يَكُون مُكَافَأَة لِمَنْ أَوْلَاك مَعْرُوفًا ; فَصَارَ الْحَمْد أَعَمّ فِي الْآيَة لِأَنَّهُ يَزِيد عَلَى الشُّكْر . وَيُذْكَر الْحَمْد بِمَعْنَى الرِّضَا ; يُقَال : بَلَوْته فَحَمِدْته , أَيْ رَضِيته . وَمِنْهُ قَوْله تَعَالَى : " مَقَامًا مَحْمُودًا " [ الْإِسْرَاء : 79 ] . وَقَالَ عَلَيْهِ السَّلَام : ( أَحْمَد إِلَيْكُمْ غَسْل الْإِحْلِيل ) أَيْ أَرْضَاهُ لَكُمْ . وَيُذْكَر عَنْ جَعْفَر الصَّادِق فِي قَوْله " الْحَمْد لِلَّهِ " : مَنْ حَمِدَهُ بِصِفَاتِهِ كَمَا وَصَفَ نَفْسه فَقَدْ حَمِدَ ; لِأَنَّ الْحَمْد حَاء وَمِيم وَدَال ; فَالْحَاء مِنْ الْوَحْدَانِيَّة , وَالْمِيم مِنْ الْمُلْك , وَالدَّال مِنْ الدَّيْمُومِيَّةِ ; فَمَنْ عَرَفَهُ بِالْوَحْدَانِيَّةِ وَالدَّيْمُومِيَّة وَالْمُلْك فَقَدْ عَرَفَهُ , وَهَذَا هُوَ حَقِيقَة الْحَمْد لِلَّهِ. وَقَالَ شَقِيق بْن إِبْرَاهِيم فِي تَفْسِير " الْحَمْد لِلَّهِ " قَالَ : هُوَ عَلَى ثَلَاثَة أَوْجُه : أَوَّلهَا إِذَا أَعْطَاك اللَّه شَيْئًا تَعْرِف مَنْ أَعْطَاك. وَالثَّانِي أَنْ تَرْضَى بِمَا أَعْطَاك . وَالثَّالِث مَا دَامَتْ قُوَّته فِي جَسَدك أَلَّا تَعْصِيَهُ ; فَهَذِهِ شَرَائِط الْحَمْد . أَثْنَى اللَّه سُبْحَانه بِالْحَمْدِ عَلَى نَفْسه , وَافْتَتَحَ كِتَابه بِحَمْدِهِ , وَلَمْ يَأْذَن فِي ذَلِكَ لِغَيْرِهِ ; بَلْ نَهَاهُمْ عَنْ ذَلِكَ فِي كِتَابه وَعَلَى لِسَان نَبِيّه عَلَيْهِ السَّلَام فَقَالَ : " فَلَا تُزَكُّوا أَنْفُسكُمْ هُوَ أَعْلَم بِمَنْ اِتَّقَى " [ النَّجْم : 32 ] . وَقَالَ عَلَيْهِ السَّلَام : ( اُحْثُوا فِي وُجُوه الْمَدَّاحِينَ التُّرَاب ) رَوَاهُ الْمِقْدَاد . وَسَيَأْتِي الْقَوْل فِيهِ فِي " النِّسَاء " إِنْ شَاءَ اللَّه تَعَالَى .

فَمَعْنَى " الْحَمْد لِلَّهِ رَبّ الْعَالَمِينَ " أَيْ سَبَقَ الْحَمْد مِنِّي لِنَفْسِي أَنْ يَحْمَدنِي أَحَد مِنْ الْعَالَمِينَ وَحَمْدِي نَفْسِي لِنَفْسِي فِي الْأَزَل لَمْ يَكُنْ بِعِلَّةٍ , وَحَمْدِي الْخَلْق مَشُوب بِالْعِلَلِ. قَالَ عُلَمَاؤُنَا : فَيُسْتَقْبَح مِنْ الْمَخْلُوق الَّذِي لَمْ يُعْطَ الْكَمَال أَنْ يَحْمَد نَفْسه لِيَسْتَجْلِب لَهَا الْمَنَافِع وَيَدْفَع عَنْهَا الْمَضَارّ . وَقِيلَ : لَمَّا عَلِمَ سُبْحَانه عَجْز عِبَاده عَنْ حَمْده , حَمِدَ نَفْسه بِنَفْسِهِ لِنَفْسِهِ فِي الْأَزَل ; فَاسْتِفْرَاغ طَوْق عِبَاده هُوَ مَحْمَل الْعَجْز عَنْ حَمْده . أَلَا تَرَى سَيِّد الْمُرْسَلِينَ كَيْف أَظْهَر الْعَجْز بِقَوْلِهِ : ( لَا أُحْصِي ثَنَاء عَلَيْك ) . وَأَنْشَدُوا : إِذَا نَحْنُ أَثْنَيْنَا عَلَيْك بِصَالِحٍ فَأَنْتَ كَمَا نُثْنِي وَفَوْق الَّذِي نُثْنِي وَقِيلَ : حَمِدَ نَفْسه فِي الْأَزَل لِمَا عَلِمَ مِنْ كَثْرَة نِعَمه عَلَى عِبَاده وَعَجْزهمْ عَلَى الْقِيَام بِوَاجِبِ حَمْده فَحَمِدَ نَفْسه عَنْهُمْ ; لِتَكُونَ النِّعْمَة أَهْنَأ لَدَيْهِمْ , حَيْثُ أَسْقَطَ بِهِ ثِقَل الْمِنَّة . وَأَجْمَع الْقُرَّاء السَّبْعَة وَجُمْهُور النَّاس عَلَى رَفْع الدَّال مِنْ " الْحَمْدُ لِلَّهِ " . وَرُوِيَ عَنْ سُفْيَان بْن عُيَيْنَةَ وَرُؤْبَة بْن الْعَجَّاج : " الْحَمْدَ لِلَّهِ " بِنَصَبِ الدَّال ; وَهَذَا عَلَى إِضْمَار فِعْل . وَيُقَال : " الْحَمْدُ لِلَّهِ " بِالرَّفْعِ مُبْتَدَأ وَخَبَر , وَسَبِيل الْخَبَر أَنْ يُفِيد ; فَمَا الْفَائِدَة فِي هَذَا ؟ فَالْجَوَاب أَنَّ سِيبَوَيْهِ قَالَ : إِذَا قَالَ الرَّجُل الْحَمْد لِلَّهِ بِالرَّفْعِ فَفِيهِ مِنْ الْمَعْنَى مِثْل مَا فِي قَوْلِك : حَمِدْت اللَّه حَمْدًا ; إِلَّا أَنَّ الَّذِي يَرْفَع الْحَمْد يُخْبِر أَنَّ الْحَمْد مِنْهُ وَمِنْ جَمِيع الْخَلْق لِلَّهِ ; وَاَلَّذِي يَنْصِب الْحَمْد يُخْبِر أَنَّ الْحَمْد مِنْهُ وَحْدَهُ لِلَّهِ. وَقَالَ غَيْر سِيبَوَيْهِ . إِنَّمَا يُتَكَلَّم بِهَذَا تَعَرُّضًا لِعَفْوِ اللَّه وَمَغْفِرَته وَتَعْظِيمًا لَهُ وَتَمْجِيدًا ; فَهُوَ خِلَاف مَعْنَى الْخَبَر وَفِيهِ مَعْنَى السُّؤَال. وَفِي الْحَدِيث : ( مَنْ شُغِلَ بِذِكْرِي عَنْ مَسْأَلَتِي أَعْطَيْته أَفْضَل مَا أُعْطِي السَّائِلِينَ ) . وَقِيلَ : إِنَّ مَدْحَهُ عَزَّ وَجَلَّ لِنَفْسِهِ وَثَنَاءَهُ عَلَيْهَا لِيُعَلِّمَ ذَلِكَ عِبَاده ; فَالْمَعْنَى عَلَى هَذَا : قُولُوا الْحَمْد لِلَّهِ . قَالَ الطَّبَرِيّ : " الْحَمْد لِلَّهِ " ثَنَاء أَثْنَى بِهِ عَلَى نَفْسه , وَفِي ضِمْنه أَمَرَ عِبَاده أَنْ يُثْنُوا عَلَيْهِ ; فَكَأَنَّهُ قَالَ : قُولُوا الْحَمْد لِلَّهِ ; وَعَلَى هَذَا يَجِيء قُولُوا إِيَّاكَ . وَهَذَا مِنْ حَذْف الْعَرَب مَا يَدُلّ ظَاهِر الْكَلَام عَلَيْهِ ; كَمَا قَالَ الشَّاعِر : وَأَعْلَم أَنَّنِي سَأَكُونُ رَمْسًا إِذَا سَارَ النَّوَاعِج لَا يَسِير فَقَالَ السَّائِلُونَ لِمَنْ حَفَرْتُمْ فَقَالَ الْقَائِلُونَ لَهُمْ وَزِير الْمَعْنَى : الْمَحْفُور لَهُ وَزِير فَحُذِفَ لِدَلَالَةِ ظَاهِر الْكَلَام عَلَيْهِ , وَهَذَا كَثِير . وَرُوِيَ عَنْ اِبْن أَبِي عَبْلَة : " الْحَمْدُ لُلَّهِ " بِضَمِّ الدَّال وَاللَّام عَلَى إِتْبَاع الثَّانِي الْأَوَّلَ ; وَلِيَتَجَانَس اللَّفْظ , وَطَلَب التَّجَانُس فِي اللَّفْظ كَثِير فِي كَلَامهمْ ; نَحْو : أَجُوءُك , وَهُوَ مُنْحَدُرٌ مِنْ الْجَبَل , بِضَمِّ الدَّال وَالْجِيم. قَالَ : اِضْرِبْ السَّاقَيْنُ أُمُّك هَابِل بِضَمِّ النُّون لِأَجْلِ ضَمّ الْهَمْزَة. وَفِي قِرَاءَة لِأَهْلِ مَكَّة " مُرُدِفِينَ " بِضَمِّ الرَّاء إِتْبَاعًا لِلْمِيمِ , وَعَلَى ذَلِكَ " مُقُتِّلِينَ " بِضَمِّ الْقَاف. وَقَالُوا : لِإِمِّك , فَكَسَرُوا الْهَمْزَة إِتْبَاعًا لِلَّامِ ; وَأُنْشِدَ لِلنُّعْمَانِ بْن بَشِير : وَيَلِ امِّهَا فِي هَوَاء الْجَوّ طَالِبَة وَلَا كَهَذَا الَّذِي فِي الْأَرْض مَطْلُوب الْأَصْل : وَيْلٌ لِأُمِّهَا ; فَحُذِفَتْ اللَّام الْأُولَى وَاسْتُثْقِلَ ضَمّ الْهَمْزَة بَعْد الْكَسْرَة فَنَقَلَهَا لِلَّامِ ثُمَّ أَتْبَعَ اللَّام الْمِيمَ . وَرُوِيَ عَنْ الْحَسَن بْن أَبِي الْحَسَن وَزَيْد بْن عَلِيّ : " الْحَمْدِ لِلَّهِ " بِكَسْرِ الدَّال عَلَى اِتْبَاع الْأَوَّل الثَّانِيَ .

{2} الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ
أَيْ مَالِكهمْ , وَكُلّ مَنْ مَلَكَ شَيْئًا فَهُوَ رَبّه ; فَالرَّبّ : الْمَالِك . وَفِي الصِّحَاح : وَالرَّبّ اِسْم مِنْ أَسْمَاء اللَّه تَعَالَى , وَلَا يُقَال فِي غَيْره إِلَّا بِالْإِضَافَةِ ; وَقَدْ قَالُوهُ فِي الْجَاهِلِيَّة لِلْمَلِكِ , قَالَ الْحَارِث بْن حِلِّزَة : وَهُوَ الرَّبّ وَالشَّهِيد عَلَى يَوْ مِ الْحِيَارَيْنِ وَالْبَلَاء بَلَاء وَالرَّبّ : السَّيِّد : وَمِنْهُ قَوْله تَعَالَى : " اُذْكُرْنِي عِنْدَ رَبّك " [ يُوسُف : 42 ] . وَفِي الْحَدِيث : ( أَنْ تَلِدَ الْأَمَة رَبَّتَهَا ) أَيْ سَيِّدَتَهَا ; وَقَدْ بَيَّنَّاهُ فِي كِتَاب ( التَّذْكِرَة ) . وَالرَّبّ : الْمُصْلِح وَالْمُدَبِّر وَالْجَابِر وَالْقَائِم . قَالَ الْهَرَوِيّ وَغَيْره : يُقَال لِمَنْ قَامَ بِإِصْلَاحِ شَيْء وَإِتْمَامه : قَدْ رَبّه يَرُبّهُ فَهُوَ رَبّ لَهُ وَرَابّ ; وَمِنْهُ سُمِّيَ الرَّبَّانِيُّونَ لِقِيَامِهِمْ بِالْكُتُبِ . وَفِي الْحَدِيث : ( هَلْ لَك مِنْ نِعْمَة تَرُبّهَا عَلَيْهِ ) أَيْ تَقُوم بِهَا وَتُصْلِحهَا . وَالرَّبّ : الْمَعْبُود ; وَمِنْهُ قَوْل الشَّاعِر : أَرَبّ يَبُول الثُّعْلُبَان بِرَأْسِهِ لَقَدْ ذَلَّ مَنْ بَالَتْ عَلَيْهِ الثَّعَالِب وَيُقَال عَلَى التَّكْثِير : رَبَّاهُ وَرَبَّبَهُ وَرَبَّتَهُ حَكَاهُ النَّحَّاس . وَفِي الصِّحَاح : وَرَبَّ فُلَان وَلَده يَرُبّهُ رَبًّا وَرَبَّبَهُ وَتَرَبَّبَهُ بِمَعْنًى ; أَيْ رَبَّاهُ . وَالْمَرْبُوب : الْمُرَبَّى.

قَالَ بَعْض الْعُلَمَاء : إِنَّ هَذَا الِاسْم هُوَ اِسْم اللَّه الْأَعْظَم ; لِكَثْرَةِ دَعْوَة الدَّاعِينَ بِهِ , وَتَأَمَّلْ ذَلِكَ فِي الْقُرْآن , كَمَا فِي آخِر " آل عِمْرَان " وَسُورَة " إِبْرَاهِيم " وَغَيْرهمَا , وَلِمَا يُشْعِر بِهِ هَذَا الْوَصْف مِنْ الصِّلَة بَيْن الرَّبّ وَالْمَرْبُوب , مَعَ مَا يَتَضَمَّنهُ مِنْ الْعَطْف وَالرَّحْمَة وَالِافْتِقَار فِي كُلّ حَال . وَاخْتُلِفَ فِي اِشْتِقَاقه ; فَقِيلَ : إِنَّهُ مُشْتَقّ مِنْ التَّرْبِيَة ; فَاَللَّه سُبْحَانه وَتَعَالَى مُدَبِّر لِخَلْقِهِ وَمُرَبِّيهمْ , وَمِنْهُ قَوْله تَعَالَى : " وَرَبَائِبكُمْ اللَّاتِي فِي حُجُوركُمْ " [ النِّسَاء : 23 ] . فَسَمَّى بِنْت الزَّوْجَة رَبِيبَة لِتَرْبِيَةِ الزَّوْج لَهَا . فَعَلَى أَنَّهُ مُدَبِّر لِخَلْقِهِ وَمُرَبِّيهمْ يَكُون صِفَة فِعْل ; وَعَلَى أَنَّ الرَّبّ بِمَعْنَى الْمَالِك وَالسَّيِّد يَكُون صِفَة ذَات. مَتَى أُدْخِلَتْ الْأَلِف وَاللَّام عَلَى " رَبّ " اِخْتَصَّ اللَّه تَعَالَى بِهِ ; لِأَنَّهَا لِلْعَهْدِ , وَإِنْ حَذَفْنَا مِنْهُ صَارَ مُشْتَرَكًا بَيْن اللَّه وَبَيْن عِبَاده , فَيُقَال : اللَّه رَبّ الْعِبَاد , وَزَيْد رَبّ الدَّار ; فَاَللَّه سُبْحَانه رَبّ الْأَرْبَاب ; يَمْلِك الْمَالِك وَالْمَمْلُوك , وَهُوَ خَالِق ذَلِكَ وَرَازِقه , وَكُلّ رَبّ سِوَاهُ غَيْر خَالِق وَلَا رَازِق , وَكُلّ مَمْلُوك فَمُمَلَّك بَعْد أَنْ لَمْ يَكُنْ , وَمُنْتَزَع ذَلِكَ مِنْ يَده , وَإِنَّمَا يَمْلِك شَيْئًا دُون شَيْء ; وَصِفَة اللَّه تَعَالَى مُخَالِفَة لِهَذِهِ الْمَعَانِي , فَهَذَا الْفَرْق بَيْن صِفَة الْخَالِق وَالْمَخْلُوقِينَ .

{2} الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ
اِخْتَلَفَ أَهْل التَّأْوِيل فِي " الْعَالَمِينَ " اِخْتِلَافًا كَثِيرًا ; فَقَالَ قَتَادَةُ : الْعَالَمُونَ جَمْع عَالَم , وَهُوَ كُلّ مَوْجُود سِوَى اللَّه تَعَالَى , وَلَا وَاحِد لَهُ مِنْ لَفْظه مِثْل رَهْط وَقَوْم . وَقِيلَ : أَهْل كُلّ زَمَان عَالَم ; قَالَهُ الْحُسَيْن بْن الْفَضْل , لِقَوْلِهِ تَعَالَى : " أَتَأْتُونَ الذُّكْرَان مِنْ الْعَالَمِينَ " [ الشُّعَرَاء : 165 ] أَيْ مِنْ النَّاس . وَقَالَ الْعَجَّاج : فَخِنْدِفٌ هَامَة هَذَا الْعَأْلَمِ وَقَالَ جَرِير بْن الْخَطَفِيّ : تُنَصِّفهُ الْبَرِيَّة وَهُوَ سَامٍ وَيُضَحِّي الْعَالَمُونَ لَهُ عِيَالًا وَقَالَ اِبْن عَبَّاس : الْعَالَمُونَ الْجِنّ وَالْإِنْس ; دَلِيله قَوْله تَعَالَى : " لِيَكُونَ لِلْعَالَمِينَ نَذِيرًا " [ الْفُرْقَان : 1 ] وَلَمْ يَكُنْ نَذِيرًا لِلْبَهَائِمِ . وَقَالَ الْفَرَّاء وَأَبُو عُبَيْدَة : الْعَالَم عِبَارَة عَمَّنْ يَعْقِل ; وَهُمْ أَرْبَعَة أُمَم : الْإِنْس وَالْجِنّ وَالْمَلَائِكَة وَالشَّيَاطِين. وَلَا يُقَال لِلْبَهَائِمِ : عَالَم , لِأَنَّ هَذَا الْجَمْع إِنَّمَا هُوَ جَمْع مَنْ يَعْقِل خَاصَّة . قَالَ الْأَعْشَى : مَا إِنْ سَمِعْت بِمِثْلِهِمْ فِي الْعَالَمِينَا وَقَالَ زَيْد بْن أَسْلَمَ : هُمْ الْمُرْتَزِقُونَ ; وَنَحْوه قَوْل أَبِي عَمْرو بْن الْعَلَاء : هُمْ الرُّوحَانِيُّونَ . وَهُوَ مَعْنَى قَوْل اِبْن عَبَّاس أَيْضًا : كُلّ ذِي رُوح دَبَّ عَلَى وَجْه الْأَرْض . وَقَالَ وَهْب بْن مُنَبِّه : إِنَّ لِلَّهِ عَزَّ وَجَلَّ ثَمَانِيَة عَشَر أَلْف عَالَم ; الدُّنْيَا عَالَم مِنْهَا . وَقَالَ أَبُو سَعِيد الْخُدْرِيّ : إِنَّ لِلَّهِ أَرْبَعِينَ أَلْف عَالَم ; الدُّنْيَا مِنْ شَرْقهَا إِلَى غَرَبَهَا عَالَم وَاحِد . وَقَالَ مُقَاتِل : الْعَالَمُونَ ثَمَانُونَ أَلْف عَالَم , أَرْبَعُونَ أَلْف عَالَم فِي الْبَرّ , وَأَرْبَعُونَ أَلْف عَالَم فِي الْبَحْر . وَرَوَى الرَّبِيع بْن أَنَس عَنْ أَبِي الْعَالِيَة قَالَ : الْجِنّ عَالَم , وَالْإِنْس عَالَم ; وَسِوَى ذَلِكَ لِلْأَرْضِ أَرْبَع زَوَايَا فِي كُلّ زَاوِيَة أَلْف وَخَمْسمِائَةِ عَالَم , خَلَقَهُمْ لِعِبَادَتِهِ.

قُلْت : وَالْقَوْل الْأَوَّل أَصَحّ هَذِهِ الْأَقْوَال ; لِأَنَّهُ شَامِل لِكُلِّ مَخْلُوق وَمَوْجُود ; دَلِيله قَوْله تَعَالَى : " قَالَ فِرْعَوْن وَمَا رَبّ الْعَالَمِينَ. قَالَ رَبّ السَّمَوَات وَالْأَرْض وَمَا بَيْنهمَا " [ الشُّعَرَاء : 23 ] ثُمَّ هُوَ مَأْخُوذ مِنْ الْعِلْم وَالْعَلَامَة ; لِأَنَّهُ يَدُلّ عَلَى مُوجِده . كَذَا قَالَ الزَّجَّاج قَالَ : الْعَالَم كُلّ مَا خَلَقَهُ اللَّه فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَة. وَقَالَ الْخَلِيل : الْعِلْم وَالْعَلَامَة وَالْمَعْلَم : مَا دَلَّ عَلَى الشَّيْء ; فَالْعَالِم دَالٌّ عَلَى أَنَّ لَهُ خَالِقًا وَمُدْبِرًا , وَهَذَا وَاضِح . وَقَدْ ذُكِرَ أَنَّ رَجُلًا قَالَ بَيْن يَدَيْ الْجُنَيْد : الْحَمْد لِلَّهِ ; فَقَالَ لَهُ : أَتَمّهَا كَمَا قَالَ اللَّه , قُلْ رَبّ الْعَالَمِينَ ; فَقَالَ الرَّجُل : وَمَنْ الْعَالَمِينَ حَتَّى تُذْكَر مَعَ الْحَقّ ؟ قَالَ : قُلْ يَا أَخِي ؟ فَإِنَّ الْمُحْدَث إِذَا قُرِنَ مَعَ الْقَدِيم لَا يَبْقَى لَهُ أَثَر . يَجُوز الرَّفْع وَالنَّصْب فِي " رَبّ " فَالنَّصَب عَلَى الْمَدْح , وَالرَّفْع عَلَى الْقَطْع ; أَيْ هُوَ رَبّ الْعَالَمِينَ .

{3} الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
وَصَفَ نَفْسه تَعَالَى بَعْد " رَبّ الْعَالَمِينَ " , بِأَنَّهُ " الرَّحْمَن الرَّحِيم " ; لِأَنَّهُ لَمَّا كَانَ فِي اِتِّصَافه بِ " رَبّ الْعَالَمِينَ " تَرْهِيب قَرَنَهُ بِ " الرَّحْمَن الرَّحِيم " , لِمَا تَضَمَّنَ مِنْ التَّرْغِيب ; لِيَجْمَع فِي صِفَاته بَيْن الرَّهْبَة مِنْهُ , وَالرَّغْبَة إِلَيْهِ ; فَيَكُون أَعْوَن عَلَى طَاعَته وَأَمْنَع ; كَمَا قَالَ : " نَبِّئْ عِبَادِي أَنِّي أَنَا الْغَفُور الرَّحِيم . وَأَنَّ عَذَابِي هُوَ الْعَذَاب الْأَلِيم " [ الْحِجْر : 49 , 50 ] . وَقَالَ : " غَافِر الذَّنْب وَقَابِل التَّوْب شَدِيد الْعِقَاب ذِي الطَّوْل " [ غَافِر : 3 ] . وَفِي صَحِيح مُسْلِم عَنْ أَبِي هُرَيْرَة أَنَّ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : ( لَوْ يَعْلَم الْمُؤْمِن مَا عِنْد اللَّه مِنْ الْعُقُوبَة مَا طَمِعَ بِجَنَّتِهِ أَحَد وَلَوْ يَعْلَم الْكَافِر مَا عِنْد اللَّه مِنْ الرَّحْمَة مَا قَنِطَ مِنْ جَنَّتِهِ أَحَد ) . وَقَدْ تَقَدَّمَ مَا فِي هَذَيْنِ الِاسْمَيْنِ مِنْ الْمَعَانِي , فَلَا مَعْنَى لِإِعَادَتِهِ .

{4} مَالِكِ يَوْمِ الدِّينِ
قَرَأَ مُحَمَّد بْن السَّمَيْقَع بِنَصْبِ مَالِك ; وَفِيهِ أَرْبَع لُغَات : مَالِك وَمَلِك وَمَلْك - مُخَفَّفَة مِنْ مَلِك - وَمَلِيك . قَالَ الشَّاعِر : وَأَيَّام لَنَا غُرّ طِوَال عَصَيْنَا الْمَلْك فِيهَا أَنْ نَدِينَا وَقَالَ آخَر : فَاقْنَعْ بِمَا قَسَمَ الْمَلِيك فَإِنَّمَا قَسَمَ الْخَلَائِق بَيْننَا عَلَّامُهَا الْخَلَائِق : الطَّبَائِع الَّتِي جُبِلَ الْإِنْسَان عَلَيْهَا . وَرُوِيَ عَنْ نَافِع إِشْبَاع الْكِسْرَة فِي " مَلِك " فَيَقْرَأ " مَلِكِي " عَلَى لُغَة مَنْ يُشْبِع الْحَرَكَات , وَهِيَ لُغَة لِلْعَرَبِ ذَكَرَهَا الْمَهْدَوِيّ وَغَيْره .

اِخْتَلَفَ الْعُلَمَاء أَيّمَا أَبْلَغُ : مَلِك أَوْ مَالِك ؟ وَالْقِرَاءَتَانِ مَرْوِيَّتَانِ عَنْ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَبِي بَكْر وَعُمَر . ذَكَرَهُمَا التِّرْمِذِيّ ; فَقِيلَ : " مَلِك " أَعَمّ وَأَبْلَغ مِنْ " مَالِك " إِذْ كُلّ مَلِك مَالِك , وَلَيْسَ كُلّ مَالِك مَلِكًا ; وَلِأَنَّ الْمِلْك نَافِذ عَلَى الْمَالِك فِي مُلْكه , حَتَّى لَا يَتَصَرَّف إِلَّا عَنْ تَدْبِير الْمَلِك , قَالَ أَبُو عُبَيْدَة وَالْمُبَرِّد . وَقِيلَ : " مَالِك " أَبْلَغ ; لِأَنَّهُ يَكُون مَالِكًا لِلنَّاسِ وَغَيْرهمْ ; فَالْمَالِك أَبْلَغ تَصَرُّفًا وَأَعْظَم ; إِذْ إِلَيْهِ إِجْرَاء قَوَانِين الشَّرْع , ثُمَّ عِنْده زِيَادَة التَّمَلُّك . وَقَالَ أَبُو عَلِيّ : حَكَى أَبُو بَكْر بْن السَّرَّاج عَنْ بَعْض مَنْ اِخْتَارَ الْقِرَاءَة بِ " مَالِك " أَنَّ اللَّه سُبْحَانه قَدْ وَصَفَ نَفْسه بِأَنَّهُ مَالِك كُلّ شَيْء بِقَوْلِ : " رَبّ الْعَالَمِينَ " فَلَا فَائِدَة فِي قِرَاءَة مَنْ قَرَأَ " مَالِك " لِأَنَّهَا تَكْرَار . قَالَ أَبُو عَلِيّ : وَلَا حُجَّة فِي هَذَا ; لِأَنَّ فِي التَّنْزِيل أَشْيَاء عَلَى هَذِهِ الصُّورَة , تَقَدُّم الْعَامّ ثُمَّ ذِكْر الْخَاصّ كَقَوْلِهِ : " هُوَ اللَّه الْخَالِق الْبَارِئ الْمُصَوِّر " فَالْخَالِق يَعُمّ . وَذَكَرَ الْمُصَوِّر لِمَا فِيهِ مِنْ التَّنْبِيه عَلَى الصَّنْعَة وَوُجُود الْحِكْمَة , وَكَمَا قَالَ تَعَالَى : " وَبِالْآخِرَةِ هُمْ يُوقِنُونَ " بَعْد قَوْله : " الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِالْغَيْبِ " . وَالْغَيْب يَعُمّ الْآخِرَة وَغَيْرهَا ; وَلَكِنْ ذَكَرَهَا لِعِظَمِهَا , وَالتَّنْبِيه عَلَى وُجُوب اِعْتِقَادهَا , وَالرَّدّ عَلَى الْكَفَرَة الْجَاحِدِينَ لَهَا ; وَكَمَا قَالَ : " الرَّحْمَن الرَّحِيم " فَذَكَرَ " الرَّحْمَن " الَّذِي هُوَ عَامّ وَذَكَرَ " الرَّحِيم " بَعْده , لِتَخْصِيصِ الْمُؤْمِنِينَ بِهِ فِي قَوْله : " وَكَانَ بِالْمُؤْمِنِينَ رَحِيمًا " . وَقَالَ أَبُو حَاتِم : إِنَّ مَالِكًا أَبْلَغَ فِي مَدْح الْخَالِق مِنْ " مَلِك " , و" مَلِك " أَبْلَغ فِي مَدْح الْمَخْلُوقِينَ مِنْ مَالِك ; وَالْفَرْق بَيْنهمَا أَنَّ الْمَالِك مِنْ الْمَخْلُوقِينَ قَدْ يَكُون غَيْر مَلِك وَإِذَا كَانَ اللَّه تَعَالَى مَالِكًا كَانَ مَلِكًا , وَاخْتَارَ هَذَا الْقَوْل الْقَاضِي أَبُو بَكْر بْن الْعَرَبِيّ وَذَكَرَ ثَلَاثَة أَوْجُه ;

الْأَوَّل : أَنَّك تُضِيفهُ إِلَى الْخَاصّ وَالْعَامّ , فَتَقُول : مَالِك الدَّار وَالْأَرْض وَالثَّوْب , كَمَا تَقُول : مَالِك الْمُلُوك .

الثَّانِي : أَنَّهُ يُطْلَق عَلَى مَالِك الْقَلِيل وَالْكَثِير ; وَإِذَا تَأَمَّلْت هَذَيْنِ الْقَوْلَيْنِ وَجَدْتهمَا وَاحِدًا .

وَالثَّالِث : أَنَّك تَقُول : مَالِك الْمُلْك ; وَلَا تَقُول : مَلِك الْمُلْك .

قَالَ اِبْن الْحَصَّار : إِنَّمَا كَانَ ذَلِكَ لِأَنَّ الْمُرَاد مِنْ " مَالِك " الدَّلَالَة عَلَى الْمِلْك - بِكَسْرِ الْمِيم - وَهُوَ لَا يَتَضَمَّن " الْمُلْك " - بِضَمِّ الْمِيم - و" مُلْك " يَتَضَمَّن الْأَمْرَيْنِ جَمِيعًا فَهُوَ أَوْلَى بِالْمُبَالَغَةِ . وَيَتَضَمَّن أَيْضًا الْكَمَال , وَلِذَلِكَ اِسْتَحَقَّ الْمُلْك عَلَى مَنْ دُونَهُ ; أَلَا تَرَى إِلَى قَوْله تَعَالَى : " إِنَّ اللَّه اِصْطَفَاهُ عَلَيْكُمْ وَزَادَهُ بَسْطَة فِي الْعِلْم وَالْجِسْم " [ الْبَقَرَة : 247 ] وَلِهَذَا قَالَ عَلَيْهِ السَّلَام : ( الْإِمَامَة فِي قُرَيْش ) وَقُرَيْش أَفْضَل قَبَائِل الْعَرَب , وَالْعَرَب أَفْضَل مِنْ الْعَجَم وَأَشْرَف . وَيَتَضَمَّن الِاقْتِدَار وَالِاخْتِيَار وَذَلِكَ أَمْر ضَرُورِيّ فِي الْمِلْك , إِنْ لَمْ يَكُنْ قَادِرًا مُخْتَارًا نَافِذًا حُكْمه وَأَمْره , قَهَرَهُ عَدُوّهُ وَغَلَبَهُ غَيْره وَازْدَرَتْهُ رَعِيَّته , وَيَتَضَمَّن الْبَطْش وَالْأَمْر وَالنَّهْي وَالْوَعْد وَالْوَعِيد ; أَلَا تَرَى إِلَى قَوْل سُلَيْمَان عَلَيْهِ السَّلَام : " مَا لِيَ لَا أَرَى الْهُدْهُد أَمْ كَانَ مِنْ الْغَائِبِينَ . لَأُعَذِّبَنَّهُ عَذَابًا شَدِيدًا " [ النَّمْل : 20 , 21 ] إِلَى غَيْر ذَلِكَ مِنْ الْأُمُور الْعَجِيبَة وَالْمَعَانِي الشَّرِيفَة الَّتِي لَا تُوجَد فِي الْمَالِك .

قُلْت : وَقَدْ اِحْتَجَّ بَعْضهمْ عَلَى أَنَّ مَالِكًا أَبْلَغ لِأَنَّ فِيهِ زِيَادَة حَرْف ; فَلِقَارِئِهِ عَشْر حَسَنَات زِيَادَة عَمَّنْ قَرَأَ مَلِك . قُلْت : هَذَا نَظَر إِلَى الصِّيغَة لَا إِلَى الْمَعْنَى , وَقَدْ ثَبَتَتْ الْقِرَاءَة بِمَلِكِ وَفِيهِ مِنْ الْمَعْنَى مَا لَيْسَ فِي مَالِك , عَلَى مَا بَيَّنَّا وَاَللَّه أَعْلَم .

لَا يَجُوز أَنْ يَتَسَمَّى أَحَد بِهَذَا الِاسْم وَلَا يُدْعَى بِهِ إِلَّا اللَّه تَعَالَى ; رَوَى الْبُخَارِيّ وَمُسْلِم عَنْ أَبِي هُرَيْرَة قَالَ قَالَ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( يَقْبِض اللَّه الْأَرْض يَوْم الْقِيَامَة وَيَطْوِي السَّمَاء بِيَمِينِهِ ثُمَّ يَقُول أَنَا الْمَلِك أَيْنَ مُلُوك الْأَرْض ) وَعَنْهُ أَيْضًا عَنْ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : ( إِنَّ أَخْنَع اِسْم عِنْد اللَّه رَجُل تَسَمَّى مَلِك الْأَمْلَاك - زَادَ مُسْلِم - لَا مَالِك إِلَّا اللَّه عَزَّ وَجَلَّ ) قَالَ سُفْيَان : مِثْل : شَاهَانْ شَاه . وَقَالَ أَحْمَد بْن حَنْبَل : سَأَلْت أَبَا عَمْرو الشَّيْبَانِيّ عَنْ أَخْنَع ; فَقَالَ : أَوْضَع . وَعَنْهُ قَالَ : قَالَ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( أَغْيَظ رَجُل عَلَى اللَّه يَوْم الْقِيَامَة وَأَخْبَثه رَجُل [ كَانَ ] يُسَمَّى مَلِك الْأَمْلَاك لَا مَلِك إِلَّا اللَّه سُبْحَانه ) . قَالَ اِب
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
 
الفاتحة ج 3: تفسير القرطبي
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
حفدة الأيوبي ( كامل أحمرو) - أويس و إياس أحمرو الأيوبي - Al-Ayoubi Grandsons : Oways & Iyas  :: القرآن الكريم وعلومه - Holy Qur'an & Interpretation-
انتقل الى: